كم نتعلم من هذا الدين العظيم ، من أخلاقيات ومعاملات ؛ وها هو المعلم صلى الله عليه وسلم يوجهنا من خلال آيات الذكر الحكيم وهو القرآن الكريم ، وأحاديثه النبوية المرشدة إلى الطريق القويم ، وهو لاينطق عن الهوى ؛ بل هو وحي يوحى .
1. المدَاراة :
صفة المدَاراة يُحتَاج إليها في التعامل مع بعض الأشخاص ، في بعض الأوقات ..
ولقد فعل ذلك المعلم صلى الله عليه وسلم في مواقف كثيرة ..
ومن صور المداراة :
- صيانة النفس من أهل الفجور والشرور :
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إنَّ شرَّ النَّاس منزلةً عند الله ، من تركه أو ودعه الناس ، اتقاء فحشه “. (رواه البخاري ومسلم)
وهذا فيما لابدَّ من مخالطته .
- في تعامل الإمام مع الرعية :
فعن أُمِّ المؤمنين عائشة قالت :
استأذن على النَّبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال صلى الله عليه وسلم :
” ائذنوا له ، فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة ..
فلما دخل ألان له الكلام ..
فقلت له : يا رسول الله ! قلت ما قلت ، ثم ألنت له في القول ..
فقال : أي عائشة ، إنَّ شرَّ الناس منزلةً عند الله من تركه أو ودعه الناس ، اتقاء فحشه “. (رواه البخاري ومسلم)
فليس كل الرعية على نمط واحد ، من حسن الخلق والمعشر ، إنَّما الناس يختلفون ، فيحتاج الإمام للمداراة ، وهذا يكون من الإمام جمعًا للأمة ، ورأفةً بها ، وإرشادًا للضال ، وتعليمًا للجاهل ، لاسيما إن كان هؤلاء من أهل الرياسات والأتباع ، فيداري الإمام مراعاة لمصلحة الأمة كلها .
- الخوف من الكفار والعجز عن مقاومتهم :
قال تعالى : ” لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً “. (آل عمران : 28)
قال الشنقيطي : { هذه الآية الكريمة فيها بيان لكل الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقًا وإيضاح ؛ لأنَّ محلَّ ذلك في حالة الاختيار ، وأما عند الخوف والتقية ، فيرخص في موالاتهم ، بقدر المدَاراة التي يكتفي بها شرهم ، ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة }.
- في دعوة الناس والسلطان :
قال تعالى : ” اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى “. (طه : 43–44)
أمر الله جلَّ وعلا نبيه موسى وهارون عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام : أن يقولا لفرعون في حال تبليغ رسالة الله إليه قَوْلاً لَّيِّنًا ، أي : كلامًا لطيفًا سهلًا رقيقًا ، ليس فيه ما يغضب وينفر .
2. يعجبني الفأل :
قد كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لا يتطير ..
فقد ورد عنه قوله : ” لا عدوى ولا طيرة ، ويعجبني الفأل “..
قالوا : وما الفأل ؟
قال : ” كلمة طيبة “. (رواه البخاري ومسلم)
بأبي وأمي وروحي رسول الله .
تعالوا على الجانب الآخر في المعادلة الإنسانية ، ومع أديب فرنسي عالمي ، وهو فيكتور هوجو كان يتشاءم من رقم ( 13 ) حتى إنه كان حريصًا على ألا يحيط بمائدة طعامه سوى اثني عشر أو أربعة عشر فردًا فقط !!
وهذا على سبيل المثال وليس على وجه الإجمال في المجتمع الغربي المتمدين !!
صلوا على من عَلَّم المتعلمين .. صلى الله عليه وسلم .
أدعوكم لقراءة : هدايا خير البرايا
3. تَرْكُ المِرَاءِ فضيلة :
عن أَبي أُمَامَة الباهِليِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ : ” أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا ، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا ، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ “. (حديثٌ صحيحٌ ، رواه أَبُو داود بإِسنادٍ صحيحٍ)
لايلزم أن تنتصر في كل نقاش ، وتفرض رأيك في كل مسألة ، وتثبت قولك في كل حوار ..
احتسب تنازلك هذا من عظيم حسناتك ..
سقطت بيزنطة في أيدي الأعداء ؛ بسبب انشغالهم في جدل عقيم عجيب ؛ ألا وهو : هل الملائكة ذكورٌ أم إناث ؟!!!
أطلق الناس على كل جدل عقيم { جدل ببزنطي }.
4. الحب في الله :
قالوا ، وما أجمل ما قالوا : كيف نضجر وللسماء هذه الزرقة ، وللأرض هذه الخضرة ، وللورد هذا الشذى ، وللقلب هذه القدرة العجيبة على الحب ، وللروح هذه الطاقة اللانهائية على الإيمان ؟!
كيف نضجر ، وفي الدنيا من نحبهم ، ومن نعجب بهم ، ومن يحبوننا في الله ، وبالله ؟!
ما أروع الحب في الله ..
كل ذلك من عند الله ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ، ومنهم رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه “. (متفق عليه)
ما أروع الحب في الله ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ” إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي “. (رواه مسلم)
فما أروع الحب في الله ..
المحبةُ والقبول من ربِّ العالمين تنزلُ من السماء إلى الأرضِ على شكل رحمّة .. لا تُشترى ولا تُباع ، ولا يهبّها لك أحد ..
فالحمد لله .. ثم الحمد لله على عطاياه ..
الحمد لله على هداياه ..
ما أروع الحب في الله ..
ورد عن المعلم صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” ثلاث من كُنَّ فيه وجد بهن حلاوة الإيمان ؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار “. (متفق عليه)
ما أروع الحب في الله ..
إخوتاه .. إخوتاه !
إني أحبكم في الله ..
اللهم اجعلنا من المتحابين بجلالك ، يا ذا الجلال والإكرام .