البركة
البركة :
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : { من بورك له في شيء فليلزمه }.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله :
{ يؤثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلمة نافعة جدًّا وهي :
( من بورك له في شيء فليلزمه ).
هذه كلمة عجيبة لو توزن بالذهب لوزنته ؛ يعني إذا عمل الإنسان عملًا ورأى فيه البركة والثمرة فليلزمه }.
- تعريف البركة :
قال الراغب : { البركة هي ثبوت الخير الإلهي في الشيء }.
قال تعالى : ” وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ “. (الأعراف : 96)
وسمي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البِرْكة .
والمبارك ما فيه ذلك الخير .
قال ابن القيم رحمه الله :
{ البركة حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار ، فمنه برك البعير : إذا استقر على الأرض ، ومنه المبرك : لموضع البروك }.
وقال صاحب الصحاح :
{ وكل شيء ثبت وأقام فقد برك ، والبَرْك الإبل الكثيرة ، والبِرْْكة بكسر الباء كالحوض ، والجمع البِرَك }.
ذكره الجوهري قال : يقال وسميت بذلك لإقامة الماء فيها ، والبركاء : الثبات في الحرب والجد فيها .
والبركة : النماء والزيادة ، والتبريك الدعاء بذلك ، ويقال باركه الله وبارك فيه ، وبارك عليه ، وبارك له .
وفي القرآن الكريم : ” أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا “. (النمل : 8)
وفيه : ” وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ “. (الصافات : 113)
وفيه أيضًا : ” تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا “. (الأنبياء : 81)
ندعوكم لقراءة : الحمد ومشتقاته
وفي الحديث النبوي الشريف : ” وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ “. (صححه الألباني في صحيح الترمذي)
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه قال لسعد بن الربيع -رضى الله عنهما- : ” بارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ “. (البخاري)
والمبارك الذي قد باركه الله ، كما قال الله تعالى على لسان المسيح عليه السلام : ” وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ “. (مريم : 31)
وكتابه مبارك ، قال تعالى : ” وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ “. (الأنعام : 92)
وقال تعالى : ” كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ “. (ص : 29)
وهو أحق أن يُسمَّى مباركًا من كل شيء لكثرة خيره ومنافعه ، ووجوه البركة فيه ، والرب تعالى يُقال في حقه تبارك ولا يقال مبارك ؛ كما قال ابن القيم في [ جلاء الأفهام ].
قال ابن الأثير -رحمه الله- عند شرحه ما جاء في حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم { بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ } [صحيح مسلم] ؛ أي أثبت له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه .
وتُطلق البركة أيضًا على الزيادة ، والأصل الأول .
( النهاية لابن الأثير ).
وقال ابن القيم رحمه الله في [ جلاء الأفهام ] :
{ فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ، ومضاعفته له وزيادته ، هذا حقيقة البركة }.
( وكتاب : جلاء الأفهام في فضائل الصلاة والسلام على خير الأنام ؛ كتاب لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ).
وبهذا يتضح أن البركة هي ثبوت الخير ودوامه ، أو كثرة الخير وزيادته ، أو هما معًا .