لغة الضاد

فن التخميس

التخميس هو نوع من تفنن الشعراء العرب وإبداعاتهم الكثيرة ؛ وهو أن يأخذ الشاعر بيتًا لسواه ، فيجعل صدره بعد ثلا‌ثة أشطر ملا‌ئمة له في الوزن والقافية ، أي يجعله عجز بيت ثانٍ ، ثُمَّ يأتي بعجز ذلك البيت بعد البيتين فيحصل على خمسة أشطر .

– أسباب مختلفة :

يلجأ بعض الشعراء إلى التخميس لأسباب مختلفة ، ولكن السبب الرئيس هو حبهم للشعر وافتتانهم به .

وفي معظم الأحيان فإن التخميس يكون من شاعر أُعجب بقصيدة شاعر آخر فأراد أن يكتب مثلها مجاراة للشاعر الكبير ، فوجد ضالته في التخميس الذي يعطيه الفرصة الكاملة لإثبات قدرته على مجاراة تلك القصيدة .

وفن التخميس ظاهرة شعرية برزت في فترة متأخرة من تاريخ الشعر العربي ثم أخذت في التراجع أخيرًا ، ولعل من أسباب ازدهار هذا الفن هو الولع الكبير بنماذج شعرية من الشعر العربي .

والتخميس مشتق من خمّس الشيء أو جعل له أضلاعًا أو أجزاءً خمسة ، أي خمسة أشطر شعرية ؛ حيث يقوم الشاعر بنظم ثلاثة أشطر على الشطرين الرابع والخامس لشاعر آخر ، وقد يضيف شطرًا ؛ وهنا يسمى التثليث أو يضيف شطرين وهنا يسمى التربيع ، ثم التخميس ثم التسديس وهلّم جرا .

  • وعن المسمطات الشعرية ، تقول عائشة الفزارية العمانية :

فن التخميس وعموم المسمطات الشعرية في الشعر العُماني ظاهرة أدبية متوارثة وليست وليدة اليوم ، وتسميط القصيدة أو تشطيرها أو تخميسها بمعنى توليدها أو توليد أشطر بها ؛ وهو أن تأتي بقصيدة قديمة وتولد منها أشطرًا جديدة لتجعلها خمسة ؛ هذه هي التي قد تكون ظاهرة .

– على قدر أهل العزم :

هذا مقطع من مخمسة ” تميم البرغوثي ” لقصيدة أبي الطيب المتنبي [ على قدر أهل العزم ] :

أقول لدارٍ دهرها لا يُسالمُ

وموتٍ بأسواق النُّفوسِ يُساومُ

وأوجهِ قتلى زيَّنَتْها المَبَاسِمُ

على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ

وتأتي على قدر الكرامِ المكارمُ

  • وعلى موقع المكتبة الشاملة قالوا :

الأصل في أي قصيدة أن تكون أبياتها مكوّنة من شطرين .

والتخميس في اللغة : جعل الشيء ذا خمسة أركان ،

وفي الشعر : جعل كل قطعة منه ( وهو البيت ذو الشطرين ) خمسةَ شطور ؛ يعني أن الشاعر يزيد على البيت ثلاثة أشطار أخرى ، وذلك في القصيدة كلها إلى أن تنتهي .

ويسميه البعض : ( المسمّط ) إذا اختلفت أحد قوافيه وكانت لازمة كأن تكون الأخيرة ، وهذا على قول البعض.

ندعوكم لقراءة : شعر وشعراء

– أمثلة على التخميس :

والمخمسات كثيرة في الشعر العربي ، ومن أمثلتها تخميس صفي الدين الحلي لبيت السموأل الشهير :

تعيّرنا أنّا قليل عديدنـا … فقلت لها إن الكرام قليل

حيث قال :

وعصبة غدر أرغمتها جدودنا

وباتت ومنها ضدنا وحسودنا

إذا عجزت عن فعل كيدٍ بكيدنا

تعيّرنـا أنّـا قليـل عديدنـا

فقلت لها إن الكرام قليل

  • وأيضًا :

ليت الملا‌ح وليت الراح قد جعلا‌ … في جبهة الليث أو في قبة الفلك

كي لا‌ يقبّل معشوقا سوى أسد … ولا‌ يطوف بحانات سوى ملـك

فقد خمّسمهما معروف الرصافي فقال :

سعى يحاول إسكاري بكأس طـلا‌

من كنت قبل الطلا‌ في حبه ثمـلا‌

فقلت إذ نلت منه الضم والقُبـلا‌

ليت الملا‌ح وليت الراح قد جعلا‌

في جبهة الليث أو في قبة الفلك

أقول قولي هذا ليس من حسـد

للعاشقين ولا‌ حقد علـى أحـد

لكن صيانة أهل الحسن والغَيَـدِ

كي لا‌ يقبّل معشوقا سوى أسد

ولا‌ يطوف بحانات سوى ملك

  • وخمّس أحدهم بيتي جرير :

أمر على الديار ديار ليلى … أُقبل ذا الجدار وذا الجدارا

وما حب الديار شغفن قلبي … ولكن حب من سكن الديارا

فقال :

محب غادر العبرات سيـلا‌

لكي يحظى من الأ‌حباب نيلا‌

ألم ترني أجوب البيد ليـلا‌

أمر على الديار ديار ليلى

أُقبل ذا الجدار وذا الجدارا

ديـارٌ للتـي فتكـت بلبـي

تهيِّج لوعتي وتزيـد كربـي

بليت بحبها من دون صحبي

وما حب الديار شغفن قلبي

ولكن حب من سكن الديارا

ندعوكم لقراءة : من عجائب الشعر

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى