نسيج وحده :
- في معجم المعاني الجامع :
هُوَ نَسِيجُ وَحْدِهِ : أَيْ لاَ ثَانِيَ لَهُ ، وَهِيَ عِبَارَةٌ لِلْمَدْحِ .
وهو قريع وَحْده : أي لا يقارعه في الفضل أحد .
- وفي المعجم الوجيز :
{ نسيجُ وَحْدِه }
يقال في المدح : فلان هو نسيج وحده ، كناية عن أنه منفرد بخصال محمودة لا يشترك فيها غيره ، أو أنه واحد في معناه وليس له فيه ثانٍ أو نظير ، على التشبيه بالثوب النفيس الذي كان يُنسَج على حِدَته ولا يُنسَج معه غيره .
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها تصف عمر بن الخطاب : { كان أحْوَذِيًّا ( صاحب جد وتشمير ) نسيجَ وحده } ، تعني أنه ليس له شبيه في جميع أموره .
- وفي لسان العرب :
معنى قولهم : { نَسِيجُ وَحْدِهِ }
وقالوا في الرجل المحمود : هو نَسِيجُ وحْدِه ؛ ومعناه أَن الثوبَ إذا كان كريمًا لم يُنْسَجْ على مِنْوالِه غيرُه لِدِقَّتِه ، وإِذا لم يكن كريمًا نَفِيسًا دَقِيقًا عُمِلَ على مِنْوالِه سَدَى عِدَّةِ أَثوابٍ ؛ وقال ثعلب : نَسيجُ وَحْدِه الذي لا يُعْمَلُ على مثاله مِثْلُه ؛ يُضْرَبُ مثلًا لكل مَنْ بُولِغَ في مَدْحِه ، وهو كقولك : فلان واحدُ عصرِه وقَرِيعُ قَومِه ، فنَسيجُ وَحْدِه أَي لا نظيرَ له في عِلم أَو غَيره ، وأَصلُه في الثوب لأَنَّ الثوبَ الرفيعَ لا يُنْسَجُ على مِنوالِه .
وفي حديث عمر : مَنْ يَدُلُّني على نَسيجِ وَحْدِه ؟
يُريدُ رجلًا لا عَيْب فيه ، وهو فَعِيلٌ بمعنى مفعول ، ولا يقال إِلاّ في المدح .
وفي حديث عائشةَ أَنها ذكرت عمر تَصِفُه ، فقالت : كان واللهِ أَحْوَذِيًّا نَسِيجَ وَحْدِه ؛ أَرادت : أَنه كان مُنْقَطِعَ القَرِينِ .
- وفي مجمع الأمثال :
( أسلوب جرى مجرى الأمثال ).
نَسِيجُ وَحْدِهِ : وذلك أن الثوب النفيس لا يُنْسَج على مِنْواله عدةُ أثوابٍ ، قال ابن الأعرابي : معنى { نَسِيجَ وَحْدِهِ } أنه واحد في معناه ، ليس له فيه ثان ، كأنه ثوب نُسج على حِدَته لم ينسج معه غيره ، وكما يُقال نسيج وحده يُقال { رَجُلُ وَحْدِهِ } .. ويروى عن عائشة أنها ذكرت عمر رضي الله عنهما فقالت : كان والله أحْوَذِيًّا ، نَسِيجَ وَحْدِهِ قد أعدّ للأمور أقرانها .
قال الراجز :
جاءت به مُعْتَجِرًا بِبُرْدِهِ … سَفْوَاء تردى بنَسِيجِ وَحْدِه
- ويقول أ.د. عبدالله الدايل :
يُقَال في مقام المدح والثناء : فلان نَسِيجُ وَحْدِه ، وهذا التعبير بحكم المجاز كناية عن أنه منفرد بخصال محمودة لا يشاركه فيها غيره على التشبيه بالثوب النفيس الذي ينسج على حِدَته ولا ينسج معه غيره .
فهذا التعبير بحكم التركيب والمجاز تعبير اصطلاحي جرى مجرى المثل ، وشاع استعماله بهذا المعنى ؛ لما فيه من البلاغة القائمة على التشبيه والمؤثرة في النفوس ، فإذا قيل : فلان نسيج وحده ، فإنَّ معناه ليس له شبيه أو مثيل ، فهو كالثوب الذي يُنسج وحده فهو متميز على غيره .
- سؤال : مَنْ أول من لُقِّب بـ { نسيج وحده } ؟
الجواب : هو الصحابي عمير بن سعد رضي الله عنه ، وهو أوسي من بني عمرو بن عوف ، وهو الذي أخبر النبي ﷺ بما قال زوج أمه الجلاس بن سويد فنزلت : ” يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ “.
قال ابن عبد البر : { كان يقال له : نسيج وحده ، غلب ذلك عليه وعُرِفَ به }.
- لوحدي :
يقول الأستاذ فاروق مواسي اللغوي العربي المعروف :
هل يصح لنا أن نقول : لوحدي ، لوحدها ؟
الجواب : لا ، فكلمة ( وحد ) هي مصدر ، وهذا الاسم المصدر يدل على التوحد والانفراد ، ويُعرب حالًا منصوبة ( أو في محل نصب مع ياء المتكلم ) ، يقال : شاهدتها وحدَها ، وقفوا وحدَهم .
وليس في قول العرب الفصحاء ( لوحده ) !
تعرب كلمة ( وحدَ ) حالًا منصوبة ؛ لأنها أُوِّلت بالنكرة .
أقول ذلك لأن الحال في الأصل ترد نكرة : جاء الطفل مبتسمًا ، وسيجيء مصافحًا !
كلمة ( وحد ) تضاف إلى الضمير ، ولذا أصبحت معرفة ، وهي منصوبة أو في محل نصب ( في قولنا : وحدي ).
جاز أن يكون الحال معرفة إذا صحّ أن يُؤوّل بالنكرة = منفردًا – أو متوحدًا .
ومثلها : فعل الرجل ذلك عَودَه على بَدئه = عائدًا ، افعل هذا جهدَك = جاهدًا ، اصطف الطلاب الأولَ فالأول – مرتبين ، جاءوا الجمّاءَ الغفير = جميعًا .
الكلمات المعرّفة – عود ، جهد ، الأول ، الجماء تعرب أحوالًا .
وردت ( وحده ) في الذكر الحكيم ست مرات مضافة إلى الضمير – الهاء ، نحو :
” فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ “. (سورة غافر : 84)
أما في الشعر فأذكر لكم :
ابن الرومي :
يرى أو يلاقي وحدَه فكأنما … يرى أو يلاقي ألف ألف مصمم
أبا العتاهية :
وتصريف هذا الخلق لله وحدَه … وكلٌّ إليه لا محالةَ راجع
المتنبي :
وإذا ما خلا الجبان بأرض … طلب الطعن وحدَه والنزالا
لا تأتي ( وحد ) حالًا منصوبة إذا أضيفت إلى كلمة ( نسيج ) في المدح ، كأن نقول : أنت نسيجُ وحدِك في اجتهادك ، زرتُ نسيجَ وحدِه في الكرم ، فكلمة ( وحد ) في كل منهما تعرب مضافًا إليه مجرورًا .
( نسيج وحده ) يعني أنه لا ثاني للممدوح ، فالنسيج هو الثوب لا يُسدَى على سَـداه لرقة غيره من الثياب ، ومن هنا أتى المعنى .
ومثلها في المدح : هو قََريعُ وحدِه = لا ثاني له ، والقريع هو الفحل أو الكريم أو السيد .
- ملاحظة :
أعربت ( وحدَ ) حالًا منصوبة على طريق معظم البصريين ، فمن بحث عن إعراب آخر لدى الكوفيين أو الأندلسيين أو غيرهم فسيجد أن هناك من يعربها -المفعول المطلق للفعل- المصدر المنصوب ، أو المنصوب بنزع الخافض ، أو الظرف في تسويغات ليست بالمستساغة لنا نحن الذين ألفنا الأيسر في طريقة البصريين .
وفي هذه الاختلافات لم أجد أحدًا يرى صحة دخول اللام قبل ( وحده ).
جاءوا الجمّاء الغفير : الجماء هم الجماعة من ( الجُموم ) وهم الكثرة ، والغَفير من ( الغَفر ) وهو الستر ، أي جاءوا ساترين وجه الأرض بكثرتهم .
- في الذم :
هناك تعبيران آخران في الذم ، لا يكادان يُستخدمان ، وللمعرفة أسوقهما :
عُيَـيْر وحدِه ، وجُحَيْـش وحدِه ؛ وهما اللذان لا يشاوران أحدًا ولا يخالطان ، وفيهما مع ذلك مهانة وضعف .