طيب الذكر

طيب الذكر :

رسول الله صلى الله عليه وسلم ، طيب الذِّكر ، كثير الذِّكر ، دائم الحمد والشكر .

نبيٌّ كريم ، عليه الصلاة وأزكى التسليم ، على خُلق عظيم ؛ صاحب قلب سليم ، ونهج قويم ، وصراط مستقيم ، وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم .

وما أجمل قول الشاعر الحكيم :

وكلُّ الناس تُولَد ثم تَفنى … ووحدَك أنت ميلادُ الحياةِ

وكلُّ الناس تُذكَر ثم تُنسَى … وذِكرُك أنت باقٍ في الصلاةِ

تُردِّده المآذنُ كلَّ وقتٍ … وينبِضُ بالقلوب إلى المماتِ

وفاحَ المِسكُ أنَّى كنتَ تمشِي … ووجهُك نورُه عَمَّ الجهاتِ

وقد تُعلِي المكارمُ قدرَ قومٍ … ويعلو فيك قدرُ المَكرُماتِ

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا محمد ﷺ .

جاءَ الحبيبُ إلى الوجودِ يتيما … والكونُ في دربِ الظلالِ سقيما

فـَـأنارَ للكونِ الـعــليلِ ظلامَــهُ … بـشـريعـةٍ لا تـقـبـلُ الـتـقـسـيـمَا

يا مؤمنـونَ بأنّ أحـمــدَ مُرسَلٌ … صلّــوا علـيـهِ وسلـّـِمـوا تسليما

إنّ الحديث النبويّ الشريف وحيٌ من وحي الله ، يخرج من مشكاة الحقّ والهدى : ” وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ “. (النجم 3-4)

ولقد أوتي المصطفى صلى الله عليه وسلم الحكمة وفصل الخطاب ، وخُصّ بجوامع الكلم ، ومنتهى الحكم ، فكان كلامه القول الفصل في كل أمر أو نهي ، فلا يُحَاط بدقائق قوله ومعانيه ، ولا يبلغ الفصحاء والبلغاء ، وأهل العقول والحجا أغوار ما فيه ، فهو لا يزال يَهَبُ الأيام من معين الحقّ فيضًا بعد فيض ، ليكون هداية الخلق إلى الحقّ ، وحجّة الله على الخلق ، حتّى يرث الله الأرض ومن عليها.

روى أحمد ومسلم والترمذي ، من حديث الأوزاعي ، عن شداد بن أبي عمار عن واثلة بن الأسقع ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

” إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشًا من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم “.

ندعوكم لقراءة : محمد نبي كريم

كان الشيخ إبراهيم نياس ( عالم سنغالي كبير ) يفسر القرآن ، فلما وصل إلى قوله تعالى : ” وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ” (النساء : 125) ، قال الشيخ : الفرق بين الخليل والحبيب : الخليل يعطي بعد الطلب ، والحبيب يعطي من دون طلب .

قال الخليل : ” حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ” (آل عمران : 173) ، وقال تعالى : ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ “. (الأنفال : 64)

قال الخليل : ” إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي “. (الصافات : 99)

قال تعالى : ” سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى “. (الإسراء : 1)

قال الله على لسان الخليل : ” وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ “. (الشعراء : 87)

قال تعالى : ” يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ “. (التحريم : 8)

قال الله على لسان الخليل : ” وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ “. (إبراهيم : 35)

قال تعالى : ” إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا “. (الأحزاب : 33)

قال الخليل : ” وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ “. (الشعراء : 82)

قال تعالى : ” لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا “. (الفتح : 2)

إنه نبينا الحبيب القريب إلى ربه ومولاه ، صلى الله عليه وسلم .

تنفس من عطور الصبح ذكرا … ليشرح يومك الميمون صدرا

وصلِّ على النبي صلاةَ حُبٍّ … يصلي عليك رب الكون عشرا

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقًا وأكرمهم وأتقاهم .

ففي الصحيحين ، عن أنس رضي الله عنه ، قال :
” كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلُقًا “.

قال الله تعالى مادحًا وواصفًا خُلق نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم : ” وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ “. (القلم : 4)

فأي شهادة بعد شهادة الملك الحق ؟!!

قالت أمنا عائشة رضي الله عنها ، لما سُئلت عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، قالت : ” كان خلقه القرآن “. (صحيح مسلم)

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره : ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن -أمرًا ونهيًا- سجيةً له وخُلقًا ، فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه ، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم ؛ من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل .

عن عطاء رضي الله عنه قال : قلت لعبدالله بن عمرو : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال : أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن :

” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وحرزًا للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا لا إله إلا الله ، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غُلفًا “. (رواه البخاري)

صَلَّى عَلَيكَ إِلَـٰهُ الكَونِ مَا بَسَمَتْ … سَحَابَةٌ وَجَرَى مِنْ ثَغْرِهَا مَطَرُ

Exit mobile version