نملة وهدهد :
نملةٌ تكلمت وفهمها نبي الله سليمان ، وهُدهدٌ تكلم معه كمان ، كلاهما تكلم باطمئنان ، وفي أمن وأمان ، وسيحصل مع دابة الأرض في آخر الزمان .
هيا مع سورة النمل في القرآن .
- قال الإمام السعدي رحمه الله :
حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ .. منبهة لرفقتها وبني جنسها : يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ .. فنصحت هذه النملة وأسمعت النمل إما بنفسها ويكون الله قد أعطى النمل أسماعًا خارقة للعادة ؛ لأن التنبيه للنمل الذي قد ملأ الوادي بصوت نملة واحدة من أعجب العجائب .
وإما بأنها أخبرت من حولها من النمل ثم سرى الخبر من بعضهن لبعض حتى بلغ الجميع ، وأمرتهن بالحذر ، والطريق في ذلك وهو دخول مساكنهن .
وعرفت حالة سليمان وجنوده وعظمة سلطانه ، واعتذرت عنهم أنهم إن حطموكم فليس عن قصد منهم ولا شعور ، فسمع سليمان عليه الصلاة والسلام قولها وفهمه .
قال الله عز وجل : ” حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ “. (سورة النمل : 18)
- أما عن الهدهد ، فيقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى :
يقول تعالى : ( فمكث ) الهدهد ( غير بعيد ) ؛ أي : غاب زمانًا يسيرًا ، ثم جاء فقال لسليمان : ( أحطت بما لم تُحط به ) ؛ أي : اطلعت على ما لم تطلع عليه أنت ولا جنودك ، ( وجئتك من سبإ بنبإ يقين ) ؛ أي : بخبر صدق حق يقين .
وسبأ : هم : حمير ، وهم ملوك اليمن .
يقول رب العزة سبحانه : ” فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ “. (النمل : 22)
– الآيات كاملة :
قال الرب العلي في سورة النمل :
” وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ (17) حَتَّىٰٓ إِذَآ أَتَوۡاْ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ لَا يَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَيۡمَٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّلِحِينَ (19) وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيۡرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَآ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَآئِبِينَ (20) لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابٗا شَدِيدًا أَوۡ لَأَاْذۡبَحَنَّهُۥٓ أَوۡ لَيَأۡتِيَنِّي بِسُلۡطَٰنٖ مُّبِينٖ (21) فَمَكَثَ غَيۡرَ بَعِيدٖ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإٖ يَقِينٍ (22) إِنِّي وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةٗ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِيَتۡ مِن كُلِّ شَيۡءٖ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِيمٞ (23) وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا يَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَعۡمَٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمۡ لَا يَهۡتَدُونَ (24) أَلَّاۤ يَسۡجُدُواْۤ لِلَّهِ ٱلَّذِي يُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَيَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ (25) ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ (26) “.
– من باب المعجزة :
ما حدث مع نبي الله سليمان عليه السلام ، وكذلك ما سيحصل من أمر دابة الأرض في آخر الزمان : ليس من السنن المعروفة بين الناس ، بل هو من باب المعجزة ، وهذا لا يكون إلا بخرق العادة ، والخروج عن المألوف المعهود للناس .
وعلى عهد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، حَنَّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وسَلَّم الحجر عليه ، وهما من الجمادات ، وشكا الجمل له ، وغير ذلك .
لقد فَهَّم الله تعالى نبيه سليمان عليه السلام منطق الطير ، وسخَّر الجبال والطير بالتأويب مع أبيه داود عليه السلام ، وستنطق دابة آخر الزمان !!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
{ الله يلهم الحيوان من الأصوات ما به يعرف بعضها مراد بعض ، وقد سُمِّي ذلك منطقًا وقولًا في قول سليمان : { عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ }، وفي قوله : { قَالَتۡ نَمۡلَةٞ يَٰأَيُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمۡ } ، وفي قوله : { يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ }. اهـ .