تعليم حتي النهاية
تعليم حتي النهاية .. قال صالح بن أحمد بن حنبل -رحمه الله- : رأى رجل مع أبي محبرة ، فقال له : يا أبا عبدالله ، أنت قد بلغت هذا المبلغ ، وأنت إمام المسلمين ..
فقال الإمام أحمد : { مع المحبرة .. إلى المقبرة }. (سير أعلام النبلاء)
وكان يقول : { أنا أطلب العلم إلى أن أُدخل القبرَ }.
- أكبر تلميذ ابتدائي في العالم :
– جوزيف ماروج -كيني الجنسية- ، التحق بالدراسة في المرحلة الابتدائية وعمره 84 عامًا بمدرسة ( كابكنديو ) الابتدائية بدولة كينيا وذلك بعد أن ألغت الحكومة الرسوم على التلميذ الابتدائي عام 2003م فالتحق العام التالي عام 2004م ونجح في السنة الدراسية الأولى ، وكان الأول على فصله .. توفي ماروج في أغسطس من عام 2009م .
كان جوزيف ستيفا كيماني ماروج حديث العالم بوصفه أكبر شخص على الإطلاق يلتحق بالدراسة في المرحلة الابتدائية عام 2004م وكان هذا دليلًا حيًا على أنه بمقدور رجل طاعن في السن بمساعدة جهاز للسمع وعصا يتوكأ عليها أن يتعلم مهارات جديدة .
- حصل على الإعدادية وعمره 77 عامًا :
– وهذا نموذج ثان من اليونان يدعى ( سبيروس خاتزاراس ) ذو السبعة والسبعين عامًا يتسلم شهادة الإعدادية بنسبة 84% من مدرسة (بلدية بيريفيزا) غرب أثينا ونقلتها شاشات التلفاز عام 2006م .. المثير للدهشة أن الطالب اليوناني العجوز تقدم للمرحلة الثانوية للحصول على شهادتها مؤكدًا أنه لم يتوان في تحقيق هدفه ولن يتوانى موضحًا أنه قد توقف أثناء المرحلة الصعبة التي مرت بها اليونان إبان الاحتلال الأجنبي ، وعمل خلال السنوات التي لم يتعلم فيها حتى تقاعد ، ثم بدأ في الدراسة من جديد أملًا في الحصول على الشهادة الجامعية !!
- ماجستير في سن 94 عامًا :
– حصلت عجوز أسترالية في الرابعة والتسعين على درجة الماجستير في العلوم الطبية من جامعة ( أدليد ) الأسترالية .
كانت ( فيليس تيرنر ) قد تركت الدراسة وعمرها 12 عامًا لتساعد أمها في تربية إخوتها الصغار ، لكنها عادت بعد حوالي 60 عامًا لتدرس علم السلالات البشرية ( الانثروبولجي ) ونالت شهادتها الجامعية بمرتبة الشرف .. قال المشرف على رسالتها إن حماسها وتفانيها يفوق اهتمام الشباب بدراستهم !!
- وعندنا نماذج مصرية :
– ( جمعة محمد بكري ) جلس داخل لجنة امتحان الشهادة الإعدادية بمدرسة الطالبية الإعدادية بالجيزة لأداء الامتحان بجوار تلاميذ في عمر أحفاده حيث يبلغ 57 عامًا .. التقت به جريدة الأخبار آنذاك ليؤكد لهم على إصراره على إكمال تعليمه بمساعدة أبنائه الذين يدرسون في المراحل التعليمية المختلفة .
– د/ منير أبوالعلا : أستاذ جراحة الأورام بمعهد الأورام وعضو المجلس الأعلى للثقافة واللجنة الدائمة لترقية أساتذة الجراحة وكذلك الجمعية الجمعية المصرية للسرطان ، كيف ولماذا عاد هذا العملاق غلى مقاعد الدراسة من جديد ؟ ولماذا دراسة القانون بالذات ؟ ومن أين له الوقت للقيام بأدواره المتعددة كأستاذ وطالب وجرّاح وربّ أسرة ؟
يقول الأستاذ الدكتور طالب الحقوق -61 سنة- : لماذا العجب ورسولنا الكريم يقول : ” إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها …. “.
لقد كانت دراسة الحقوق أُمنية قديمة في نفسي ، أدرس من خلالها العلوم التي من شأنها صيانة الحقوق وحفظ الحريات وإقامة العدل ورفع الظلم ، وليس هناك أسمى من ذلك ، فالقانون حياة والحياة قانون .. وقد تم تكريمي للتفوق بالفرقتين الأولى والثانية ، وحصولي على الدرجة النهائية في مواد : تاريخ وفلسفة القانون والإجرام والعقاب .
ولكن كيف يجد الوقت للقيام بأدواره المتعددة في الحياة ؟ فيقول : إن اليوم 24 ساعة وتنظيم الوقت هو سر النجاح ، وحبه للعلم جعله يقرأ بين المحاضرات وفي انتظار تجهيز حجرة العمليات وحضور طبيب البنج وفي المترو .. ولأنه بغريزته الإنسانية محب للتفوق ومنافس جيد وشريف لذاته فإنه دائمًا يود التفوق عليها ؛ ولهذا فهو لا يستبعد أن يتحول شغفه بدراسة القانون إلى عمل ، فهو لا يجد مانعًا في الدفاع عن زملائه الأطباء ومرضاه ، ويتمنى أن يستمر في دراسة القانون حتى يحصل على الماجستير والدكتوراه !! (عن جريدة الأخبار)
* قال المعلم الأول رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم : ” …. ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا ، سهل الله به طريقًا إلى الجنة “. (مسلم : 38 / 2699)
- ليس بالشهادات وحدها :
يستطيع الإنسان أن يتميز بجهده وعرقه وسعيه الحثيث للتميز بشهادة دراسية أو بدونها ، وأكبر دليل على ذلك العملاق عباس محمود العقاد الذي لم يحصل إلا على الابتدائية ، ولكنه أصبح العقاد ، ويكفى هذا الاسم للدلالة على التميز في عالم الأدب الذي وصل فيه إلى العالمية ، وأصبح اسمه يسير مسير الضوء في الآفاق ، ولم لا وهو العملاق الذي قرأ أكثر من أربعين ألف كتاب ، فقد انتظمت حياته على القراءة والكتابة .
ترك أكثر من ثمانين كتابًا ، ومئات الدراسات والمقالات ، وأبدع سبعة دواوين من الشعر .
- مدير التفجير بمنجم السكري :
مصري حاصل على الإعدادية !
النجاح يصنعه البشر بإصرارهم ، وعزيمتهم ، والنماذج المشرفة لا تحتاج إلى مؤهلات ، فهذا نادر أسعد : شاب مصري في منتصف العمر لم يحصل إلا على الإعدادية فقط على المستوى التعليمي ، إلا أنه يملك ذكاءً ونباهة ؛ جعلته يرتقي إلى منصب رفيع ويجلس مكان خبير أسترالي كان يتقاضى آلاف الدولارات .
عمل نادر أسعد كعامل عادي منذ سنوات بمنجم السكري ، وقتها كان معظم من يعملون بالمنجم خبراء أستراليون استقدمتهم الشركة الأسترالية في مرحلة البحث والاستكشاف نظرًا لعدم وجود خبرات عملية مصرية في هذا المجال في ذلك الوقت ، التصق نادر بمدير التفجير الأسترالي الذي كان يتولى تفجير الصخور التي تحتوى على الذهب والتي تحتاج إلى تفتيتها بطريقة هندسية تجعلها لا تتناثر ؛ ليتم استخلاص الذهب منها ، وبمرور السنين التقط نادر الخبرة العملية من الخبير الأسترالي ، ولم توقفه اللغة المختلفة التي تعلمها مع الوقت حتى حدثت المفاجأة وتفوق التلميذ على أستاذه ، ورحل مدير التفجير الأسترالي واستطاع نادر تولي المهمة التي تَفَوّق فيها على الخبير نفسه حتى صار اليوم مدير التفجير بمنجم السكرى صاحب خبرة تتهافت عليها المناجم العالمية .
( عن جريدة أخبار اليوم – العدد (3753) في 2016/10/8 ).
وهناك آلاف النماذج المشرفة التي لم تحصل على تعليم عال ؛ ومع ذلك انتظمت حياتهم على الجد والاجتهاد والتألق والنجاح الباهر في الحياة .. لله دَرُّهُم .