خير التابعين هو ابن عامر بن جزء بن مالك القرني المرادي .
– مولده :
وُلد ( 28 ق هـ / 594م ).
وهو أحد النساك العباد المقدمين ، من سادات التابعين .. أصله من اليمن ، من بلدة ردمان .
أسلم على عهد رسول الله ﷺ ومنعه من القدوم عليه بره بأمه .
رضي الله عنه ، هذا الصالح اليمنيّ ، الذي بشّـر به النبي ، وذكر اسمه ، ونسبه ، وصفاته لأصحابه رضي الله عنهم ، وأخبر أنه سيأتي على الناس ، وأوصى عمر بأن يطلب دعاءه إذا رآه ، وأن يستغفر له ؛ فقد كان بارًّا بأمّه .
يروى مسلم في صحيحه في فضائله عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ ، وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِه ، فَقَالَ عُمَرُ : هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَنِيِّينَ ؟ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ : « إِنَّ رَجُلًا يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ …. ، لَا يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ ، قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ ، فَدَعَا اللهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ ، إِلَّا مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ ، فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ » ، وفي رواية عند مسلم أيضًا من حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ .… ، وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ».
وقد جاء في رواية ثالثة تبيّن سبب حب الله ورسوله له ، وهو بِــرّه بأمّه ؛ ففي الحديث : عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ ، قَالَ : ” كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، سَأَلَهُمْ : أَفِيكُمْ …. ؟ حَتَّى أَتَى عَلَيه فَقَالَ : أَنْتَ فلان ابن فلان ؟ ( وذكر اسمه ) قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ فَبَرَأْتَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : « يَأْتِي عَلَيْكُمْ …. مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ فَبَرَأَ مِنْهُ إِلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ » فَاسْتَغْفِرْ لِي ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : الْكُوفَةَ ، قَالَ : أَلَا أَكْتُبُ لَكَ إِلَى ؟ قَالَ : أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ “. (رواه مسلم : 2542)
سكن الكوفة في حدود سنة 19 هـ ، ثم شهد معركة نهاوند في جيش الكوفة .
عاش أكثر دهره مستخفيًا ، وجعل الناس في طلبه من كل موضع ، ويتمسحون به ، وكان -كثيرًا- يقول : ماذا لقيتُ من عمر بن الخطاب حين عرفني الناس .
– يوم صفين :
شهد مع علي بن أبي طالب يوم صفين وكان على الرَّجالة ، يضرب بالسيفين ، فأصيب يومها ، وانتقضت عليه جراحته ، فمات في الرقة ، وفيها مسجده الذي سُمِّي باسمه بجوار قبره ، وقد زاره ياقوت الحموي .
إنه خير التابعين : أويس القرني .
– المزيد .. لمن يريد :
على تل مرتفع بقرية المحاميد بأسوان ، يتواجد مقام سيد التابعين أويس القرني ، وهو مقام رؤيا حسب اعتقادات الصوفية ، أى تم بناؤه حسب رؤيا شاهدها أحد أهالي القرية ، فقام بوضع شاهد ومقام رمزي باسم أويس القرنى ، الذي استُشهد فى مدينة الرقة السورية ، ودُفن هناك على أصح الروايات التى تناولت تاريخ وحياة أويس القرنى .
بدوره يقول الدكتور محمد سيد نور باحث فى التراث لــ” بوابة الأهرام ” : إن هناك العديد من مثل هذه المقامات لأويس القرني فى مصر ، والشام ، وكذلك اليمن ، مؤكدًا أن تاريخ المقام يعود لنحو 300 عام .
والمقام الموجود بالمحاميد ليس ضريحًا ، أى ليس به جسد الشخص ، إنما هو مقام رؤيا فقط -حسب الاعتقادات الصوفية- ، والمقام بحالة جيدة نظرًا لأعمال الترميم والصيانة المستمرة من الأهالي ، خصوصًا أن زوار الولي الصالح النجار أبو علي فى قرية المحاميد يزورون مقام أويس كل خميس ، خاصة السيدات والمقبلات على الزواج ، حيث تُمارس بالقرب منه طقوس شعبية صعيدية فى “الحناء”.
يوضح محمد سيد نور أن أويس القرني له مكانة عظيمة عرفها الصحابة الكرام ، وعلى رأسهم الفاروق عمر بن الخطاب ، والإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنهما- ، لما جاء من حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- ، حتى إن الإمام مسلم أفرد بابًا في صحيحه عن أويس القرني .
هو ليس من الصحابة ، وإنما هو من التابعين ؛ والتَّابِعون هم من لَحِقوا ورَأَوا أصحابَ النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
قال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء : ” القدوة الزاهد ، سيد التابعين في زمانه ، كان من أولياء الله المتقين ، ومن عباده المخلصين “.
عاش أويس بن عامر في اليمن ، وانتقل إلى الكوفة ، وكان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفين وبها لقي الله شهيدًا .
روى أويس بن عامر عن عمر وعلي ، وتعلم على يد كثير من الصحابة ونهل من علمهم حتى صار من أئمة التابعين زهدًا وورعًا ، ولقد تعلم منه خلق كثير ، تعلموا منه بره بأمه ، وتواضعه لربه رغم ما ورد في فضله من أحاديث ، ورغم ما ذكره به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وروى عنه بشير بن عمرو وعبد الرحمن بن أبي ليلى ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل الكوفة ، وقال : كان ثقة .