المفضليات هي مجموعة أشعار اختارها المفضل بن محمد بن يعلي الضبي ، كأحسن أشعار العرب ليدرسها لابن أبي جعفر المنصور ، المهدي بن المنصور ، الخليفة التالي .
اختار المفضل 126 أو 128 قصيدة -وبينها أيضًا مقطوعات- لسبعة وستين شاعرًا .
وسبعة وأربعون من هؤلاء الشعراء كانوا من شعراء الجاهلية ، وبينهم المرقشان الأكبر والأصغر وهما أقدم الشعراء المعروفين ، ونصرانيان اثنان هما جابر بن حنّى التغلبي (رقم 42) وعبد المسيح (رقم 72، 73، 83) .
ومن شعرائه كذلك أربعة عشر شاعرًا من المخضرمين الذين وُلدوا في الجاهلية وأدركوا الإسلام ، ثم ستة فقط من المسلمين .
والمفضليات من أهم الكتب التي حفظت الشعر الجاهلي ، وتعد مرجعًا معتمدًا وموثوقًا عند الأدباء منذ يوم جمعها إلى الآن .
وافتتحت المفضليات بقصيدة للشاعر تأبط شرًّا .
- وإليكم القصيدة :
يا عِيدُ مالَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ … ومَرَّ طَيْفٍ علَى الأَهوالِ طَرَّاقِ
يَسْرِي علَى الأَيْنِ والحيَّاتِ مُحْتَفِيًا … نفسي فِداؤُكَ مِن سارٍ علَى ساقِ
إنى إِذا خُلَّةُ ضَنَّتْ بِنَائِلِها … وأَمْسكَتْ بضعيفِ الوصلِ أَحذَاقِ
نَجوْتُ منها نَجائي مِن بَجِيلةَ إِذْ … أَلْقَيْتُ ليلةَ خَبْتِ الرَّهِط أَرواقي
ليلةَ صاحُوا وأَغْرَوْا بِي سِرَاعَهُمُ … بِالعَيْكَتَيْنِ لَدَى مَعْدَى ابنِ بَرَّاقِ
كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصًّا قوادمه … أَو أُمَّ خِشْفٍ بِذى شَثٍّ وطُبَّاقِ
لا شيءَ أَسْرَعُ مني ليس ذا عُذَرٍ … وذا جَناحٍ ِبجنْبِ الرَّيْدِ خَفَّاقِ
حتى نَجَوتُ ولمَّا ينْزِعُوا سَلَبي … بِوَالِهِ مِن قَبِيض الشَّدِّ غّيْدَاقِ
ولا أَقولُ إِذا ما خُلَّةٌ صَرَمَتْ … يا وَيحَ نفسيَ مِن شوقٍ وإِشْفاقِ
لكنَّما عَوَلِي إِنْ كنْتُ ذا عَوَلٍ … علَى بَصيرٍ بِكَسبِ الحمدِ سَبَّاقِ
سَبَّاقِ غاياتِ مَجدٍ في عَشِيرَته … مُرَجِّعِ الصَّوتِ هَدَّا بينَ أَرْفَاقِ
عارِى الظَّنَابِيبِ مُمْتدٍّ نَوَاشِرُهُ … مِدْلاجِ أَدْهَمَ وَاهِي الماءِ غَسَّاقِ
حَمَّالِ أَلويةٍ شَهَّاِد أَندِيةٍ … قَوَّالِ مُحْكَمَةٍ جَوَّابِ آفاقِ
فَذَاكَ هَمِّي وغَزْوى أَسْتَغِيثُ به … إذا استَغَثْتَ بِضَافِي الرَّأْسِ نَغَّاقِ
كالحِقْفِ حَدَّأَهُ النَّامُونَ قلتُ له … ذُو ثَلَّتَيْنِ وذُو بَهْمٍ وأَرباقِ
وقُلَّةٍ كَسِنَانِ الرُّمْحِ بارزَةٍ … ضَحْيَانَةٍ في شُهورِ الصَّيفِ مِحرَاقِ
بادَرتُ قُنَّتَها صَحبي وما كَسِلُوا … حتَّى نَميْتُ إِليها بَعدَ إِشْراقِ
لا شيءَ في رَيْدِها إِلاَّ نَعَامَتُهَا … منهَا هَزيمٌ ومنها قائمٌ باقِ
بِشَرْثَةٍ خَلَقٍ يُوقَى البَنَانُ بها … شددتُ فيها سَرِيحًا بعدَ إِطْرَاقِ
بَلْ من لِعَذَّالةٍ خَذَّالةٍ أَشِبٍ … حَرَّقَ باللَّوم جِلدي أَيَّ تَحْرَاقِ
يقولُ أَهلكْتَ مالاً لَّو قَنِعْتَ به … مِن ثَوبِ صِدْقٍ ومن بز وأعلاقِ
عاذلتي إِنَّ بعضَ اللَّومِ مَعْنَفَةٌ … وهَلْ متاعٌ وإِنْ أَبقيْتُهُ باقِ
إِني زَعِيمٌ لئن لم تتركُوا عَذَلي … أَنْ يَسْئَلَ الحيُّ عنِّي أَهلَ آفاقِ
أَن يَسْئَلَ القومُ عني أَهلَ مَعْرِفَةٍ … فلا يُخبِّرُهُمْ عن ثابتٍ لاَقِ
سَدِّدْ خِلاَلَكَ من مالٍ تُجَمِّعُهُ … حتَّى تُلاَقِي الذي كل امرئ لاقِ
لَتَقْرَعَنَّ عليَّ السِّنَّ من نَدَمٍ … إِذا تذكرتَ يومًا بعضَ أخلاقي
تأبط شرًّا : تأبط شرًّا هو أحد شعراء الجاهلية الصعاليك وعدائيهم من أهل تهامة والحجاز ، واسمه ثابت بن جابر ، من قبيلة فهم .
وكانت معظم إغاراته على بني صاهلة من قبيلة هذيل وبني نفاثة من قبيلة كنانة .