قيم إيمانية وتربوية

قيمة الكلمة 2

نواصل حديثنا عن هذه القيمة العظيمة في الدين ؛ وهي قيمة الكلمة ، فبها نعلو ونعلو مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ويمكن أن نكون بها في حضرة الشياطين .

بها ندخل جنة الرحمن ، وبها نكون من أعوان الشيطان ؛ فالكلمة الطيبة مطية الهداية والدعوة والإصلاح ، وزناد الفكر والفلاح .
إنها منارة توجيه وإرشاد ، ورافد تعليم وبناء وإعداد .
بها الإسلام عَمَّ وساد ، ودعا الشعوب وقاد .

  • آدم وإبليس :

أخطأ آدم ، واعترف بخطئه ؛ فعلَّمه ربه كلمات ؛ فتاب عليه :
” قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ “.

وأمر الله ملائكته ومعهم إبليس أن يسجدوا لآدم ، فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر ، ورد الحكم على خالقه عز وجل ، وقال :
” قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا “.

كلمة من آدم ؛ كانت السبب أن تاب الله عليه .
وكلمة إبليس ، كانت سببًا لأن تلحقه اللعنة إلى يوم الدين .

  • كُن فيكون :

تكررت هذه الكلمة في القرآن الكريم ثماني مرات .

فكلمة ” كُن ” هي من مقتضيات الملك جل في علاه ، يقول عز وجل :
” إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “. (النحل : 40)

  • الكلمة الطيبة :

يقول ربنا تبارك وتعالى : ” أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَة ” ، وهي شهادة أن لا إله إلا الله ، وفروعها { كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ } وهي النخلة { أَصْلُهَا ثَابِتٌ } في الأرض { وَفَرْعُهَا } منتشر { فِي السَّمَاءِ }.

  • وهدوا إلى الطيب من القول :

قال بعض المفسرين في قوله : ( وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ ) أي : القرآن .. وقيل : لا إله إلا الله .. وقيل : الأذكار المشروعة ، ( وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ ) أي : الطريق المستقيم في الدنيا .

قال الله عز وجل : ” وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ “. (الحج : 24)

قال ابن كثير في تفسيره :

وقوله : { وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ } كقوله { وَأُدْخِلَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ } (إبراهيم : 23) ، وقوله : { وَالمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } (الرعد : 23-24) ، وقوله : { لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا } (الواقعة : 25-26) ، فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب ، { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا } (الفرقان : 75) ، لا كما يُهان أهل النار بالكلام الذي يروعون به ويقرعون به ، يقال لهم : { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ، وقوله : { وَهُدُوا إِلَىٰ صِرَاطِ الْحَمِيدِ } ؛ أي : إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم ، على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم ، كما جاء في الصحيح : ” إنهم يلهمون التسبيح والتحميد ، كما يلهمون النفس “.

  • نماذج من القول الطيب :

قالت لزوجها : لا يوجد في منطقتنا مكان لتحفيظ القرآن ، فهلا تبرعت بهذا المكان ؛ فوافق ، وكتب الله له القبول والتميز ؛ مما حدا بآخرين إلى التمثل بهما ، فزاد عدد دور التحفيظ بفضل الله تعالى ؛ والسبب كلمة قالتها مؤمنة موفقة .

قرأت إحدى الأخوات قصة لإحدى الأسر المسلمة كانت تضع صندوقًا للتبرعات ، ينفقون منه على الفقراء والمساكين ؛ التقطت الفكرة ونفذتها مع أولادها وأحفادها ، ونجحت الفكرة تمامًا ؛ وكان السبب كلمة قرأتها في كتاب .

أَقْنَعَت زوجها بالتبرع بقطعة أرض من أملاكه لإقامة صرح إسلامي عليها ، وبدأت بتجميع المال من أفراد أسرتها ، وتضعه في صندوق خاص حتى يصل إلى مبلغ معين ، بعدها يبدأون مشروعهم المرتجى .
وحتى تحقيق هذا الهدف المنشود ، لا تسمح هذه الفاضلة بالاقتراب من الصندوق إلا في حالات البر ، أو الاقتراض لبعض المحتاجين.

كلمة قالتها زوجة ؛ فأثمرت عملًا ينفع المسلمين .

ندعوكم لقراءة : قيمة الكلمة 3

  • هي … كلمة :

لله در شيخنا الكريم القائل في خطبة له في بلاد الحرمين الشريفين :

أكبر دليل على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخل دين الله تعالى الإسلام بكلمة ، ويخرج من دائرته مع سعتها بكلمة ، ويبنى بيتًا وأسرة ومجتمعًا بكلمة ، ويشل بناء بيت ويفرّق جمع أسرة بكلمة ، ويعانق الإنسان الجنة بكلمة ، ويسقط في حضيض النار بكلمة !!

فاعتبروا يا أولي الأبصار .

  • وقفات مع :

” وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ “.

لو قلت الآن : سبحان الله بصدق .. فتأكد أن قولك لها ليس تحريكًا لعضلة لسانك وإنما هداية نزلت عليك من السماء .

من شرف الكلمة الطيبة واللين في القول ، أن الله جعلها من نعيم أهل الجنة : ” وهدوا إلى الطيب من القول “.

الأقوال الطيبة هدايات من الله ، لا تأتي صدفة .

الهداية تبدأ بالقلب وتصدقها الجوارح فمن رأيته يتخبط في جوارحه فاعلم أن إيمانه فيه دَخَن .

لا تحبس الكلام الطيب في قلبك أبدًا .

ابتسم ، امتدح ، اشكر ، وقل خيرًا للجميع .

بوصلة ألسنتهم اتجهت نحو الأقوال الجميلة .

كلُّ كلمةٍ جميلةٍ تقولها ، فهي هدايةٌ من الله لك .
ما أكثرَ هداياتِك أيها الفمُ الطيب !!

الكلام الطيب هداية من الله ونعيم مُعجٓل .

القول الطيب هداية من الله ومن صفات أهل الجنه في الدنيا قبل الأخرة ، فإذا وفقت له فاعلم أنك على خير عظيم .

حتي القول الطيب الجميل هو هداية من الله للعبد ! فهنيئًا لمن نال تلك الهداية .

إذا كان لسانك لا يفتر عن ذكر الله فاعلم أنها هداية من الله ، وفضل امتن عليك به وميزك عن غيرك .

  • حصائد الألسنة :

لله دره من قائل :

الكلمة تتناول أدق القضايا وأعضلها ؛ فتجليها وتنسرب في النفوس ؛ فترقيها أو تشقيها ؛ لذلك حذر الشرع الحنيف من سقطات الألسن وحصائدها ولغوها : ” وهل يكبُّ الناسُ في النارِ على وجوهِهِم إلا حصائِدُ ألسِنَتِهِم ؟ “.

  • الكلمة الهادفة البانية :

قال أحد الخطباء الفصحاء :

الكلمة النورانية الأنوق التي تخطها اليراعة ، أو يلفظها ذوو البراعة .

تنطلق مدبجة بمدى اللطف والوسطية والاعتدال ، في غير استهجان ولا ابتذال ؛ لتحقق من الهدى والخير ، وتدفع من السوء والضير ؛ لأنها تنبع من لوعة الفؤاد على هداية العباد ، ونشر المرحمة بينهم والتواد ، بأكرم عطاء وأزكى زاد .

ما أروع الكلمة الهادفة البانية !

وما أجمل الكلمة الهادية الحانية .

  • لا .. للنقد المسف :

وقال الخطيب نفسه :

{ النقد المسف عن كمد ؛ لا يخفى زيفه وإن طال الأمد }.

  • لله در الشاعر القائل :

تكلَّمْ وسدِّدْ ما اسْتطعتَ فإِنَّما … كلامُكَ حيٌّ والسُّكُوتُ جَمَادُ

فإنْ لم تجدْ قَوْلا سديدًا تقُـوله … فصمتُكَ عنْ غيرِ السَّدَادِ سَداَدُ

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى