العجب العجاب

قابيل وهابيل

قابيل وهابيل :

من أعجب العجب في دنيا الناس أن يقتل إنسان أخاه الإنسان ؛ والأسباب مختلفة وغالبًا ما يكون القتل غير مبرر على الإطلاق .
قال رسول الله ﷺ : ” لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابنِ آدمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا ؛ لأَنَّهُ كَان أَوَّل مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ “.
( متفقٌ عَلَيهِ ).

قال الله تعالى :

” وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ * فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ “. (المائدة : 27-31)

قصة قابيل وهابيل ذكرها القرآن الكريم في سورة المائدة كما ذكرنا من قبل ، ولكن القرآن لم يذكر اسميهما .

والقصة باختصار تحكي عن ابني آدم ، وأن كلًّا منهما قدَ قدم قربانًا إلى الله عز وجل ، فتقبل الله قربان هابيل ؛ لصدقه وإخلاصه ، ولم يتقبل قربان قابيل ؛ لسوء نيته ، وعدم تقواه ، فقال قابيل -على سبيل الحسد- لأخيه هابيل : { لأقتلنك } !!

والعجب كل العجب أنه قال ذلك بسبب قبول قربان أخيه ، ورفض قبول قربانه هو ، فكان رد هابيل على أخيه : { إنما يتقبل الله من المتقين } ، فكان ردُّ هابيل لأخيه قابيل ردًّا فيه نصح وإرشاد ؛ حيث بيَّن له الوسيلة التي تجعل صدقته مقبولة عند الله .

ثم إن هابيل انتقل من حال وعظ أخيه بتطهير قلبه من الحسد ، إلى تذكيره بما تقتضيه رابطة الأخوة من تسامح ، وما تستدعيه لحمة النسب من بر ، فقال لأخيه : { لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين } ، فأخبره أنه إن اعتدى عليه بالقتل ظلمًا وحسدًا ، فإنه لن يقابله بالفعل نفسه ؛ خوفًا من الله ، وكراهية أن يراه سبحانه قاتلًا لأخيه ، رغم أنه أقوى من أخيه كما تقول كتب التفسير .

ثم انتقل هابيل إلى أسلوب آخر في وعظ أخيه وإرشاده ؛ إذ أخذ يحذره من سوء المصير إن هو أقبل على تنفيذ فعلته { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين }.

بيد أن قابيل لم يرعوِ لنصائح أخيه ، وضرب بها عُرْض الحائط ، ثم انساق مع هوى نفسه ، وزينت له نفسه الإقدام على قتله ، فارتكب جريمته ، فقتل أخاه !

أي ذنب جناه المقتول ؟!

وهذا الحال تكرر بعد ذلك في دنيا الناس ملايين المرات ، وأصبح القتل بالملايين في بعض الحروب ؛ كالحربين العالميتين الأولى والثانية ، وغيرها من حروب .

ندعوكم لقراءة : الغراب

  • الحرب العالمية الأولى :

العدد الكلي للإصابات والقتلى في صفوف العسكريين والمدنيين في الحرب العالمية الأولى أكثر من 37 مليون نسمة . مقسمة إلى 16 مليون حالة وفاة و20 مليون إصابة مما يجعله من أكثر الصراعات دموية بعد الحرب العالمية الثانية في تاريخ البشرية .
.يتضمن العدد الإجمالي للوفيات حوالي 10 ملايين عسكري وحوالي 7 ملايين مدني ، فقدت قوى الحلفاء حوالي 6 ملايين جندي بينما خسرت قوى المحور 4 ملايين جندي .. ومليونان على الأقل ماتوا بسبب الأمراض و6 ملايين في عداد المفقودين ، ونحو ثلثي قتلى الجنود كانت في المعارك .

  • الحرب العالمية الثانية :

تشكل الحرب العالمية الثانية من 1939 حتى 1945 أكبر نزاع عسكري شهدته البشرية .
شارك في الحرب 60 دولة وسقط خلالها أكثر من 60 مليون إنسان ؛ فقد كانت أكثر الصراعات العسكرية دموية على مر التاريخ الإنساني ، والضحايا مثلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي !!

ويقولون إن الإسلام انتشر بالسيف ، تعالوا لنرى عدد القتلى في غزوات رسول الإسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .

  • عدد قتلى الغزوات :

بلغ عدد القتلى في كل معارك النبي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، ما يقارب الألف قتيل من الطرفين ، منهم 600 من مقاتلي يهود بني قريظة قتلوا قضاءً لا قتالًا ، نتيجة لغدر اليهود بالمسلمين مرتين وقت معركة الخندق .

بينما التقديرات لعدد الضحايا الذين قضوا في الحروب الصليبية بين مليون إلى 3 ملايين شخص .

  • قال عمر بن أبي ربيعة :

إن من أكبر الكبائر عندي … قتل بيضاء حرة عطبولِ

قُتلت باطلًا على غير ذنبٍ … إن لله درها من قتيلِ

كُتب القتل والقتال علينا … وعلى الغانيات جر الذيولِ

  • وقال إيليا أبو ماضي :

بئس الوغى يجني الجنود حتوفهم … في ساحها والفجر للتيجانِ

ما أقبح الإنسان يقتل جاره … ويقول هذي سنة العمرانِ

بلي الزمان وأنت مثلك قبله … يا شرعة قد سنها الجدانِ

فالقاتل الآلاف غاز فاتح … والقاتل الجاني أثيمٌ جاني

لا حق إلا تؤيده الظبى … ما دام حب الظلم في الإنسانِ

زر الذهاب إلى الأعلى