أخلاقيات رفيعة
أخلاقيات رفيعة :
يحثنا ديننا العظيم على التخلق بأخلاق فاضلة ؛ ولِمَ لا ، وربنا العظيم وصف نبينا الكريم بقوله : ” وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ “. (القلم : 4)
وورد عن نبي الإسلام محمد عليه الصلاة وأزكى السلام قوله : ” إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق ” ، وفي رواية : مكارم الأخلاق . (انظر صحيح الجامع للألباني)
هيا معًا مع بعض هذه المواقف المعبرة عن أخلاقيات الإسلام :
- قيل لرجل : ما نراك تعيب أحدًا ؟
قال : لستُ راضيًا عن نفسي ؛ حتى أتفرغ لذم الناس . - قال الولد لأبيه : صاحب القمامة عند الباب !
فرد الأب : يا بُني نحن أصحاب القمامة ، وهو صاحب النظافة ؛ جاء ليساعدنا . - قال حكيم في زماننا هذا : لا يحتاج الإنسان إلى شوارع نظيفة ليكون محترمًا ، ولكن الشوارع تحتاج إلى أناسٍ محترمين لتكون نظيفة .
- قال لصاحبه وهو يحاوره : كن في الحياة كاللاعب وليس كالحكم ؛ لأن الأول يبحث عن هدف ، والآخر يبحث عن خطأ.
- نقاط الماء تنحت الصخر ليس بقوتها ولكن بتواصلها ، فالكلمة الطيبة بدوامها تفتح القلوب وتُذيب الصخور ؛ فالكلمة الطيبة صدقة ، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .
- نصح صاحبه قائلًا له :
المحروم حقًّا هو الذي يعلم أن له لسانًا لا يتعب ؛ وهو لا يذكر الله في يومه أبدًا ! - قرأ : ﴿ وَتِلكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بين النَّاسِ ﴾ ؛ فأيقن أنها أيام ، وليست بشهورٍ ولا أعوام ، ثم ترحل معها الآلام .
- تدبر قول الله عز وجل : ﴿ وَلَمْ أكُن بدُعائكَ ربِّ شقِيّا ﴾ ؛ فأيقن أن صاحب الدعاء لا يشقى أبدًا .
- سلامًا على أرواح ، أوجعتها الجراح ، وأثقلتها الهموم في المساء وفي الصباح ، فكتمتها بكلمة :
الحمد لله ؛ فأكرمها العليم الفتاح .
– سيدة عاقلة :
تحكي إحدى السيدات عن موقف حدث معها ، وكان له الأثر الطيب في نفسها وعملها واستثمار وقتها .
تقول : مرة كنت في المواصلات العامة أتابع مسلسلًا في جوالي ، فنظرت إليّ امرأة تجلس بجانبي و قالت لي :
سأنصحك نصيحة ، يمكن أن تشاهدي المسلسل في أي وقت ، لكن هذا الطريق قد لا تمرين به مرة أخرى ، فحاولي أن تتركي أثرًا فيه يشهد لك يوم القيامة .
وتابعت : إن تفسير الآية ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) ، أن الأرض ستشهد بكل عمل يقوم به الإنسان فوقها يوم القيامة ، حتى إن المؤمن عندما یموت فإن المكان الذي كان يصلي فيه يبكي عليه ، فحاولي في كل مكان جديد تذهبين إليه أن تتركي أثرًا ، صلاة ، تسبيح ، استغفار ، قراءة قرآن ، أي نوع من أنواع الذِكر .
وتذكري قول أبي الدرداء : ” اذکروا الله عند كل حجيرة وشجيرة لعلها تأتي يوم القيامة فتشهد لكم “.
– معادلة الخوارزمي الرائعة :
يقال إن شخصًا وجه سؤالًا إلى الخوارزمي -عالم الرياضيات- عن قيمة الإنسان ؛ فأجاب :
إذا كان الإنسان ذا ( أخلاق ) فهو =١
وإذا كان الإنسان ذا ( جمال ) أيضًا ، فأضف إلى الواحد صفرًا =١٠
وإذا كان ذا ( مال ) أيضًا ، فأضف صفرًا آخر =١٠٠
وإذا كان ذا ( حسب ونسب ) ، فأضف صفرًا آخر =١٠٠٠
فإذا ذهب العدد واحد وهو ( الأخلاق ) ؛ ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار التي لا قيمة لها !
– كتب إلى الناس عبر منصات التواصل الاجتماعي ناصحًا إياهم بأسلوب مهذب ، يقول :
قال الله تعالى في كتابه العزيز : ” وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِي ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ مَهْجُورًا “. (الفرقان : 30)
إذا كُنْتَ تنتظِر لِقراءة القُرآن الوقتَ المناسِب ، واعتدال نومِك ، وصفاء ذهنِك ، واستقامة كذا وانقِضاء الأسبُوع الفلاني ، فلَن تسموَ أبدًا ؛ اقرأ وأنتَ واقف في ساحات الانتظار ، استمع وأنتَ في السيارة ، احفظ تحت ظلال الأحزان ، واختفِ عن الضجيج للمُراجعة .
لَن تجد الوقت المُناسِب مالم تصنعهُ بجهدك ، وتجاهد بسيف العزم ، وتدّرع لنيله بقوة الصبر وغليظ المُجاهدة .
كم مرّ من عمرنا ونحن ننتظر الوقت المناسب !ㅤ
– قال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله :
رأيت أبي عند موته ينظر ، قلت : يا أبت ، إلى أي شيءٍ تنظر ؟
قال : هذا مَلَك الموت قائم بحذائي يقول : إني بكل سخيٍّ رفيق . (طبقات الحنابلة ج 1 ص 179)
بحذائي : بجانبي .
سخيّ : كريم جواد مِعطاء .
– الحي الذي لا يموت :
رجلٌ يبكي على قبر ، فقال له الفقيه : يا هذا !
ما الذي يبكيك ؟ قال الرجل : أبكي على من أحببت ، ففارقني .
فقال له الفقيه : ذنبك أنك أحببت من يموت ، لو أنك أحببت الحي الذي لا يموت ؛ لما فارقك ابدًا .
ندعوكم لقراءة : الأعمال بالنيات
– التوكُّل على الله :
التوكل على الله سببٌ كبيرٌ من أسباب الراحة النفسية ؛ ففي التوكُّل راحة ، ويقين بأنَّ الله أكبر من أي شيء ، أكبر من المشاكل ، والناس ، والظروف ، والصعاب .
أكبر من الحياة كلها ؛ رغم أنَّ الإنسان قليل الحيلة ؛ إلا أنَّ إحساس الأمان بالله يهوِّن عليه كل شيء ويجعله أقوى من أي شيء .
فكرة أنَّ الله هو مُدبِّر شؤون حياتك كلها ؛ أمان .
فلا تبحث عن الأمان والنجاة وسط الناس ، بل توكَّل على ربّ الناس ، وكن على يقين بأنَّه وكيلك في كل مشاكلك ، كن على يقين بأنَّه سيدبِّر لك كل الخير الذي تتوقعه والذي لا تتوقعه .. سبحانه من ربٍّ عظيم قادر .
اللَّهُمَّ إني توكَّلت عليك ووكَّلت أمري إليك ؛ فبشِّرني بما أريد وبما اخترته لي خيرًا .
– الجمال الحقيقي :
قال في أحد مجالسه واصفًا الجمال الحقيقي :
الجمال الحقيقي يتمثل في : سلامة قلبك ، وصفاء نيّتك ، وتمنّيك الخير لغيرك ، وستجد كل ذلك عند الله ، يُسخِّر لك الأحداث ، والمواقف ، والأشخاص ، من حيث لا تحتسب ، وتجد الخير يسعى إليك من حيث لم تطلب .
البَشاشَة ، وَالكَلمَة الطَيبةْ ، وَالقَلبْ الصَافيْ : هُم الجَمَالْ الحَقِيقِي لأيْ إنسَان .
– فوائد الابتلاء :
قال الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى عندما تكلم عن فوائد ابتلاء المؤمنين :
{ ومِن رحمته -عز وجل- أنْ نغّص عليهم الدنيا وكدّرها لئلا يسكنوا إليها ، ولا يطمئنوا إليها .. ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وفي جواره ؛ فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان ؛ فمنعهم ليعطيهم ، وابتلاهم ليعافيهم ، وأماتهم ليُحييهم }. (إغاثة اللهفان : ٩١٧/٢)
– ضع بصمتك :
قال تعالى : ” وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى ٱلْخَيْرِ “. (آل عمران : 104)
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ” من دعا إلى هدًى ، كان له من الأجرِ مثلُ أجورِ من تبِعه ، لا يُنقِصُ ذلك من أجورِهم شيئًا ، ومن دعا إلى ضلالةٍ ، كان عليه من الإثمِ مثلُ آثامِ من تبِعه ، لا يُنقِصُ ذلك من آثامِهم شيئًا “. (رواه مسلم)
– كن رائعًا :
قد تكون أنت الرائع وأنت لا تدري !
ليست الروعة بالإنجازات فحسب ، بل الروعة بروحك الصافية وإلهامك للآخرين أن ينجحوا وأن يستمروا .
الروعة أن تعطيهم الأمل كل يوم وأنت لا تدري .
الروعة أن تصحبهم في حياتهم وأن ترسم الابتسامة على شفاههم حتى وإن كانت غائبة عنك .
الروعة أن تكون بذلًا وعطاءً ؛ فالفراشات لا تعرف ألوان أجنحتها ولكن أعين البشر تعرف مدى روعتها .
أنت لا تعرف مدى روعتك !
ولكن هناك من البشر من يعرف مدى أهميتك وروعتك !
ربما تنام وعشرات الدعوات تُرفع لك ؛ من فقير أعنته ، أو جائع أطعمته ، أو حزين أسعدته ، أو مكروب نفٌَست عنه .
فلا تستهن بفعل الخير .
وتذكر أن الأخلاق لا تموت بعد الرحيل .
كن رائعًا .
– الفضيل بن عياض :
من قاطع طريق إلى عابد الحرمين الدال على الطريق .
صدق الله ، فأجرى الحكمة على لسانه ، فـ الفضيل ممّن نفعه علمه .
قال رحمه الله :
{ هاه ! .. تُريد أنْ تسكنَ الفِردوس ، وتُجاوِر الرحمٰن في دارِه مع النبيِّين والصدِّيقين والشُهداء والصّالحين ؟
بأيِّ عملٍ عملتَه ؟
بأيِّ شهوةٍ تركتَها ؟
بأيِّ غيظٍ كتمتَه ؟
بأيِّ رحمٍ وصلتَها ؟
بأيِّ زلّةٍ لأخيك غفرتَها ؟
بأيِّ قريبٍ باعدتَه في ﷲ ؟
بأيِّ بعيدٍ قاربتَه في ﷲ ؟ }.
لله جهادنا ؛ فاعمل !