أوصاف عباد الرحمن
يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز عن أوصاف عباد الرحمن :
” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتابًا * وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَمًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ” (الفرقان : 63 – 76) .
أوصاف عباد الرحمن :
وهي إحدى عشرة صفة ؛ كما جاء في التفسير المنير :
- الصفة الأولى : التواضع والطاعة لله تعالى : ويكون ذلك بالعلم بالله والخوف منه ، والمعرفة بأحكامه ، والخشية من عذابه وعقابه .
- الصفة الثانية : الحلم والكلام الطيب : فإذا أوذوا قابلوا الإساءة بالإحسان .
- الصفة الثالثة : التهجّد ليلًا : أي العبادة الخالصة لله تعالى في جوف الليل ؛ فإنها أكثر خشوعًا ، وأضبط معنى ، وأبعد عن الرياء.
- الصفة الرابعة : الخوف من عذاب الله تعالى : أي إنهم مع طاعتهم مشفقون خائفون وجلون من عذاب الله ، سواء في سجودهم وقيامهم ؛ لأن عذاب جهنم لازمٌ دائمٌ غير مفارق ، وبئس المستقر ، وبئس المقام ، وهم يقولون ذلك عن علم ، وإذا قالوه عن علم ، كانوا أعرف بعظم قدر ما يطلبون ، فيكون ذلك أقرب إلى النجاح .
- الصفة الخامسة : الاعتدال في الإنفاق : دون إسراف ولا تقتير والمراد من النفقة نفقة الطاعات في المباحات ، فهذه يُطالَب فيها الإنسان ألا يفرط فيها حتى يضيع حقًا آخر أو عيالًا ، وألا يُضَيِّق أيضًا ويقتر ، حتى يجيع العيال ، ويفرط في الشح ، والحسن في ذلك هو القوام ، أي العدل ، والقوام في كل واحد بحسب حاله وعياله ، وصبره وجلده على الكسب ، وخير الأمور أوساطها ، وهذه الوسطية خير للإنسان في دينه وصحته ودنياه وآخرته .
أما النفقة في معصية الله فهو محظور حظرته الشريعة قليلًا كان أو كثيرًا ، وكذلك التعدي على مال الغير ، هو حرام أيضًا .
- الصفة السادسة : البعد عن الشرك بالله : وهو عبادة أحد مع الله أو عبادة غير الله ، وهو أكبر الجرائم ؛ لذا قال تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ ” (النساء : 48] .
- الصفة السابعة : اجتناب القتل : وهو إزهاق النفس الإنسانية عمدًا دون حق ، وهو اعتداء على صُنع الله ، وإهدار لحق الحياة الذي هو أقدس حقوق الإنسان .
- الصفة الثامنة : اجتناب الزنى : وهو انتهاك حرمة العرض ، وهو جريمة خطيرة تؤدي إلى اختلاط الأنساب ، وإشاعة الأمراض ، وهدم الحقوق ، وإثارة العداوات والأحقاد والبغضاء .. ومن يرتكب هذه الجرائم العظمى ( الشرك ، والقتل ، والزنى ) يُضاعَف له العذاب في نار جهنم ، ويكون مخلّدًا فيها ذليلًا خاسئًا مُبعدًا مطرودًا من رحمة الله تعالى .
- الصفة التاسعة : تجنب الكذب والباطل وشهادة الزور : فلا يحضر المسلم مجالس اللغو والكذب والغناء واللهو ونحوها ، ولا يؤدي شهادة الزور مهما كانت البواعث والأسباب ؛ لأنها محرمة لذاتها .
لذا قال أكثر أهل العلم : ولا تقبل له شهادة أبدا ، وإن تاب وحسنت حاله ، فأمره إلى الله تعالى .
- الصفة العاشرة : قبول المواعظ : فإذا قُرِئ القرآن عليهم ذكروا آخرتهم ومعادهم ، ولم يتغافلوا حتى يكونوا بمنزلة من لا يسمع .
- الصفة الحادية عشرة : الابتهال إلى الله تعالى : بجعل توابع الإنسان من أزواج وذريات هداة مهديين مطيعين لله ، تقرّ النفوس بهم ، وتثلج الصدور بسيرتهم العطرة ، وأن يكونوا أئمة وقدوة يقتدى بهم في الخير ، ولا يكون ذلك إلا إذا كان الداعي تقيًّا صالحًا .
اللهم اجعلنا وإياكم وجميع المسلمين في كل مكان من عباد الرحمن .