نوادر وأزاهير..لبعض المشاهير

أولادنا ثمار قلوبنا

أولادنا ثمار قلوبنا :

قال الله تعالى : ” ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا “. (الكهف : 46)

أولادنا : ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، وفلذات أكبادنا ، وقرات عيوننا ، ومباهج حياتنا .
نحن لهم أرض ذليلة ، وسماء ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة .

– أولادنا .. أكبادنا :

ولله در الشاعر حِطَّان بن المُعَلَّى الطَّائي القائل :

وإنّـمــا أولادُنــا بيننـــا … أكـبــادُنـا تمشــي علــى الأرضِ

لو هَبّتِ الريحُ على بعضهـم … لامتنعتْ عيـني من الغَمْضِ

– بين معاوية والأحنف :

سأل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- الأحنف بن قيس ( الذي يُضرب به المثل في الحِلم ) عن الولد ، فقال : ” يا أمير المؤمنين ، أولادنا : ثمار قلوبنا ، وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرضٌ ذليلة ، وسماءٌ ظليلة ، وبهم نصول عند كل جليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، يمنحوك ودهم ، ويحبّوك جهدهم ، ولا تكن عليهم قفلًا ؛ فيتمنّوا موتك ، ويكرهوا قربك ، ويملوا حياتك “.

فقال له معاوية : لله أنت !
لقد دَخَلْتَ علىّ وإني لمملوء غيظًا على يزيد ( ابني ) ، ولقد أصلحت من قلبي له ما كان فسد .

فلما خرج الأحنف من عند معاوية بعث معاوية إلى يزيد بمائتي ألف درهم .

– عمر بن عبد العزيز وأولاده :

جمع الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أولاده وهو على فراش الموت ، وجعل يصوب نظره فيهم ويصعده حتى اغرورقت عيناه بالدموع ، ثم قال :

” بنفسي فتية تركتهم ولا مال لهم !!!
يا بَنِيّ ، إني خَيَّرت نفسي بين أن تفتقروا إلى آخر الأبد ، وبين أن يدخل أبوكم النار ؛ فاخترت الأول .
يا بني ، عصمكم الله ورزقكم ، وقد وكّلت أمركم إلى الله الذي نَزَّل الكتاب وهو يتولى الصالحين “.

وتحكي كتب التاريخ أن الله جل في علاه قد تولاهم وأغناهم ورزقهم من الطيبات .

قال الله الملك الحق :
” وَلْيَخْشَ ٱلَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلًا سَدِيدًا “. (النساء : 9)

– وصية لمعلم :

وهذه وصية عبد الملك بن مروان لمعلم أبنائه :

” عَلِّمْهُم الصدق كما تعلمهم القرآن ، وجنبهم السفلة ؛ فإنهم أسوأ الناس وَرَعًا ، وأقلهم أدبًا ، واحف شعورهم تغلظ رقابهم ، وأطعمهم اللحم يقودوا ، وعلمهم الشعر يمجدوا ، ومرهم أن بستاكوا عرضًا ، ويمصوا الماء مصًا ، ولايعيبوا العباد .

وإذا احتجت أن تتناولهم بأدب فليكن ذلك في سر .

وإني قد وصلت جناحك بعضدي ، ورضيت بك قرينًا لولدي ، فأحسن سياستهم ؛ تدم لك استقامتهم .

وعلّمهم معروف الكلام ، وجنبهم مصادقة اللئام ، وكن لهم مؤدبًا رفيقًا ؛ تكسبك الشفقة منهم والمحبة وحسن القبول “.

– وصية هارون الرشيد :

وصَّى هارون الرشيد معلم ولده خلف الأحمر قائلًا :

” يا أحمر ! إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه ، وثمرة قلبه ، فصيّر يدك عليه مبسوطة ، وطاعتك عليه واجبة ، وأقرئه القرآن ، وعرّفه الأخبار ، وروّه الأشعار ، وعلٌّمه السنن ، وبصّره بمواقع الكلام ، وامنعه من الضحك إلا في أوقاته ، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا عليه ، ولا تمرنَّ بك ساعة إلا وأنت مغتنم فائدة تفيده إياها من غير أن تحزنه ؛ فتميت ذهنه ، ولا تُمعن في مسامحته ؛ فيستحلي الفراغ ويألفه ، وقَوِّمه ما استطعت بالقرب والملاينة ، فإن أباهما ؛ فعليك بالشدة والغلظة “.

– المأمون والفرّاء :

كان المأمون -خليفة المسلمين- قد وكّل الفراء ( عالم النحو الشهير ) ليلقن ابنيه النحو ؛ لينصلح لسانهما .

أراد الفراء يومًا أن ينهض إلى بعض حوائجه ، فابتدرا إلى نعليه ليقدماها له ، فتنازعا أيهما يقدم النعلين له !

وبعد ذلك اصطلحا على أن يقدم كل واحد منهما نعلًا .

رُفع ما حدث للخليفة المأمون ؛ فاستدعى الفراء ، وسأله : من أعز الناس يا فراء ؟

قال الفراء : لا أعرف أحدًا أعز من أمير المؤمنين .

فقال المأمون : بل أعز الناس مَنْ إذا نهض ، تقاتل على نعليه وليا العهد حتى يرضى كل واحد منهما أن يقدم له فردًا !

قال الفراء : يا أمير المؤمنين ، لقد أردت منعهما من ذلك .

قال المأمون : لقد سرني أن يعرفا حق من له عليهما فضل التأدب ، ونعم عملًا ما قاما به .

– البنون والبنات :

قال أحد الحكماء :

« البنون نعم ، والبنات حسنات ، والله عز وجل يحاسب على النعم ، ويجازي على الحسنات ».

– أبو حمزة والبنات :

وكان لأبي حمزة الأعرابي زوجتان ، فولدت إحداهما ابنة ، فعز عليه ، واجتنبها وصار في بيت ضرّتها إلى جنبها ، فأحسّت به يومًا في بيت صاحبتها ، فجعلت تُرَقِّص ابنتها الطفلة وتقول :

ما لأبي حمزة لا يأتينا

يظل في البيت الذي يلينا

غضبان ألا نلد البنينا

تاالله ما ذلك في أيدينــــــا

بل نحن كالأرض لزارعينا

يلبث ما قد زرعوه فينا

وإنما نأخذ ما أُعطينا

فعرف أبو حمزة قُبح ما فعل ، وراجع امراته .

ندعوكم لقراءة : وبالوالدين إحسانًا

– نصيحة أب :

وقال محمد بن على بن حسن لابنه جعفر : ” يا بني ، إن الله رضيني لك وحذرني منك ، ولم يرضك لي فأوصاك بي .
يا بني ، إن خير الأبناء من لم يدعه البر إلى الإفراط ، ولم يدعه التقصير إلى العقوق “.

– مراحل للولد :

وكان يُقال : الولد ريحانتك سبعًا ، وخادمك سبعًا ، وهو بعد ذلك صديقك أو عدوك أو شريكك .

– وما أدراك ما الولد :

الولد وما أدراك ما الولد ، فلذة الكبد ، وبسمة البلد ، الساعد والمساعد والسند ، ريحانة الفؤاد وبستان الأرواح ، القاضي بضحكته على الهموم والأتراح ، تنسى عند الدخول الى عالمه الحبيب عكر الأيام وجفاءها وتستقبل بهاءها وصفاءها .

كل مصيبة بعيدة عنه هينة لينة ، هو عديل الروح وشريك القلب وخليل النفس والمصطفى دون الحبيب أو القريب .

نزرع نبتة صغيرة في حديقة صغيرة ، فنتعهدها بالعناية والرعاية ، ننقلها إلى الدفء والشمس حين تحتاج ذلك ، وإلى الظل والبرد حين تحتاج ذلك أيضًا ، نتابعها بالسقاية والسماد والفيتامينات اللازمة لنموها وازدهارها ، ونفرح منها بوردة جميلة أو نفس عاطر ، نشعر أنها تضيف لحياتنا لونًا زاهيًا وألَقًا جميلًا .

– الحديث عن الأولاد :

أرأيتم كيف ردّ الأحنف بن قيس الذي يُضرب به المَثَل في الحِلم والحكمة معًا ، على أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، وكيف تأثر معاوية بكلامه .

فالحديث عن أولادنا ثمار قلوبنا هو حديث اليوم ، وكل يوم ، وحديث الأمس ، جهرًا أو بالهمس ، وحديث الغد ، قطعًا ولابد .

الحديث عن أولادنا هو حديث البيت ، وحديث الغيط ، حديث العمل ، وحديث الأمل ، حديث الطريق ، وحديث الرفيق .

– نظرة إيجابية :

بهذه العقلية ، وما حدث بين معاوية والأحنف ، نريد أن نكون في تعاملنا مع أبنائنا ، وأن تكون نظرتنا إليهم نظرة إيجابية ، وأن نغدق عليهم من عطفنا وحبنا ، بدلًا من الصراخ في وجوههم ، وإعلان الثورة عليهم لأتفه الأسباب ، حتى لا يكتسبوا منا سلوكًا غير مرغوب فيه .

فلقد ثبت علميًّا أن الطفل يتأثر بما يحيط به من الحنو أو القسوة تأثرًا عميقًا يصاحبه بقية حياته وعمره ويشمل نواحيه الصحية والنفسية ، وكما هو معلوم لدى علماء التربية أن الطفل يُولد وليس له سلوك مكتسب ( يولد على الفطرة ) ، بل يعتمد على أسرته في اكتساب سلوكياته ، وتنمية شخصيته ؛ ( فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ) ؛ لأن الأسرة هي المحضن التربوي الأول التي ترعى البذرة الإنسانية منذ ولادتها ، ومنها يكتسب الكثير من الخبرات والمعلومات ، والمهارات ، والسلوكيات والقدرات التي تؤثر في نموه النفسي -إيجابًا وسلبًا- وهي التي تشكل شخصيته بعد ذلك .

قال الشاعر أبو العلاء المعري :

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا … عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

فكن لهم أرضًا ذليلة وسماء ظليلة .

– الولد امتداد لأبيه :

الولد امتداد لأبيه سواءً كان ذكرًا أم أنثى ؛ لأن الولد في القرآن مقصود به الاثنان ، قال تعالى :
” فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ … “.

ولذلك جاء في الأثر :
« لا تقطع ما كان أبوك يصله فيُطفَأ نورك ».

– بناة المستقبل :

الحديث عن الأبناء هو حديث اليوم ، وحديث المستقبل ، بل هو مناط اهتمام الإنسان منذ أوجده الله تعالى ، ورزقه الذُّرِّيَّة ، حيث يتمنَّى ‏صلاحهم ، ورؤية ما تقرُّ به العين منهم ، فهم غراس حياة ، وقطوف أمل ، وقرَّة عين ، وهم بناة المستقبل ورجاله ، ومن تُعقد عليهم الآمال ، وتُناط بهم المهام الجسيمة ، فيتحقَّق بهم ومعهم المستقبل المشرق والأماني المعقودة .. حقِّق بهم ومعهم المستقبل المشرق والأماني المعقودة .

– عبدالله وسالم :

كان عبدالله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- يحب ولده ‏سالمًا ، ويذهب به كل مذهب ، حتى لامه الناس فيه فقال -رضي الله عنه- :

يلومنني في سالم وألومهم … وجلدة بين العين ‏والأنف سالم ‏

– نعمة الذرية :

قال أحد الحكماء في ميِّت :

« إن كان له ولد فهو حي ، وإن لم ‏يكن له ولد فهو ميت !! »‏.

وفي نعمة الولد والذُّريَّة عبَّر كثير من الشُّعراء عن هذا المعنى ، ومن ذلك قول أحدهم :‏

وإنَّما أولادُنا بَينَنا … أكبادُنا تَمشي على الأرضِ

إنْ هَبَّتْ الرَّيحُ على بَعضِهم … لَمْ تَشبع العينُ مِن الغَمضِ

وقيل لأحد الصالحين : أيُّ ولدك أحبُّ إليك ؟
فقال : ‏صغيرهم حتى يكبر ، ومريضهم حتى يبرأ ، وغائبهم حتى يقدم .‏

– حديث شريف :

ومن بديع ما ورد في تربية الأبناء وتأديبهم ما جاء في الحديث ‏الشريف ، الذي رواه أبو دواد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال :
” مُرُوا أولادكم ‏بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها وهم أبناء ‏عشر ، وفرّقوا بينهم في المضاجع “.‏

– كن لهم كالطبيب :

وما أجمل ما قاله عمرو بن عتبة لمعلم ولده ، حيث أوصاه ‏بجملة من الوصايا النافعة ، ومنها قوله :

” ليكن أول إصلاحك ‏لولدي إصلاحك لنفسك ، فإن عيونهم معقودة بعينك ، فالحسن ‏عندهم ما صنعت ، والقبيح عندهم ما تركت .
علِّمهم كتاب الله‌‏ ، ولا تكرههم عليه فيملّوه ، ولا تتركهم منه فيهجروه ، وروِّهم ‏من الحديث أشرفه ، ومن الشعر أعفه ، ولا تنقلهم من علم إلى ‏علم حتى يحكموه ؛ فإنَّ ازدحام الكلام في القلب مشغلة للفهم ، ‏وكن لهم كالطبيب ، الذي لا يعجل بالدواء حتى يعرف الداء “.‏

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى