حكايات عصرية

إسلام مسعودة

إسلام مسعودة :

قال الله عز وجل :

” إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ “. (آل عمران : 19)

تعود أصول اليهود في البحرين إلى عدد من المهاجرين العراقيين الذين اشتغلوا بالتجارة والاقتصاد والسياسة منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر .

وموقع [ العربية.نت ] ( الإنجليزي ) حاور السياسية البحرينية اليهودية وسيدة الأعمال ( نانسي خضوري ) التي وثّقت تاريخ اليهود البحرينيين في كتاب تحت عنوان : [ من بدايتنا حتى يومنا الحاضر ].

وقالت فيما قالت :
ينحدر اليهود البحرينيون ، ذوو الحضور التاريخي الحيوي ، من خلفية تاريخية مشتركة غير أن أعدادهم تراجعت من عدة مئات إلى 36 شخصًا فقط حاليًا ، لكنهم يساهمون بفعالية في الحوار بين الأديان .

وتعود أصول يهود البحرين إلى مهاجرين جاءوا من العراق في العقد الثامن من القرن التاسع عشر في ظل حكم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة .. ورغم أن أرقامًا تاريخية سابقة أشارت إلى أن أقدم يهودي أقام بالبحرين منذ 1873 لكن من المتعارف عليه إجمالًا أن اليهود الأوائل في الأرخبيل ، قدموا للبحرين من البصرة في أواخر 1880 .

وعائلتي الحالية تتضمن الجيل الثالث ، لكن هناك عائلات يهودية بحرينية تتألف من خمسة أجيال .. وتعود أصول عائلتي إلى العراق .

وعمومًا فإنّ يهود البحرين هم سفرديم . (انتهى)

  • أما عن قصة إسلام مسعودة ، فقد جاء على النحو التالي :

في مطلع القرن العشرين وصلت إلى البحرين ، عوائل يهودية مهاجرة قادمة من العراق وإيران لكي تستقر فيها ، وكان من ضمنها عائلة ( شاؤول أبو مزيكا ) قدمت من بغداد مكونة من أب وأم وابنتهما ( مسعودة ) سكنت العائلة في العاصمة ( المنامة ) في منطقة ( الحورة ) على وجه التحديد .

كانت الابنة مسعودة في غاية الحسن والجمال ، وعلى مستوى عال من الذكاء والفطنة والثقافة ، وكانت تجيد أكثر من لغة بحكم دراستها قبل قدومها في مدارس العراق الراقية في ذاك الزمن ، والتي كانت تحت الإدارة البريطانية ، عمل ( الأب ) في تجارة الذهب كعادة اليهود ، وعملت الأم وابنتها في خياطة الملابس والتطريز ، والذي يحتاج إلى دقة ومهارة وخاصة الفساتين التي تُسمى ( النشل ) وكانت تُحاك بخيوط الذهب والفضة ، وتلبسه العروس ليلة عرسها أو في السهرات .

ومن خلال محل الخياطة تعرفت العائلة على الأسر البحرينية .

واندمجت مسعودة مع بناتها وخاصة بنات الأسرة الحاكمة .

عندما بلغت مسعودة عامها السابع عشر حدث مالم يكن في الحُسبان ، أعلنت مسعودة إسلامها مما شَكَّل مفاجأة وصدمة عنيفة لوالديها المتدينين كيف تترك ابنتهما الوحيدة ( اليهودية ) دين الآباء والأجداد والذي تربت عليه منذ نعومة أظفارها .

حاول والداها ثنيها عن دينها الجديد بشتى الوسائل فاستخدما الحوار والنقاش ثم استخدموا أساليب الترهيب والتعذيب ، من ضرب بالعصي والكي بالنيران والحرمان من الطعام والشراب ، والحبس في البيت أسابيع طويلة ، ولكنها كانت صامدة وصابرة وأصرت على إسلامها .

استعان والدها بالمستشار ( تشالز بلجريف ) والذي كان مستشارًا لحاكم البحرين آنذاك الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة رحمه الله وحدثها ( بلجريف ) كثيرًا عن ضرورة رجوعها إلى اليهودية ، وكان مما قال لها : كيف تتركين دينك ودين آبائك وتدخلين دين هؤلاء البدو المتخلفين الهمج ؟! هل مَسّكِ الجنون يا مسعودة ؟ أم أنها حالة مؤقتة وسوف ترجعين إلى صوابك ؟
أجابته : لقد آمنت بالإسلام واقتنعت بالقرآن وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ، ولن أرجع عن ديني الجديد ولو تم تقطيعي إلى أشلاء وأجزاء .
حينها قال المستشار : لا فائدة منها ، فقد سحرها المسلمون في البحرين .

انتشر خبر إسلام ( مسعودة شاؤول ) في البحرين كلها ، وحَبْس والدها لها في المنزل وتعذيبها ، ووصل الخبر إلى حاكم البحرين الشيخ حمد آل خليفة فاستدعى والدها لمقابلته وطلب منه أن يضم ابنته ( مسعودة ) مع بناته معززة مكرمة ، وقد وافق والد مسعودة في نهاية المطاف .

وهكذا انتقلت ( مسعودة ) من بيت والدها ( شاؤول ) إلى قصر حاكم البحرين وعاشت فيه عدة سنوات ، وعندما وصل الخبر إلى كبير حاخامات العراق ( يوسف زيلوف ) أرسل إلى السلطات البريطانية في البحرين طلبًا لاستعادتها إلى بغداد لكن شيخ البحرين رفض ذلك الطلب .

الغريب أن مسعودة لم يَدْعُها أحد إلى الإسلام ، لكن عندما يسألها أحد عن سبب إسلامها تقول : إنه القرآن الكريم ؛ لقد تأثرت به وبأحكامه وروحه الإنسانية وعظمة تشريعاته ، وسمو أخلاقه ، وصفاء عقيدته ، تأثرت به غاية التأثر ، كما شُغِفْتُ حبًّا بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وبسيرته وسيرة أصحابه الكرام .

تزوجت مسعودة من أحد تجار البحرين وهو السيد ( محمد علي أمين العوضي ) ونقلها من جديد إلى منطقة بيته في ( الحورة ) التي خرجت منها بعد إسلامها .

يتذكرها أطفال البحرين أنهم كانوا يذهبون إلى بيتها للحصول على الحلوى وبعض النقود ، وكانت حريصة وهي تعطيهم الحلوى أن تسألهم عن المواظبة على الصلاة في المسجد وحفظهم للقرآن الكريم ، وكانت تمنع عنهم الحلوى إذا رأت منهم تقصيرًا ، فتقول : سوف أجعل زوجي محمد يراقب حضوركم إلى المسجد للصلاة .

وعندما تُوفي زوجها ترك لها ثروة كبيرة ، خصصت جزءًا منها لتحفيظ القرآن الكريم والعناية بالأيتام .

يتذكرها أحدهم فيقول :
قالت لي جدتي خبرًا عجيبًا عن مسعودة يوم إعلان قيام دولة إسرائيل 15 مايو 1948 ، حيث زارتها مسعودة وهي تبكي وقالت : هؤلاء اليهود أنا أعرفهم جيدًا ، سيرتكبون المذابح في فلسطين .

صدقت مسعودة فبعد أسابيع قليلة قام اليهود بمذبحة دير ياسين الرهيبة ، واستمرت المذابح إلى يومنا هذا .

التزمت الحاجة مسعودة بحجابها الشرعي من أول يوم أسلمت فيه وإلى آخر يوم من حياتها ، قضت مسعودة أيامها الأخيرة في دار المسنين والعجزة حتى وافاها الأجل .

ندعوكم لقراءة : إسلام جيفري لانج

  • أوصت بثلاث وصايا :

الأولى : حافظوا على تطبيق القرآن ؛ فهو شرفٌ لكم ولأبنائكم .

والثانية : الله .. الله في أبنائكم ربّوهم على الدين .

الوصية الثالثة : أن تُدفن في مقابر المسلمين .

اللهم أحينا على الإسلام ، وأمتنا على الإسلام ، واحشرنا في زمرة نبي الإسلام ، صلى الله عليه وسلم .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى