حكايات عصرية

الشيخ محمد رفعت

” قارئ القرآن لا يُهان ” : مقولة شهيرة لـ ” قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت ” ، صاحب الصوت الذي أبكى الملايين .

أُصيب الشيخ رفعت بمرض الفواق ” الزغطة ” الذي منعه من تلاوة القرآن ، بل ومن الكلام أيضًا .. وفي السنوات الـ 8 الأخيرة من عمره أصيب بورم في الأحبال الصوتية ؛ منع الصوت الملائكي النقي من الخروج .

ونتيجة لذلك ومنذ ذلك الوقت حُرم الناس من صوته ، إلا من خلال ثلاثة أشرطة كانت الإذاعة المصرية سجلتها قبل اشتداد المرض عليه .

حاول بعض أصدقائه ومحبيه والقادرين أن يجمعوا له بعض الأموال لتكاليف العلاج ، إلا أنه لم يقبل التبرعات التي جُمعت له ، وقال قولته الشهيرة : ” إن قارئ القرآن لا يُهان “.

واضطر قيثارة السماء لبيع بيته الذي كان يسكن فيه بحي البغالة في السيدة زينب ، وقطعة أرض أخرى كان يمتلكها ، وذلك حتى ينفق على مرضه .

توسط الشيخ أبو العينين شعيشع لدى الدسوقي أباظة ، وزير الأوقاف آنذاك ، فقرر له معاشًا شهريًا ، إلى أن تُوفى الشيخ محمد رفعت في 9 مايو 1950م ، عن عمر ناهز الـ 68 عامًا ، قضاها في رحاب القرآن الكريم .

– الشيخ رفعت في سطور :

وُلد الشيخ محمد رفعت بحي المغربلين بالقاهرة ، في 9 مايو من عام 1882م ، وفَقَدَ بصره في الثانية من عمره ، وتوفي أبوه في سن التاسعة ، وبدأ إحياء ليالي القرآن الكريم وهو في سن الرابعة عشرة .

ذاع صيت الشيخ رغم حداثة سِنِّه حتى إنه وقع الاختيار عليه ليكون قارئًا للسورة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب بالقاهرة وهو في الخامسة عشرة من عمره ، وهناك بلغ من الشهرة ما بلغ ، واتسعت شهرته حتى سمع به القاصي والداني ، الأمر الذي أسهم في اختياره لافتتاح الإذاعة المصرية عام 1934م ، وقد افتتحها بقول الحق سبحانه : ” إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا “. (الفتح : 1)

عندما طلبت منه الإذاعات أن يسجل لها بعض التلاوات مقابل المال توقَّف في قبوله ؛ خوفًا من حرمة أخذ المال كأجر على تلاوة القرآن ؛ ولكنه استفتى حينها شيخَ الأزهر الإمام المراغي ، وأفتاه بالجواز .

لُقِّب الشيخ رفعت بـ« قيثارة السماء » ، وهو لقب أطلقه عليه المحبون والمستمعون لوصف صوته العجيب ، الروحاني ، الملائكي .

يعتبر فضيلة الشيخ محمد رفعت رائد مدرسة التلاوة في العصر الحديث ؛ حيث تأثر كثيرٌ من القراء بأدائه القوي ، وصوته العذب الشَّجي ، وسار كثيرون بعده على درب مدرسته العظيمة في تلاوة القرآن الكريم .

وبعد حياة عاشها الشيخ في جوار القرآن وخدمته رحل عن عالمنا في 9 مايو من عام 1950م ، الموافق 22 رجب 1369هـ ، ودُفن جوار مسجد السيدة نفيسة كما كان يرجو .

– كلام الشعراوي عنه :

قال عنه الشيخ محمد متولي الشعراوي : « إن أردنا أحكام التلاوة فالحصريّ ، وإن أردنا حلاوة الصوت فعبد الباسط عبد الصمد ، وإن أردنا الخشوع فهو المنشاوي ، وإن أردنا النفَس الطويل مع العذوبة فمصطفى إسماعيل ، وإن أردنا هؤلاء جميعًا فهو الشيخ محمد رفعت ».

ندعوكم لقراءة : نحكي عن المحدث الحويني

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى