لغة الضاد

تبارك الملك

تبارك الملك :

” تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ “. (سورة الملك : 1)

«تبارك» تنزه عن صفات المحدثين «الذي بيده» في تصرفه «الملك» السلطان والقدرة «وهو على كل شيءٍ قدير».

تبارك : فعل ماض لا يتصرف ، أى لم يجيء منه مضارع ولا أمر ولا اسم فاعل .
من البركة بمعنى الكثرة من كل خير .. وأصلها النماء والزيادة .
أى : كثر خيره وإحسانه وتعاظمت وتزايدت بركات الله رب العالمين .

أو من البركة بمعنى الثبوت .
يُقال : برك البعير ، إذا أناخ في موضعه فلزمه وثبت فيه. وكل شيء ثبت ودام فقد برك .
أى : ثبت ودام خيره على خلقه .

أو المعنى : تعالى الله رب العالمين وتعظم وارتفع وتنزه عن كل نقص .

  • تبارك الله الملك :

أي : تعالى الله وتعظم .. وقيل : ارتفع . والمبارك المرتفع .. وقيل : تبارك تفاعل من البركة وهي النماء والزيادة ، أي : البركة تكتسب وتنال بذكره .

وعن ابن عباس قال : جاء بكل بركة .. وقال الحسن : تجيء البركة من قبله ، وقيل : تبارك : تقدس .. والقدس : الطهارة .. وقيل : تبارك الله أي : باسمه يتبرك في كل شيء .. وقال المحققون : معنى هذه الصفة ثبت ودام بما لم يزل ولا يزال .. وأصل البركة الثبوت .. ويقال : تبارك الله ولا يقال : متبارك ولا مبارك ، لأنه لم يرد به التوقيف .

  • قال ابن عاشور :

وجملة { تبارك الله رب العالمين } تذييل معترضة بين جملة { إن ربكم الله } وجملة { ادعوا ربكم تضرعا وخفية } (الأعراف : 55) إذ قد تهيّأ المقام للتّذكير بفضل الله على النّاس ، وبنافع تصرّفاته ، عقب ما أجرى من إخبار عن عظيم قدرته وسعة علمه وإتقاننِ صنعه .

وفعل { تبارك } في صورة اشتقاقه يؤذن بإظهار الوصف على صاحبه المتّصف به مثل : تثاقل ، أظهر الثّقل في العمل ، وتعالل ، أي أظهر العلّة ، وتعاظم : أظهر العظمة ، وقد يستعمل بمعنى ظهور الفعل على المتّصف به ظهوراً بيِّناً حتى كأنّ صاحبه يُظهره ، ومنه : { تعالى الله } (النمل : 63) أي ظَهر علوّه ، أي شرفه على الموجودات كلّها ، ومنه { تبارك } أي ظَهرت بركته .

والبركة : شدّة الخير ، وقد تقدّم الكلام عليها عند قوله تعالى : { إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً } في سورة آل عمران (96) ، وقوله : { وهذا كتاب أنزلناه مبارك } في سورة الأنعام (92) .. فبركة الله الموصوفُ بها هي مجده ونزاهته وقدسه ، وذلك جامع صفات الكمال ، ومن ذلك أنّ له الخلق والأمر .

وإتْباع اسم الجلالة بالوصف وهو رب العالمين في معنى البيان لاستحقاقه البركة والمجد ، لأنّه مفيض خيرات الإيجاد والإمداد ، ومدبّر أحوال الموجودات ، بوصف كونه ربّ أنواع المخلوقات ، ومضى الكلام على { العالمين } في سورة الفاتحة (2) .

  • ويفسر العلامة عبد الرحمن السعدي هذه الآية الكريمة بقوله :

تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ أي : تعاظم وتعالى ، وكثر خيره ، وعم إحسانه ، من عظمته أن بيده ملك العالم العلوي والسفلي ، فهو الذي خلقه ، ويتصرف فيه بما شاء ، من الأحكام القدرية ، والأحكام الدينية ، التابعة لحكمته ، ومن عظمته ، كمال قدرته التي يقدر بها على كل شيء ، وبها أوجد ما أوجد من المخلوقات العظيمة ، كالسماوات والأرض .

  • وفي لسان العرب لابن منظور :

البَرَكة : النَّماء والزيادة .. والتَّبْريك : الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة .
يقال : بَرَّكْتُ عليه تَبْريكًا أي قلت له بارك الله عليك .
وبارك الله الشيءَ وبارك فيه وعليه : وضع فيه البَرَكَة .. وطعام بَرِيك : كأنه مُبارك .
وقال الفراء في قوله : رحمة الله وبركاته عليكم ، قال : البركات السعادة ؛ قال أبو منصور : وكذلك قوله في التشهد : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، لأن من أسعده الله بما أسعد به النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقد نال السعادة المباركة الدائمة .
وفي حديث الصلاة على النبي ، صلى الله عليه وسلم : وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد أي أَثْبِتْ له وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة ، وهو من بَرَكَ البعير إذا أناخ في موضع فلزمه ؛ وتطلق البَرَكَةُ أيضًا على الزيادة ، والأَصلُ الأَولُ .

وفي حديث أم سليم :
فحنَّكه وبَرَّك عليه أي دعا له بالبركة .. ويقال : باركَ الله لك وفيك وعليك وتَبَارك الله أي بارك الله مثل قاتَلَ وتَقاتَلَ ، إلا أن فاعلَ يتعدى وتفاعلَ لا يتعدى .

وتَبَرّكْتُ به أي تَيَمَّنْتُ به .. وقوله تعالى : أن بُورِكَ مَنْ في النار ومَنْ حولَها ؛ التهذيب : النار نور الرحمن ، والنور هو الله تبارك وتعالى ، ومَنْ حولها موسى والملائكة .. وروي عن ابن عباس : أن برك من في النار ، قال الله تعالى : ومَنْ حولها الملائكة ، الفراء : إنه في حرف أُبَيٍّ أن بُورِكَت النارُ ومنْ حولها ، قال : والعرب تقول باركَكَ الله وبارَكَ فيك ، قال الأَزهري : معنى بَرَكة الله عُلُوُّه على كل شيء .

وقوله تعالى يعني القرآن : إنا أنزلناه في ليلة مُباركةٍ ، يعني ليلة القدر نزل فيها جُملةً إلى السماء الدنيا ثم نزل على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا بعد شيء .
وطعام بَرِيكٌ : مبارك فيه .
وما أبْرَكَهُ : جاء فعلُ التعجب على نية المفعول .

وتباركَ الله : تقدَّس وتنزه وتعالى وتعاظم ، لا تكون هذه الصفة لغيره ، أي تطَهَّرَ .
والقُدْس : الطهر .. وسئل أبو العباس عن تفسير تبارَكَ اللهُ فقال : ارتفع .
والمُتبارِكُ : المرتفع .. وقال الزجاج : تبارَكَ تفاعَلَ من البَرَكة ، كذلك يقول أهل اللغة .
وروى ابن عباس : ومعنى البَرَكة الكثرة في كل خير .

وقال في موضع آخر : تَبارَكَ تعالى وتعاظم ، وقال ابن الأَنباري : تبارَكَ الله أي يُتَبَرَّكُ باسمه في كل أمر .

وقال الليث في تفسير تبارَكَ الله : تمجيد وتعظيم .. وتبارَكَ بالشيء : تَفاءَل به .

الزجاج في قوله تعالى : وهذا كتاب أنزلناهُ مبارك ، قال : المبارك ما يأتي من قِبَله الخير الكثير وهو من نعت كتاب ، ومن قال أنزلناه مباركًا جاز في غير القراءة .

ندعوكم لقراءة : رحمة ورحمت

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى