حكايات عصرية

ذرية بعضها من بعض

ذرية بعضها من بعض :

الشيخ محمود خليل الحصري يقرأ على رأس خمسة من كبار دولة القراءة في مصرنا الحبيبة ، بل في عالمنا العربي والإسلامي الذين نستمع إلى تسجيلاتهم يوميًّا في إذاعة القرآن الكريم ، فهو كبيرهم في دولة القراءة ، ومعه الأعلام من القراء العمالقة : مصطفى إسماعيل ، ومحمد صديق المنشاوي ، وعبد الباسط محمد عبد الصمد ، ومحمود علي البنا ، عليهم رحمة الله جميعًا .

  • يحكي الدكتور محمد راتب النابلسي ، فيقول :

خليل رجل يشتغل بصناعة الحصير ، وكان كلّما وجد مصلّى بلا حصيرة ، أو مفروشًا بقش الأرز ، هرع إليه وفرشه بالحصير الجديد ( وكانت المصلّيات آنذاك تُفرش بالحصير ).

جاءته في المنام رؤيا عجيبة !!

رأى عمودَه الفقري يتشكل ويتدلى عنقودًا من العنب ، والناس تأتي جماعات جماعات ، يأكلون من عنقود العنب ، وعنقود العنب لا ينفد !!

ولمّا تكرّرت الرؤيا ، ذهب إلى أحد الشيوخ وقصّها عليه ، فسأله الشيخ إن كان له ذرية ؟

قال له : عندي محمود ، عمره عامان .

قال الشيخ : ألْحِقه بالأزهر ؛ ليتعلّم العلوم الشرعية ، فسوف يكون له شأن كبير إن شاء الله ؛ وقد كان !!

ألحَقَه بالأزهر ، وختم محمود القرآنَ في عمر الثامنة ، وكان أوّلَ من سجّل المصحف المرتل في أنحاء العالم برواية حفص عن عاصم ، ورفض أخذ أجرة مالية عليها ، فوضع الله له القبول في الأرض .

1961 – أول من سجّل القرآن برواية حفص عن عاصم .

1964 – أول من سجّل القرآن برواية ورش عن نافع .

1968 – أول من سجل القرآن برواية قالون ورواية الدورى عن أبي عمرو البصري .

1969 – أول من سجّل القرآن المعلم ( طريقة التعليم ).

1975 – أول من رتل القرآن بطريقة المصحف المفسر .

1977 – أول من رتّل القرآن في الأمم المتحدة ، وأذّن لصلاة الظهر في الأمم المتحدة .

1978 – أول من رتل القرآن في القصر الملكي في لندن .

أول قارئ يقرأ القرآن في البيت الأبيض ، وقاعة الكونجرس الأمريكي .

كان أوّل من رتل القرآن الكريم في الكونجرس الأمريكي وفي قاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن ، وأذّن لصلاة الظهر في الأمم المتحدة .

توفي رحمه الله في 24 نوفمبر سنة 1980م بعد صلاة العشاء ، بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا .

أحسن الوالدُ بفرش المساجد حتى لُقِّب بالحُصري ؛ فنشر الله صوت ابنه في أنحاء الأرض باسم الحصري الذي لا يزال يتردد على أسماعنا في مشارق الأرض ومغاربها بهذا اللقب ( ذرية بعضها من بعض ).

( ولا نزال نأكل من عنقود العنب ، وعنقود العنب لا ينفد ).

إنّه القارئ : محمود خليل الحصري .

ندعوكم لقراءة : الشيخ محمد رفعت

  • العبرة :

قال الله تعالى : ” وكانَ أبوهُما صَالِحًا “.

إنها سنةٌ ربانية أن ينعكس صلاحُ الآباء على الأبناءِ ولو من أجيالٍ بعيدة !

فثمرة صلاحك لن تجنيها وحدك ، بل من كرم الله ، أن ذريتك ستجنيها إلى قيام الساعة .

ما أكرم هذا الرب العظيم .

رحم اللّه الشّيخ محمود الحصري ورحم والده الرّجل الصالح الذي أنجب هذه البذرة الطيبة .

اللهم ارزقنا ذرية طيبة ، ووفقنا لما تحب وترضى .

لا تستصغر عملًا أردت به وجه الله ، والله لا يُضيع أجْرَ من أحسن عملًا .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى