لغة الضاد

لامية العرب

تُنسَب ” لامية العرب ” إلى شاعر صعلوك يُدعَى الشَّنفرَى ، وهي من أهم قطع الشعر العربي ، وإن لم تكن من المعلقات إلا أنها توازيها في البناء والثراء اللغوي .

ومن الثابت أن الشنفرى أنشأ عصبة مع بعض رفاقه العدائين ، ومنهم تأبط شرًّا ، والسليك بن السلكة ، وعمرو بن البراق ، وأسيد بن جابر .

وهذه العصبة عُرفت في الأدب العربي بالشعراء الصعاليك .

وكان الشنفرى سريع العدو لا تدركه الخيل حتى قيل : { أعدى من الشنفرى } ، وكان يغير على بني سلامان .

عاش الشنفرى في البراري والجبال وحيدًا حتى ظفر به أعداؤه فقتلوه قبل 70 سنة من الهجرة النبوية .

ولامية الشنفرى دون سواها من لاميات الجاهليين ، التي سميت بهذا الاسم .. ولقد تناولها مشاهير الأدب واللغة بالشرح والتحليل ، ومنهم الزمخشري والمفضل الضبي والمبرد وغيرهم ، كما أُعجِب بها المستشرقون ، فتُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واليونانية .

ولعل من أسباب ولع الأدباء والمستشرقين بها ، جزالة ألفاظها ، وتعبيرها الصادق عن حياة العربي وأخلاقه زمن الجاهلية ، وعن حياة الصعاليك على وجه الخصوص .

أما الشَّنْفَرَى نفسه ، فهو ثابت بن أواس الحجر بن الهنوء الأزدي ، شاعر جاهلي ، من فحول الطبقة الثانية .

كان من فُتَّاك العرب وعدّائيهم .

وهو أحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم ، وقتله بنو سلامان .

قيست قفزاته ليلة مقتله ، فكانت الواحدة منها قريبًا من عشرين خطوة !

  • وإليكم القصيدة :

1- أَقِيمُـوا بَنِـي أُمِّـي صُـدُورَ مَطِيِّـكُمْ … فَإنِّـي إلى قَـوْمٍ سِـوَاكُمْ لَأَمْيَـلُ

2- فَقَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ وَاللَّيْـلُ مُقْمِـرٌ … وَشُـدَّتْ لِطِيّـاتٍ مَطَايَـا وَأرْحُلُ

3- وفي الأَرْضِ مَنْـأَى لِلْكَرِيـمِ عَنِ الأَذَى … وَفِيهَا لِمَنْ خَافَ القِلَـى مُتَعَـزَّلُ

4- لَعَمْـرُكَ مَا بِالأَرْضِ ضِيـقٌ على امْرِىءٍ … سَرَى رَاغِبًا أَوْ رَاهِبًا وَهْوَ يَعْقِـلُ

5- وَلِي دُونَكُمْ أَهْلُـون : سِيـدٌ عَمَلَّـسٌ … وَأَرْقَطُ زُهْلُـولٌ وَعَرْفَـاءُ جَيْـأََلُ

6- هُـمُ الأَهْلُ لا مُسْتَودَعُ السِّـرِّ ذَائِـعٌ … لَدَيْهِمْ وَلاَ الجَانِي بِمَا جَرَّ يُخْـذَلُ

7- وَكُـلٌّ أَبِـيٌّ بَاسِـلٌ غَيْـرَ أنَّنِـي … إذا عَرَضَتْ أُولَى الطَرَائِـدِ أبْسَـلُ

8- وَإنْ مُـدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أكُـنْ … بَأَعْجَلِهِـمْ إذْ أَجْشَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ

9- وَمَـا ذَاكَ إلّا بَسْطَـةٌ عَـنْ تَفَضُّـلٍ … عَلَيْهِـمْ وَكَانَ الأَفْضَـلَ المُتَفَضِّـلُ

10- وَإنّـي كَفَانِـي فَقْدَ مَنْ لَيْسَ جَازِيًا … بِحُسْنَـى ولا في قُرْبِـهِ مُتَعَلَّـلُ

11- ثَـلاَثَـةُ أصْحَـابٍ : فُـؤَادٌ مُشَيَّـعٌ … وأبْيَضُ إصْلِيتٌ وَصَفْـرَاءُ عَيْطَـلُ

12- هَتُـوفٌ مِنَ المُلْـسَِ المُتُـونِ تَزِينُـها … رَصَائِعُ قد نِيطَـتْ إليها وَمِحْمَـلُ

13- إذا زَلَّ عنها السَّهْـمُ حَنَّـتْ كأنَّـها … مُـرَزَّأةٌ عَجْلَـى تُـرنُّ وَتُعْـوِلُ

14- وَأغْدو خَمِيـصَ البَطْن لا يَسْتَفِـزُّنيِ … إلى الزَادِ حِـرْصٌ أو فُـؤادٌ مُوَكَّـلُ

15- وَلَسْـتُ بِمِهْيَـافٍ يُعَشِّـي سَوَامَـه … مُجَدَّعَـةً سُقْبَانُهـا وَهْيَ بُهَّـلُ

16- ولا جُبَّـأٍِ أكْهَـى مُـرِبٍّ بعِرْسِـهِ … يُطَالِعُهـا في شَأْنِـهِ كَيْفَ يَفْعَـلُ

17- وَلاَ خَـرِقٍ هَيْـقٍ كَـأَنَّ فــؤادَهُ … يَظَـلُّ به المُكَّـاءُ يَعْلُـو وَيَسْفُـلُ

18- ولا خَالِــفٍ دارِيَّــةٍ مُتَغَــزِّلٍ … يَـرُوحُ وَيغْـدُو داهنًـا يَتَكَحَّـلُ

19- وَلَسْـتُ بِعَـلٍّ شَـرُّهُ دُونَ خَيْـرِهِ … ألَفَّ إذا ما رُعْتَـهُ اهْتَـاجَ أعْـزَلُ

20- وَلَسْـتُ بِمِحْيَارِ الظَّـلاَمِ إذا انْتَحَتْ … هُدَى الهَوْجَلِ العِسّيفِ يَهْمَاءُ هؤجَلُ

21- إذا الأمْعَـزُ الصَّـوّانُ لاقَـى مَنَاسِمِي … تَطَايَـرَ منـه قَـادِحٌ وَمُفَلَّـلُ

22- أُديـمُ مِطَـالَ الجُـوعِ حتّـى أُمِيتَـهُ … وأضْرِبُ عَنْهُ الذِّكْرَ صَفْحًا فأُذْهَـلُ

23- وَأَسْتَـفُّ تُرْبَ الأرْضِ كَيْلا يُرَى لَـهُ … عَلَـيَّ مِنَ الطَّـوْلِ امْـرُؤٌ مُتَطَـوِّلُ

24- ولولا اجْتِنَابُ الذَأْمِ لم يُلْـفَ مَشْـرَبٌ … يُعَـاشُ بـه إلاّ لَـدَيَّ وَمَأْكَـلُ

25- وَلكِنّ نَفْسًاًد مُـرَّةً لا تُقِيـمُ بـي … علـى الـذامِ إلاَّ رَيْثَمـا أَتَحَـوَّلُ

26- وَأَطْوِي على الخَمْصِ الحَوَايا كَما انْطَوَتْ … خُيُوطَـةُ مـارِيٍّ تُغَـارُ وتُفْتَـلُ

27- وأَغْدُو على القُوتِ الزَهِيـدِ كما غَـدَا … أَزَلُّ تَهَـادَاهُ التنَائِـفَ أطْحَـلُ

28- غَدَا طَاوِيـًا يُعَـارِضُ الرِّيـحَ هَافِيـًا … يَخُـوتُ بأَذْنَابِ الشِّعَابِ ويُعْسِـلُ

29- فَلَما لَوَاهُ القُـوتُ مِنْ حَيْـثُ أَمَّـهُ … دَعَـا فَأجَابَتْـهُ نَظَائِـرُ نُحَّـلُ

30- مُهَلَّلَـةٌ شِيـبُ الوُجُـوهِ كأنَّـها … قِـدَاحٌ بأيـدي ياسِـرٍ تَتَقَلْقَـلُ

31- أوِ الخَشْـرَمُ المَبْعُـوثُ حَثْحَثَ دَبْـرَهُ … مَحَابِيـضُ أرْدَاهُـنَّ سَـامٍ مُعَسِّـلُ

32- مُهَرَّتَـةٌ فُـوهٌ كَـأَنَّ شُدُوقَـها … شُقُوقُ العِصِـيِّ كَالِحَـاتٌ وَبُسَّـلُ

33- فَضَـجَّ وَضَجَّـتْ بالبَـرَاحِ كأنَّـها … وإيّـاهُ نُوحٌ فَوْقَ عَلْيَـاءَ ثُكَّـلُ

34- وأغْضَى وأغْضَتْ وَاتَّسَى واتَّسَتْ بـه … مَرَامِيـلُ عَـزَّاها وعَزَّتْـهُ مُرْمِـلُ

35- شَكَا وَشَكَتْ ثُمَّ ارْعَوَى بَعْدُ وَارْعَوَتْ … وَلَلْصَبْرُ إنْ لَمْ يَنْفَعِ الشَّكْوُ أجْمَلُ

36- وَفَـاءَ وَفَـاءَتْ بَـادِراتٍ وَكُلُّـها … على نَكَـظٍ مِمَّا يُكَاتِـمُ مُجْمِـلُ

37- وَتَشْرَبُ أسْآرِي القَطَا الكُـدْرُ بَعْدَما … سَرَتْ قَرَبًَا أحْنَاؤهـا تَتَصَلْصَـلُ

38- هَمَمْتُ وَهَمَّتْ وَابْتَدَرْنَـا وأسْدَلَـتْ … وشَمَّـرَ مِنِّي فَـارِطٌ مُتَمَهِّـلُ

39- فَوَلَّيْـتُ عَنْها وَهْيَ تَكْبُـو لِعُقْـرِهِ … يُبَاشِـرُهُ منها ذُقُـونٌ وَحَوْصَـلُ

40- كـأنَّ وَغَـاها حَجْرَتَيـْهِ وَحَوْلَـهُ … أضَامِيـمُ مِنْ سَفْـرِ القَبَائِـلِ نُـزَّلُ

41- تَوَافَيْـنَ مِنْ شَتَّـى إِلَيـْهِ فَضَمَّـهَا … كما ضَـمَّ أذْوَادَ الأصَارِيـمِ مَنْهَـلُ

42- فَغَـبَّ غِشَاشًـا ثُمَّ مَـرَّتْ كأنّـها … مَعَ الصُّبْحِ رَكْبٌ مِنْ أُحَاظَةَ مُجْفِلُ

43- وآلَفُ وَجْـهَ الأرْضِ عِنْدَ افْتَراشِـها … بأَهْـدَأَ تُنْبِيـهِ سَنَاسِـنُ قُحَّـلُ

44- وَأعْدِلُ مَنْحُوضـاً كـأنَّ فُصُوصَـهُ … كعَابٌ دَحَاهَا لاعِـبٌ فَهْيَ مُثَّـلُ

45- فإنْ تَبْتَئِـسْ بالشَّنْفَـرَى أمُّ قَسْطَـلٍ … لَمَا اغْتَبَطَتْ بالشَّنْفَرَى قَبْلُ أطْـوَلُ

46- طَرِيـدُ جِنَايَـاتٍ تَيَاسَـرْنَ لَحْمَـهُ … عَقِيرَتُــهُ لأِيِّـها حُـمَّ أَوَّلُ

47- تَنَـامُ إذا مَا نَـامَ يَقْظَـى عُيُونُـها … حِثَاثًا إلى مَكْرُوهِـهِ تَتَغَلْغَـلُ

48- وإلْـفُ هُمُـومٍ مـا تَـزَالُ تَعُـودُهُ … عِيَادًا كَحُمَّـى الرِّبْـعِ أو هِيَ أثْقَلُ

49- إذا وَرَدَتْ أصْدَرْتُـها ثـمّ إنّـها … تَثُـوبُ فَتَأتي مِنْ تُحَيْتُ ومِنْ عَلُ

50- فإمّا تَرَيْنِي كابْنَـةِ الرَّمْـلِ ضَاحِيًا … على رِقَّـةٍ أحْفَـى ولا أَتَنَعَّـلُ

51- فإنّي لَمَولَى الصَّبْـرِ أجتـابُ بَـزَّهُ … على مِثْلِ قَلْبِ السِّمْعِ والحَزْمَ أفْعَلُ

52- وأُعْـدِمُ أَحْيَانـًا وأَغْنَـى وإنَّمـا … يَنَـالُ الغِنَى ذو البُعْـدَةِ المُتَبَـذِّلُ

53- فلا جَـزِعٌ مِنْ خَلَّـةٍ مُتَكَشِّـفٌ … ولا مَـرِحٌ تَحْتَ الغِنَى أتَخَيَّـلُ

54- ولا تَزْدَهِي الأجْهـالُ حِلْمِي ولا أُرَى … سَؤُولًا بأعْقَـاب الأقَاويلِ أُنْمِـلُ

55- وَلَيْلَةِ نَحْـسٍ يَصْطَلي القَوْسَ رَبُّـها … وَأقْطُعَـهُ اللَّاتـي بِـهَا يَتَنَبَّـلُ

56- دَعَسْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وَصُحْبَتـي … سُعَـارٌ وإرْزِيـزٌ وَوَجْـرٌ وَأفَكَلُ

57- فأيَّمْـتُ نِسْوَانًا وأيْتَمْـتُ إلْـدَةً … وَعُـدْتُ كما أبْدَأْتُ واللَّيْلُ ألْيَـلُ

58- وأصْبَـحَ عَنّـي بالغُمَيْصَـاءِ جَالسـًا … فَرِيقَـانِ : مَسْـؤُولٌ وَآخَرُ يَسْـألُ

59- فَقَالُـوا: لَقَدْ هَـرَّتْ بِلَيْـلٍ كِلَابُنَـا … فَقُلْنَـا : أذِئْبٌ عَسَّ أمْ عَسَّ فُرْعُـلُ

60- فَلَمْ يَـكُ إلاَّ نَبْـأةٌ ثُـمَّ هَوَّمَـتْ … فَقُلْنَا : قَطَـاةٌ رِيـعَ أمْ رِيعَ أجْـدَلُ

61- فَإِنْ يَـكُ مِنْ جِـنٍّ لأبْـرَحُ طارِقـًا … وإنْ يَكُ إنْسَـاً ما كَها الإنسُ تَفْعَلُ

62- وَيومٍ مِنَ الشِّعْـرَى يَـذُوبُ لُعَابُـهُ … أفاعِيـهِ فـي رَمْضائِـهِ تَتَمَلْمَـلُ

63- نَصَبْـتُ له وَجْهي ولا كِـنَّ دُونَـهُ … ولا سِتْـرَ إلاَّ الأتْحَمِـيُّ المُرَعْبَـلُ

64- وَضَافٍ إذا طَارَتْ له الرِّيحُ طَيَّـرَتْ … لبائِـدَ عن أعْطَافِـهِ ما تُرَجَّـلُ

65- بَعِيـدٌ بِمَسِّ الدُّهْـنِ والفَلْيِ عَهْـدُهُ … لـه عَبَسٌ عافٍ مِنَ الغِسْل مُحْـوِلُ

66- وَخَرْقٍ كظَهْرِ التُّـرْسِ قَفْـرٍ قَطَعْتُـهُ … بِعَامِلَتَيْـنِ ، ظَهْـرُهُ لَيْسَ يُعْمَـلُ

67- فألْحَقْـتُ أُوْلاَهُ بأُخْـرَاهُ مُوفِيًا … عَلَى قُنَّـةٍ أُقْعِـي مِرَارَاً وَأمْثُـلُ

68- تَرُودُ الأرَاوِي الصُّحْـمُ حَوْلي كأنّـها … عَـذَارَى عَلَيْهِـنَّ المُلاَءُ المُذَيَّـلُ

69- ويَرْكُـدْنَ بالآصَـالِ حَوْلِي كأنّنـي … مِنَ العُصْمِ أدْفى يَنْتَحي الكِيحَ أعْقَلُ

ندعوكم لقراءة : المفضليات

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى