قصور لها تاريخ في مصر :
1- قصر عابدين :
شاء الخديو إسماعيل بن إبراهيم باشا حفيد محمد على باشا ، وخامس حكام مصر في الأسرة العلوية أن يُشَيِّد قصر عابدين ليصبح مقرًا جديدًا لإقامة العائلة المالكة ، وليكون جوهرة القصور الملكية .
فور توليه حكم البلاد عام ١٨٦٣م .
ويُعد قصر عابدين تحفة تاريخية نادرة ، وهو البداية الأولى لظهور القاهرة الحديثة .. وفي هذا الوقت أراد الخديو إسماعيل تحديث القاهرة ؛ لجذب الملوك الأوروبيين لحضور الاحتفالات المقامة بمناسبة افتتاح قناة السويس .
وقد شيّد القصر الملكي وفقًا لأرقى الطرز الأوربية ، وكان هذا الصرح الملكي الرسمي رمزًا للتحول من أسوار قلعة صلاح الدين إلى قاهرة الزمن الراقي .
وقد بدأ تشييد القصر بعد أن تم شراء القصر القديم الخاص بعابدين بك ، وهو أحد أمراء المماليك ، والذي عُرفت المنطقة باسمه .
واستمر الخديو إسماعيل في شراء الأملاك المجاورة ، وخلال عشر سنوات وصلت المساحة المخصصة لبناء قصر عابدين إلى ٢٤ فدانًا ، وقُدِّرت التكلفة للبناء بمبلغ مائة ألف جنيه مصري ذهبي في ذلك الوقت .
وقد قام العديد من المهندسين المعماريين بتصميم قصر عابدين الملكي ليكون مقرًا فاخرًا ومدهشًا تحت إشراف ” ليوروسو ” رئيس المهندسين المعماريين في القصور الملكية .
وقصر عابدين عبارة عن طابقين : يشتمل الطابق العلوي على السلاملك ( جناح الرجال والاستقبال والاحتفالات والمقابلات الرسمية ) ، والحرملك ( وهو الجناح الخاص بالعائلة والسيدات ).
أما الطابق الأرضي فيضم مقر الحرس الخديوية ومكاتب التشريفة والمخازن والخدم .
وعلى عكس القصور الأخرى ؛ فقصر عابدين يجمع بين الحرملك والسلاملك في واحد ، وهو ما يُعد مُخالفًا للتقاليد المتبعة في مصر واسطنبول .
ويُعَدّ ” باب باريس ” أشهر وأضخم بوابات القصر ، وهذا الباب يؤدي إلى المدخل الرئيسى للحرملك ؛ وجاءت التسمية نسبة إلى الإمبراطورة ” أوجينى “.
وبعد بناء القصر قرر الخديو إسماعيل تمليك القصر إلى زوجاته الثلاث ، هو وقصر الرملة وقصر الجيزة !!
وعندما نُفِي الخديو إسماعيل عام ۱۸۷۹م أصدر الخديو توفيق قانونًا رسميًّا ينص على أن القصور الرسمية كلها هي ملكية منفردة لمصر ، وينبغي أن تظل محلًا لإقامة الأسرة المالكة دون أن تكون ملكًا لها .
وقد كان قصر عابدين عبر الزمن مسرحًا للاحتفالات الفخمة ، وكذلك شاهدًا على الاضطرابات السياسية والاحتجاجات الشعبية .
وفي عام ۱۸۸۱م شهد قصر عابدين مظاهرة الجيش المصرى بقيادة أحمد عرابي الذي كان لواء ، وقد طالب عرابي بحل وزارة رياض باشا ؛ وكانت ثورة عرابی .
وفي يوليو عام ۱۸۹۱م تعرض قصر عابدين لحريق ليس بسيطًا ؛ وهنا أمر الخديو توفيق بإعادة بناء ما تعرض للتلف في القصر على الفور .
وفي عهد الخديو عباس حلمي الثاني تم تجديد القصر ، ورُصدت ميزانية لذلك تقدر بمائة واثنين وسبعين ألف جنيه مصري ، وتخصيص ثمانية آلاف وأربعمائة وثمانين جنيهًا مصريًا للإصلاحات والتجديدات الدورية ، وتم تأمين القصر بنحو ثلاثمائة وخمسين ألف جنيه مصرى .
وبعد ذلك تنازل عباس حلمي الثاني عن العرش عام ١٩١٤م .
ثم جاء حكم السلطان حسين القصير ، ثم تم تتويج الملك فؤاد عام ۱۹۱۷م حتى وفاته ١٩٣٦م .
وفي حياة الملك فؤاد كان المعماري ” فیروتشي بك ” هو المسئول عن بناء متاحف القصر .
وبعد وفاة الملك فؤاد تولى الحكم آخر ملوك الأسرة العلوية الملك فاروق الأول حتى قيام ثورة ۱۹٥۲م ، وتنازله عن العرش .
وعلى سبيل المثال لا الحصر توجد مائدة بالقاعة الرئيسية على غرار إحدى موائد الملك لويس السادس عشر وهى المائدة التي وقع عليها ” كليمنصو ” معاهدة فرساي في نهاية الحرب العالمية الأولى ، وتوجد قاعة قناة السويس وهي تقع في أقصى طرف جناح السلاملك ، وكانت تُعرف باسم ” الصالون الرسمي ” ، ثم أصبحت قاعة العرش في عهد الخديو عباس الثاني .
ويوجد بالقصر عدد من الصالونات ذات ألوان مختلفة ، يوجد الصالون الأخضر الذي صُمِّم على طراز لويس السادس عشر ، وكذلك الصالونان الأزرق والأحمر .. والصالون الوحيد الذي احتفظ بقماشه الأصلي هو الصالون الأحمر .
وأيضًا هناك صالون محمد على ، وهو الأكبر ، وكذلك الصالون الأبيض وهو مخصص للضيوف المميزين وأصحاب المقام الرفيع .
ويضم قصر عابدين أيضا مكتبة نادرة تضم ما يزيد على ٥٥ ألف كتاب ومرجع .
ويحتوي القصر أيضًا على مسرح لا مثيل له ، ويوجد متحف للأسلحة والذخائر بالقصر يُعَد غاية في الثراء التاريخي .
أما المتحف الثاني بالقصر ، فهو مخصص لمقتنيات أسرة محمد على باشا من أدوات وأوان من الفضة والكريستال والبللور الملون ، والمتحف الثالث هو المتحف الخاص بالأوسمة والنياشين .
وفي عهد الرئيس الأسبق مبارك تم تحديث متحف الأسلحة ، وتم عرض كل الأسلحة التي تلقاها مبارك طوال فترة حكمه .
وقد تم إنشاء المتحف الرابع و هو خاص بمقتنيات مبارك وحرمه ؛ وهي عبارة عن بعض الهدايا التي تلقاها في المناسبات الوطنية المختلفة أثناء جولاته في بلدان العالم .
والمتحف الخامس هو متحف الوثائق التاريخية ويضم مجموعة من الوثائق النادرة ، وتشمل الفرمانات والوثائق التي تحكي تطور أحداث مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ تولي محمد على باشا الحكم سنة ۱۸۰٥م وحتى نهاية حكم الملك فاروق الأول عام ١٩٥٢م .
وقد تم ربط هذه المتاحف المتنوعة بخط زيارة واحد يمر من خلاله الزائر بحدائق القصر .
واستلهامًا من أناقة فرسای ظهر في البلاط الملكي المصري ولع شدید بالساعات الأوربية ، حيث كان يتم جمعها من جميع أنحاء العالم ، كما كان يتم الاعتزاز بها واعتبارها هدايا جديرة بأن يتلقاها أصحاب المقامات الرفيعة ، أو أن يقوموا بتقديمها كهدايا ، وتتراوح الساعات ما بين برونزية وخشبية إلى وحدات القياس الفلكي ، وقد قدَّم كل من ملك إنجلترا والإمبراطورة أوجيني ساعة ضخمة إلى الخديو إسماعيل أثناء افتتاح قناة السويس ، وكان الملك فاروق الأول من أوائل أعضاء ” جمعية الساعات ” التي تم تأسيسها في عام 1943م .
وبجانب اللوحات والصور الزيتية والأثاث والتماثيل والقطع الفنية والسجاجيد ، توجد أدوات المائدة .
وكان معروفًا عن الأسرة العلوية اهتمامها بأناقة وفخامة المائدة ، فمنذ عهد الخديو إسماعيل وحتى عهد الملك فاروق الأول كان يتم اختيار أطقم الطعام الرئيسي .
ندعوكم لقراءة : مستشفيات لها تاريخ
2- قصر القبة :
أحد أهم القصور الملكية في عصر أسرة ” محمد علي باشا ” ، وقد بُني في عهد الخديو ” إسماعيل ” على أطلال منزل قديم لوالده إبراهيم باشا . واستمر البناء لمدة ست سنوات ، حيث بدأ العمل في إنشائه عام ١٨٦٧م وانتهى أواخر عام ١٨٧٢م .. وقد افتُتح القصر رسميًّا في يناير عام ١٨٧٣م في حفل زفاف الأمير ” محمد توفيق ” ولي عهد الخديو ” إسماعيل ” ، ليرتبط القصر فيما بعد بحفلات الزفاف والأفراح الأسطورية للعائلة الملكية .
يُعدّ قصر القبة من أكبر القصور الملكية من حيث المساحة ، حيث تصل مساحته إلى ١٩٠ فدانًا تقريبًا .
سُمّي هذا القصر نسبةً إلى مبنى قديم من عصر المماليك يُعرَف بمبنى القبة ، حيث أحاطت به بحيرة مائية كانت مقصدًا لكثير من أبناء العائلات الكبيرة والطبقة الراقية وقتها للصيد والتنزه .
وتضم حدائق القصر مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات ترجع إلى عهد الخديو ” إسماعيل “.
- الأحداث التاريخية :
– اتخذه الملك فؤاد الأول مقرًا لإقامته منذ عام ١٩٢٥م .
– شهد القصر العديد من حفلات الزفاف الخاصة بأمراء وملوك الأسرة ، ومنها زواج الملك ” فاروق ” من الملكة ” فريدة ” في يناير عام ١٩٣٨م .
– وقد شُيِّعَت جنازة الملك ” فؤاد ” من القصر في عام ١٩٣٦م ، واعتُبِر في عهده هو وقصر عابدين من القصور الرئيسية للحكم .
– شهد القصر أيضًا أول خطاب مسجَّل للإذاعة المصرية للملك ” فاروق ” من داخل هذا القصر يوم ٨ مايو عام ١٩٣٦م بعد عودته من إنجلترا عقب وفاة والده الملك فؤاد .
– وكان قصر القبة مقر إقامة شاه إيران ” محمد رضا بهلوي ” بعد لجوئه السياسي إلى مصر عام ١٩٧٩م .
3- قصر الطاهرة :
في عام ١٩٢٤م قامت ” أمينة هانم ” ابنة الخديوي ” إسماعيل ” بشراء قطعة أرض لتقيم عليها فيلا ، ومنها انتقلت الملكية إلى ابنها ” محمد طاهر باشا ” ، ومن اسم ” طاهر باشا ” جاءت تسمية القصر بقصر الطاهرة .
تم تحويل القصر من فيلا صغيرة إلى قصر على الطراز الإيطالي ، وقد أشرف علي التعديل المهندس الإيطالي الشهير ” أنطونيو لاشيك “.
وقد اشتراه الملك ” فاروق الأول ” بمبلغ ٤٠,٠٠٠ جنيه من ” محمد طاهر باشا ” ، وأهداه إلى زوجته الأولى الملكة ” فريدة ” عام ١٩٣٩م .
- الأحداث التاريخية :
– إقامة ولي عهد إيران ” محمد رضا بهلوي ” بقصر الطاهرة عام ١٩٣٩م أثناء وجوده بمصر ؛ للزواج من الأميرة ” فوزية ” شقيقة الملك ” فاروق “.
– انتقلت ملكية القصر إلى الملك فاروق عقب الخلافات التي وقعت بين الملكة فريدة والملك فاروق وتسببت في طلاقهما عام ١٩٤٨م ، وأمر بإقامة سور كبير حول القصر والحدائق على غرار سراي القبة .
– استخدامه أحيانًا للمقابلات الرسمية في عهد الرئيس الراحل ” جمال عبد الناصر “.
– كان قصر الطاهرة مركزًا للعمليات في أثناء حرب أكتوبر المجيدة عام ١٩٧٣م في عهد الرئيس الراحل ” محمد أنور السادات “.