ديننا الإسلام

نماذج من البر

نماذج من البر :

بر الوالدين هو أمرٌ من الملك العَلَّام ، ووصية الأنبياء عليهم السلام ، وهو دأب الكرام ، لا يقوم به اللئام .

هذا خليل الرحمن سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وإمام الحنفاء يخاطب أباه بالرفق واللطف واللين -مع كفره وعناده- حين يناديه : ” يا أبت”.
حين دعاه لعبادة الله الواحد الديان ، وترك الشرك والضلال .
ولما أعرض وأبى ، هدده بالضرب والطرد ؛ فكان الرد الجميل :
” قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا “. (مريم : 47)

أحسن الخليل إبراهيم العمل ؛ فكان الجزاء من جنس العمل ، اقرؤوا إن شئتم قول الله جل في علاه :
” وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ ” إلى قوله تعالى : ” سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ “. (الصافات : 99-110)

وأثنى الله على يحيى بن زكريا عليهما السلام : ” وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا “. (مريم : 14)

وهؤلاء أحبوا النبي صلى الله عليه وسلم فنفذوا وصيته :

– أبو هريرة رضي الله عنه .

كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال : السلام عليكم يا أماه ورحمة الله وبركاته ، فتقول : وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته ، فيقول : رحمك الله كما ربيتني صغيرًا ، فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيرًا .

فديننا الإسلامي الحنيف يحثنا على بر الوالدين بيقين وثبات ، والرفق بهما ، والإحسان إليهما في الحياة وبعد الممات .

– تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها : كان رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبرّ من كانا في هذه الأمة بأمهما : عثمان بن عفان ، وحارثة بن النعمان رضي الله عنهما ، فأما عثمان فإنه قال : ما قدرت أن أتأمل أمي منذ أسلمت .
وأما حارثة ، فإنه كان يفلي رأس أمه ، ويطعمها بيده ، ولم يستفهمها كلامًا قط تأمر به ، حتى يسأل مَنْ عندها بعد أن يخرج ، ما أرادت أمي ؟

– عن عَبد اللهِ بن دِينَارٍ ، عن عبد اللهِ بن عُمَر ، أَنَّ رَجُلًا من الأَعرَابِ لَقِيَهُ بِطَرِيقِ مَكَّةَ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ عبدُاللهِ ، وَحَمَلَهُ على حِمَارٍ كان يَركَبُهُ ، وَأَعطَاهُ عِمَامَةً ، كَانَت على رَأْسِهِ .
فَقَالَ ابنُ دِينَارٍ : فَقُلنَا لَهُ : أَصلَحَكَ اللهُ إِنَّهُمُ الأَعرَابُ وَإِنَّهُم يَرضَونَ بِاليَسِيرِ .
فَقَالَ عَبدُاللهِ : إِنَّ أَبَا هَذَا كَانَ وُدًّا لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ ، وَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ” إِنَّ أَبَرَّ البِرِّ صِلَةُ الوَلَدِ أَهلَ وُدِّ أَبِيهِ “. (رواه مسلم)

– الصحابي الجليل حارثة بن النعمان بن نفع بن زيد بن عبيد الخزرجي النجاري رضي الله عنه .
قال الإمام الذهبي عنه : { شهد بدرًا والمشاهد ، ولا نعلم له رواية ، وكان ديّنًا ، خيِّرا ، برًّا بأمه }.
عَن عَائِشَةَ -رضي الله عنها- عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال : ” دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا قِرَاءَةً قُلْتُ مَنْ هَذَا ؟ “.
قَالُوا حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ .. قال : ” كَذَاكُمْ الْبِرُّ كَذَاكُمْ الْبِرُّ “.

– أسامة بن زيد أبو مُحَمَّد الحبُ ابن الحب رضي الله عنه .
أمه أم أيمن واسمها بركة ، حاضنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه حبًّا شديدًا ، وقُبض رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأسامة ابن عشرين سنة .

قال مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : { بَلَغَتِ النَّخْلَةُ عَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، قَالَ : فَعَمَدَ أُسَامَةُ إِلَى نَخْلَةٍ فَنَقَرَهَا وَأَخْرَجَ جُمَّارَهَا فَأَطْعَمَهَا أُمَّهُ ، فَقَالُوا لَهُ : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا وَأَنْتَ تَرَى النَّخْلَةَ قَدْ بَلَغَتْ أَلْفَ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ : إِنَّ أُمِّي سَأَلَتْنِيهِ وَلا تَسْأَلُنِي شَيْئًا أَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلا أَعْطَيْتُهَا }.

– زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنهم أجمعين .

قال الزهري : { ما رأيت قرشيًّا أفضل منه }.
وكان زين العابدين كثير البر بأمه ، حتى قيل له : إنك أبر الناس بأمك ، ولسنا نراك تأكل معها في صحفة ، فقال : أخاف أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها !

– أويس القرني أبو عمرو بن عامر بن جزء بن مالك المرادي .
القدوة ، الزاهد ، سيد التابعين في زمانه .
قال أبو نعيم : { إِنَّمَا مَنَعَ أُوَيْسًا أَنْ يَقْدُمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُّهُ بِأُمِّهِ }.

– ابن الحسن التميمي :

يهم بقتل عقرب ، فلم يدركها حتى دخلت في جحر في المنزل ، فأدخل يده خلفها وسد الحجر بأصابعه ، فلدغته ، فقيل له : لم فعلت ذلك ؟
قال : خفت أن تخرج فتجئ إلى أمي فتلدغها .

– ابن عون المزني :

نادته أمه يومًا فأجابها وقد علا صوته صوتها ليسمعها ، فندم على ذلك ، واعتق رقبتين .

– عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت : قدمت أُمِّي وهي مشركةٌ ، فاستفتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : أمِّي قدمت وهي راغبة ، أفأصِلها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ “. (متفق عليه)

– عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : جئتُ فقلت : يا رسولَ الله ، إني كنتُ أدعو أُمِّي إلى الإسلام ، فتأبى عليَّ ، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ، فادْعُ اللهَ أن يهدي أُمَّ أبي هريرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أبي هريرة ” ، فخرجتُ مستبشرًا بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما جئت ، قالت : يا أبا هريرة ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله . (أخرجه مسلم)

– قال سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه :
” أُنزلت فيَّ هذه الآية : ” وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا “. (لقمان : 15)
قال : كنتُ رجلًا برًّا بأُمِّي ، فلما أسلمتُ قالت : يا سعدُ ، ما هذا الذي أراك قد أحدثت ؟!
لتدعَنَّ دينَكَ هذا أو لا آكُلُ ولا أشربُ حتى أموت ، فتُعيَّرُ بي فيُقالُ : يا قاتل أُمِّه ، فقلتُ : لا تفعلي يا أمه ، فإني لا أدَعُ ديني هذا لشيء ، فمكثَتْ يومًا وليلة لم تأكل ، فأصبَحَت قد جهدت ، فمكثَتْ يومًا آخر وليلة لم تأكل ، فأصبحت قد جهدت ، فمكثَتْ يومًا وليلة أخرى لم تأكل ، فأصبحت قد اشتدَّ جهدها ، فلما رأيتُ ذلك قلتُ : يا أمه ، تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس ، فخرجت نفسًا نفسًا ، ما تركت ديني هذا لشيء ، فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي ، فأكلتْ “. (قال ابن كثير : أخرجه الطبراني في كتاب العشرة)

قال الله الملك الحق : ” وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا “. (الإسراء : 23)

ندعوكم لقراءة : قمة البر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى