من هَدي الحبيب ﷺ

إكرام الكبير

إكرام الكبير :

نبينا محمد المعلم صلى الله عليه وسلم قدوة العالمين سمتًا وصمتًا وكلاما ، صلى الله وبارك عليه وعلى آله الألى بهم المجد تسامى ، وصحابته الغر الذين كانوا لسفاسف القول لجاما ، وفي تألق الكلم بدورًا وأعلاما ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان يرجو من الفوز مراما ، وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا ما تعاقب الثقلان وداما .

تنفس من عطور الصبح ذكرا … ليشرح يومك الميمون صدرا
وصلِّ على النبي صلاةَ حُبٍّ … يصلي عليك رب الكون عشرا

** قال رسول الله ﷺ :
” إن من إجلال الله تعالى : إكرام ذي الشيبة المسلم ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ، والجافي عنه ، وإكرام ذي السلطان المقسط “.
( أخرجه أبو داود في الأدب : 4843 ، والبيهقي في سننه : 163/8 ).

إن من إجلال الله سبحانه وتعالى ؛ أي : من تعظيمه وتبجيله جلَّ في علاه ، إكرام ذي الشيبة ؛ أي تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام ؛ بتوقيره والرفق به والشفقة عليه .
وكذلك حاملِ القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه ، الذي يترك تلاوته ، أو يترك العمل به .
أما ذو السلطان المقسط ؛ فهو العادل ، وهذا الصنف قليلٌ اليوم في دنيا الناس ، ولله الأمر من قبل ومن بعد .

هؤلاء الثلاثة الذين ذكرهم النبي ﷺ ، وهكذا من كان بمنزلتهم فإنهم يُقَدَّمُون على غيرهم من الناس .

فالكبير كبير ، له حقٌّ كبير ، والوالد له حقٌّ كفله له العليم الخبير ، والعالم له حقًٌ هو به جدير .

وهكذا كلٌّ بحسبه ، فلا يستوي الناس الصغير مع الكبير ، والعالم مع الجاهل ، وما شابه ذلك ، فهذه أمور إذا عرفها المسلم انبعث من ذلك ونشأ عنه الخلق اللائق في التعامل مع الناس ، يعرف للناس حقهم .

إنه الإسلام يا سادة ، ما أعظمه من دين ، يحثنا على مكارم الأخلاق ، وعظيم الصفات .

** كَبِّر .. كَبِّر :

حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ قال :
” أراني في المنام أتسوك بسواك ، فجاءني رجلان أحدهما أكبر من الآخر ، فناولت السواك الأصغر ، فقيل لي : كبِّر ، فدفعته إلى الأكبر منهما “.
﴿ أخرجه البخاري في الوضوء : 246 ، ومسلم في الزهد : 70 ﴾.

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم لمن يؤم الناس في الصلاة ، بالترتيب :
أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء ؛ فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء ؛ فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء ؛ فأقدمهم سِنًّا .
هكذا يتميز الكبير إذا تساوى مع الآخرين في السبق والفضل .
هذا هو المعلم ، صلى الله عليه وسلم ، الذي علّم المتعلمين ، يُنزِل الناس منازلهم ، بأبي هو وأمي وروحي .
صلى الله على محمد ، صلى الله عليه وسلم .

ندعوكم لقراءة : المسنون في الغرب

** الوالدان عند الكبر :

أَمَر ربك -أيها الإنسان- وألزم وأوجب أن يُفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة ، وأمر بالإحسان إلى الأب والأم ، وبخاصة حالةُ الشيخوخة ، فلا تضجر ولا تستثقل شيئًا تراه من أحدهما أو منهما ، ولا تسمعهما قولًا سيئًا ، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ ، ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح ، ولكن ارفق بهما ، وقل لهما -دائما- قولًا ليِّنًا لطيفًا .

قال عز من قائل :
« وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ». (الإسراء : 23-24)

** رسالة من صديق :

وصلتني هذه الرسالة من صديق عزيز ، بارك الله فيه ، تقول الرسالة :

  • كبار السن : أحوج من أطفالنا إلى التدليل ، والاسترضاء ، والعاطفة ، والحنان ، والرفق ، والرحمة ، والصبر ، والسهر ، والتضحية .
  • كبار السن : الكلمة التي كانت لا تريحهم حال قوتهم ، الآن تجرحهم والتي كانت تجرحهم الآن تذبحُهم !!
  • كبار السن : فقدوا الكثير من حيوية الشباب ، وعافية الجسد ، ورونق الشكل ، ومجد المنصب ، وضجيج الحياة وصخب الدنيا !!
  • كبار السن : فقدوا والديهم وفقدوا كثيرًا من رفقائهم ، فقلوبهم جريحة ونفوسهم مطوية على الكثير من الأحزان .
  • كبار السن : لم يعودوا محور البيوت وبؤرة العائلة كما كانوا قبل ؛ فانتبه ولا تكن من الحمقى فتشقى !!
  • كبار السن : قد يرقدون ولا ينامون ، وقد يأكلون ولا يهضمون ، وقد يضحكون ، ولا يفرحون ، وقد يوارون دمعتهم تحت بسمتهم.
  • كبار السن : يؤلمهم بُعدُك عنهم ، وانصرافُك من جوارهم ، واشتغالُك بهاتفك في حضرتهم .
  • كبار السن : يحتاجون من يسمع لحديثهم ، ويأنس لكلامهم ، ويبدو سعيدًا بوجودهم .
  • كبار السن : أولى من الأطفال بمراعاتهم والحنان عليهم والإحساس بهم .
  • كبار السن : حوائجهم أبعد من طعام وشراب وملبسٍ ودواء بل وأهم من ذلك بكثير ، فهل من عاقل ؟!
  • كبار السن : يحتاجون إلى بسمةٍ في وجوههم ، وكلمةٍ جميلة تطرق آذانهم ، ويدًا حانية تمتد لأفواههم ، وعقلًا لا يضيق برؤياهم .
  • كبار السن : يراوحون بين ذكريات ماضٍ ولى ويزداد بعدًا وبين آمال مستقبلٍ آتٍ وقد لا يجيء فلا يفوتك تقدير هذا .
  • كبار السن : لديهم فراغ يحتاج عقلاء رحماء يملؤونه .
  • كبار السن : غادر بهم القطار محطة اللذة ، وصاروا في صالة انتظار الرحيل ، ينتظرون الداعي ليلبوه .
  • كبار السن : قريبون من الله دعاؤهم أقرب إلى القبول ؛ فاغتنم قبل نفاد الرصيد .
  • كبار السن : هم الأب ، والأم ، والجد ، والجدة ، وسواهم من ذوي القرابات ممن شابت شعورهم ويبست مشاعرهم .
  • اجعلهم يعيشون أيامًا سعيدة ، ولياليَ مشرقة ، ويختمون كتاب حياتهم بصفحات ماتعة من البر والسعادة حتى إذا خلا منهم المكان لا تصبح من النادمين .
  • هم كبار السن الآن ، وسيذهبون ، وعما قليل ستكون أنت هذا الكبيرَ المسنَّ .
    فانظر ما أنت صانع وما أنت زارع !
  • كن العِوضَ عما فقدوا ، وكن الربيعَ في خريف عمرهم وكن العُكّازَ فيما تبقى .
  • سلامٌ على كبارِ السن ، وسلامٌ على من يراعون كبارَ السن .
شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى