الإمام والقطة
الإمام والقطة :
الإمام الجزائري وليد مهساس ، ومعه قطة ، هما سيدا المشهد الذي تناقلته وسائل الإعلام المختلفة ، ووسائل التواصل الاجتماعي .
قناة الـ سي إِن إِن الأمريكية تنشر على موقعها في انستغرام فيديو الإمام الجزائري وليد مهساس الذي كان يصلي بالناس التراويح وشاغلته قطة ، وعاملها بلطف ورفق وهدوء .
تعليقات غير المسلمين جميلة ، إنسانية تعكس تغيرًا واضحًا حول ما ترسخ في عقول الناس عن الإسلام والمسلمين .
وكان مما قالوه :
- ” لقد شَعَرَت القطة بذلك أيضًا “.
- ” الهدوء القوي “.
- ” لا أعرف ماذا يقول لكنه جميلٌ جدًا “.
- ” يا الله ، لقد أزال كل قلقي ، يا لها من لحظة بهيجة “.
- ” أشعر بقوة تلك الصلاة “.
- ” مسيحية ، لكني معجبة بالإسلام جدًا “.
- ” أنا كاثوليكي لكني معجبٌ بالإسلام “.
وكثيرٌ من التعليقات الجميلة الأخرى .
قال أحد الدعاة المسلمين في خطبة له تعليقًا على هذا المشهد الرائع :
تلك القطة ، التي نسفت الخطة !!
ملايين الأموال أُنفقت عبر المسلسلات التي تعبث بعقول الناس ، وتحاول إظهار صورة المتدين بثورة بشعة ؛ بوحشية وقسوة ، فجاءت هذه القطة لتتسلق على كتف ذلك الإمام ، وكيف يظهر الإمام حفاوته بهذا الحيوان ، وكيف تبادل الطرفان تلك المحبة والحنان .
وواصل قائلًا :
جاءت هذه القطة بمقطع لا يتجاوز الدقيقة والذي انتشر انتشارًا واسعًا ، فأظهر الوجه الحقيقي للإسلام ؛ لأن الإسلام دين رحمة مع الحيوان ، ومع الإنسان من باب أولى .
وما يعلم جنود ربك إلا هو .
- وها أنا ذا أزيدكم من الشعر بيتًا ، بل أبياتًا ، فأقول بكل تدقيق ، وبالله التوفيق :
إن نبي الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم كان أول من علَّم الإنسانية حقوق الإنسان ، وكذلك حقوق الحيوان ، والأحاديث في الأمرين جميعًا كثيرة وصحيحة ؛ ومنها على سبيل المثال ، وليس على وجه الإجمال :
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال :
” بينما رجل يمشى فاشتد عليه العطش فنزل بئرًا فشرب منها ، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث ، يأكل الثرى من شدة العطش ، قال : لقد بلغ هذا الكلب مثل الذي بلغ بي ، فملأ خفه ، ثم أمسكه بفيه ، ثم رقي ، فسقى الكلب ! فشكر الله له ، فغفر له “.
قالوا يا رسول الله : وإن لنا في البهائم أجرا ؟
قال : ” في كل كبد رطبة أجر “.
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش ، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به “.
ومعنى الركية : البئر .
روى البخاري وغيره عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ” عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ “. (أخرجه البخاري)
روى أحمد وأبو داود عن عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطًا لرجل من الأنصار ، فإذا فيه جمل ، فلما رأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم حَنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فقال : ” من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟ “.
فجاء فتى من الأنصار فقال : لي يا رسول الله ، فقال : ” أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؟ فإنه شكا إليّ أنك تجيعه وتدئبه ”.
ومعنى ذفراه : مؤخرة رأسه ، ومعنى تدئبه : تتعبه .
ندعوكم لقراءة : آیات غيرت حيوات
– لو شاء لهداكم أجمعين :
تُرى ماذا قرأ الإمام الجميل ، صاحب الصوت الجميل في هذا المشهد الرائع الذي شاهده مليار وستمائة مليون إنسان فوق كوكب الأرض ؟
لقد قرأ من كتاب الله آيات بينات من سورة الأنعام ، وختم بهذه الآية الكريمة :
« قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ». (الأنعام : 149)
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى :
وقوله تعالى : ( قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين ) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( قل ) لهم -يا محمد- : ( فلله الحجة البالغة ) أي : له الحكمة التامة ، والحجة البالغة في هداية من هدى ، وإضلال من أضل ، ( فلو شاء لهداكم أجمعين ) وكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره ، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويبغض الكافرين ، كما قال تعالى : ( ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ) [الأنعام : 35] ، وقال تعالى : ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) [يونس : 99] ، وقوله ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ) [هود : 118-119] .
قال الضحاك : لا حجة لأحد عصى الله ، ولكن لله الحجة البالغة على عباده .
أراد الله جل في علاه أن يسمع الدنيا كلها في مقطع صغير لا يتجاوز الدقيقة ، هذه الآية الكريمة ، وهم قد ترجموها ليعرفوا معناها ، وقد فهموا معناها ، وأصبحت حجة على المسلم وعلى غير المسلم ، وما يعلم جنود ربك إلا هو ، ويا لها من قطة !!
لو شاء الملك سبحانه وبحمده لوفَّق الناس أجمعين للإجماع على إفراده بالعبادة ، والبراءة من الأنداد في دنيا الناس ، والدينونة بتحريم ما حرم الله وتحليل ما أحله الله عز وجل ، وترك اتباع خطوات الشيطان التي تورد الناس موارد التهلكة ، وغير ذلك ، ولكنه لم يشأ ذلك لحكمة هو يعلمها .
خالف الله بين خلقه فيما شاء منهم ، فمنهم كافر ومنهم مؤمن .
فاللهم اجعلنا من المؤمنين الموحدين ، المعترفين بفضل الله تعالى علينا .
والحمد لله على نعمة الإسلام ، وعلى جميع نعم الملك جل وعلا .
ومـما زادني شـرفًـا وتـيــهـًا … وكدت بأخمصي أطأ الـثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي … وأن صـيَّرت أحمد لي نبيًّا
– القطط من الطوافين :
أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العديد من الأحاديث أن القطط طاهرة غير نجسة ، وكان يسميها من الطوافين والطوافات في البيوت ، وكان يتوضأ من الماء الذي شربت منه القطة واعتبره طاهرًا .
روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- : ” أنَّ مولاتَها أرسلَتها بِهَريسةٍ إلى عائِشةَ رضيَ اللَّهُ عنها فَوجدتُها تصلِّي فأشارَت إليَّ أن ضَعيها فجاءَت هرَّةٌ فأَكَلَت مِنها فلمَّا انصَرَفت أَكَلَت مِن حيثُ أَكَلتِ الهرَّةُ فقَالَت إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ إنَّها لَيسَت بنجَسٍ إنَّما هيَ مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُم وقد رأيتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يتوضَّأُ بفضلِها “.
( صححه الألباني في صحيح أبي داود ).
ورُوِي أنَّ أبا قتادةَ دخلَ فسَكبتُ لَهُ وضوءًا فجاءت هرَّةٌ فشرِبَت منْهُ فأصغى لَها الإناءَ حتَّى شرِبَت .
قالَت كبشةُ فَرآني أنظرُ إليْهِ ، فقالَ : أتَعجبينَ يا ابنةَ أخي ، فقُلتُ نعَم ، فقالَ : إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ قالَ :
” إنَّها ليسَت بنجَسٍ إنَّها منَ الطَّوَّافينَ عليْكم والطَّوَّافاتِ “.
( صححه الألباني في صحيح أبي داود ).