صاحب معالم التنزيل

هو الإمام الجليل ، صاحب معالم التنزيل .

الشيخ العالِم العلامة ، القدوة الحافظ الفهامة .

الشيخ الإمام ، شيخ الإسلام ، محيي السُّنَّة ، ولله الحمد والمِنَّة .

هو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء الشافعي المفسر ، صاحب التصانيف : والتي منها :
معالم التنزيل ، وشرح السنة ، والمصابيح ، وكتاب التهذيب في المذهب ، والجمع بين الصحيحين ، والأربعين حديثًا ، وغير ذلك .

تفقه على شيخ الشافعية القاضي حسين بن محمد المروروذي ، صاحب [ التعليقة ] قبل الستين وأربعمائة .

وسمع منه ، ومن أبي عمر عبد الواحد بن أحمد المليحي ، وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرزي ، وجمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، ويعقوب بن أحمد الصيرفي ، وأبي الحسن علي بن يوسف الجويني ، وأبي الفضل زياد بن محمد الحنفي ، وأحمد بن أبي نصر الكوفاني ، وحسان المنيعي ، وأبي بكر محمد بن أبي الهيثم الترابي وعدة ، وعامة سماعاته في حدود الستين وأربعمائة .

حدّث عنه أبو منصور محمد بن أسعد العطاري عرف بحفدة ، وأبو الفتوح محمد بن محمد الطائي ، وجماعة ، وآخر من روى عنه بالإجازة أبو المكارم فضل الله بن محمد النوقاني ، الذي عاش إلى سنة ستمائة ، وأجاز لشيخنا الفخر بن علي البخاري .

وكان -رحمه الله- يُلَقب بمحيي السنة وبركن الدين ، وكان سيدًّا إماما ، عالمًا علامة ، زاهدًا قانعًا باليسير ، كان يأكل الخبز وحده ، فعذل في ذلك ، فصار يأتدم بزيت ، وكان أبوه يعمل الفراء ويبيعها ، بورك له في تصانيفه ، ورزق فيها القبول التام ، لحسن قصده ، وصدق نيته ، وتنافس العلماء في تحصيلها ، وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة ، وكان مقتصدًا في لباسه ، له ثوب خام ، وعمامة صغيرة على منهاج السلف حالًا وعقدًا ، وله القدم الراسخ في التفسير ، والباع المديد في الفقه رحمه الله .

تُوفِي بمرو الروذ مدينة من مدائن خراسان في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة ودُفن بجنب شيخه القاضي حسين ، وعاش بضعًا وسبعين سنة رحمه الله .

الاعتماد على الكتاب والسنة ، والحرص على المأثور من التفسير ، والبعد عن البدع وقلة الإسرائليات والموضوعات في تفسيره ، كذا العناية باللغة والنحو والقراءات ، وذكر بعض قضايا العقيدة والأحكام الفقهية بإيجاز .

وهي الأصول التي اعتمد عليها في تأليفه [ معالم التنزيل ] ، وهي التفاسير المأثورة عن الصحابة والتابعين ، وكتب الأخبار والمغازي والقراءات العشر ، وكذلك الحديث النبوي عن الكتب الصحيحة المعتبرة .

وُلد في بغثور وإليها نسبته وهى بليدة بين هراة ومرو الروذ من بلاد خرسان ، والتي أنجبت كثيرًا من المحدثين والفقهاء وأهل العلم .

معظم المصادر التي تُرجمت له لم تشر إلى السنة التي وُلد فيها ، غير أن ياقوت الحموي قال في معجم البلدان : إنه وُلد سنة 433 هـ ، أما الزركلي فأشار في الأعلام إلى أنه ولد سنة 436 هـ .

وجميع من ترجم له أرّخوا أنه تُوفي سنة 516 من الهجرة النبوية ، سوى ابن خلكان فأرَّخ وفاته 510 ، وقالوا إنه قد بلغ الثمانين أو تجاوزها ، فيغلب الظن أنه وُلد في أوائل العقد الرابع من القرن الخامس الهجري .

كان الإمام يعتنق عقيدة أهل السنة والجماعة ؛ فشهادات العلماء ممن ترجم له ، تشهد له بذلك فهو كما يقول ابن نقطة عنه : { إمام حافظ ثقة صالح } ، وهي من الدرجات العالية في التعديل والتقويم .

ويقول الإمام الذهبي { على منهاج السلف حلًا وعقدًا }.

ويتضح من هذه الأقوال أن عقيدته هي عقيدة أهل السنة والجماعة .

وأما مذهبه فقد كان من أئمة المذهب الشافعي ، وقد اشتهر ذلك لدى العلماء وأكده من ترجم له ، ومنهم ابن خلكان والذهبي والسبكي ، وغيرهم .

أما اختياره للمذهب الشافعي فبحكم البيئة التي نشأ بها ، والعلماء الذين تلقى عنهم ودرس عليهم الفقه .

وقد دفعه حبه وحرصه على المعرفة ، وشغفه بالسنة أن يرحل في طلب العلم ، فرحل إلى مرو الروذ ؛ ليلتقى بإمام عصره الحسين بن محمد المروزى القاضي ، فتتلمذ له وروى عنه .

وطاف بلاد بخراسان ، وسمع إلى كثير من علمائها وروى عنهم الصحاح ، والسنن ، والمسانيد ، ودرس المذاهب الأربعة وخاصة مذهب الإمام الشافعي ، وجالس علماء اللغة وحمل عنهم الكتب التي أُلفت في غريب الحديث وفسر معانيه .

كان حافظًا للقرآن وملمًا لقراءاته ، وعالمًا بما أثر عن الصحابة والتابعين في التفسير ، وكان ذا بصر تام بمذهب الإمام الشافعي ، وعالمًا بالخلاف بين المذاهب الأربعة .

وكان -رحمه الله- من أئمة الحديث وحفاظه ، وكان لا يتعصب لمذهب ولا يندد بغيره ، وكان حريصًا على نشر علوم القرآن السنة .

قال السبكي : { كان يلقب بمحيى السنة ، وبركن الدين ، ولم يدخل بغداد ، ولو دخلها لاتسعت ترجمته ، وقدره عال في الدين ، والتفسير والفقه ، والحديث }.

وقال ابن العماد الحنبلي : { المحدث المفسر صاحب التصانيف ، عالم أهل خراسان }.

وقال ابن خلكان : { كان بحرًا في العلوم ، وصنّف في تفسير كلام الله ، وأوضح المشكلات من قول النبى ﷺ في الحديث }.

وقال ابن كثير في البداية والنهاية : { وكان علامة زمانه ، ديِّنًا ، ورعًا ، زاهدًا عابدًا ، صالحًا }.

وقال السيوطي في طبقات الحفاظ : { بورك له في تصانيفه ؛ لقصده الصالح ، فإنه كان من العلماء الربانيين ، ذا تعبد ونُسُك ، وقناعة باليسير }.


رحم الله العالم الجليل صاحب معالم التنزيل ، الإمام : البغوي .

رحمه رحمة واسعة .

ندعوكم لقراءة : صاحب فتح الباري

Exit mobile version