ربنا الله ﷻ

الغفور الرحيم

الغفور الرحيم :

لله در الشاعر القائل :

‌‎ولا تقنط من الغفران يومًا … ولو كانت ذنوبك ملء وادي

سيغفرها الذي قد قال حقًّا … بِنَصِّ كتابهِ ” نبئ عبادي “

قال الله تعالى :

” نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “. (الحجر : 49)

قال الإمام ابن كثير في التفسير :

وقوله : ( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ ) ؛ أي : أخبر يا محمد عبادي أني ذو رحمة وذو عقاب أليم .

وقد تقدم ذكر نظير هذه الآية الكريمة ، وهي دالة على مقامي الرجاء والخوف ، وذكر في سبب نزولها ما رواه موسى بن عبيدة عن مصعب بن ثابت قال : مرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ناس من أصحابه يضحكون ، فقال : ” اذكروا الجنة ، واذكروا النار ” .. فنزلت : ” نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ “. (رواه ابن أبي حاتم ، وهو مرسل)

وقال ابن جرير ، حدثني المثنى ، حدثنا إسحاق ، أخبرنا ابن المكي ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت ، حدثنا عاصم بن عبيد الله ، عن ابن أبي رباح ، عن رجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : طلع علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ، فقال : ” ألا أراكم تضحكون ؟ ” ، ثم أدبر ، حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى ، فقال : ” إني لما خرجت جاء جبريل -عليه السلام- فقال : يا محمد ، إن الله يقول لم تقنط عبادي ؟ ( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ ).

وقال سعيد ، عن قتادة في قوله تعالى : ( نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ) قال : بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : ” لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عقابه لبخع نفسه “.

  • الغفور لغةً :

الغفر : الستر والتغطية ، وكل شيء سترته فقد غفرته .

غفره يغفره : ستره ، والمتاع في الوعاء : أدخله وستره، كأغفره .

  • ومعنى اسم الغفور في الاصطلاح :

الغفور الذي يغفر الذنوب ويتوب على من تاب .

– الدعاء وطلب المغفرة :

عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : علِّمني دعاءً أدعو به في صلاتي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” قل : اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت ، فاغفر لي من عندك مغفرة ، إنك أنت الغفور الرحيم “.
( متفق عليه ).

– الغفّار والغفور :

من صيغ المبالغة في لغتنا الجميلة على وزن فعال وفعول ؛ والغفار والغفور من المغفرة والغفران ، وهي في اللغة : السَّتْر ، وكل شيء سترته فقد غفرته ، والمغفرة من الله عز وجل ستره للذنوب وعفوه عنها .

والغفور أبلغ من الغفّار ، والغفّار والغفور : التام المغفرة الكثير الغفران .

والاستغفار طلب المغفرة من الله تعالى ، بأن يستر على العبد ذنبه ويتجاوز عنه ، فهو سبحانه خير الغافرين .

سيد الاستغفار : شرع الله تعالى لعباده الاستغفار ، وعلّمنا رسولُنا صلى الله عليه وسلم سيّد الاستغفار ، وهو أفضل صيغة للاستغفار ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

” سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ : اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي ، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ. قالَ : ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها ، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها ، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ “.
( رواه البخاري ).

ندعوكم لقراءة : الغفار

– يغفر الذنوب جميعًا :

هذا هو ربك يا عبدالله ؛ يغفر الذنوب جميعا ، فلا تيأس من رحمته ، وعظيم فضله ، فها هو جل في علاه ، ينادي على العصاة ، ويقول : ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ “. (الزُّمر : 53)

– أكثروا من الاستغفار :

قال الحسن رحمه الله :
{ أكثروا من الاستغفار في بيوتكم ، وعلى موائدكم ، وفي طرقكم ، وفي أسواقكم ، وفي مجالسكم ، وأينما كنتم فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة }.

– يالها من بشارة :

حُقَّ للمسلم أن يستبشرَ بهذا الاسم العظيم ، واتصافِ ربِّنا عز وجل بصفة المغفرةِ ؛ قال عز من قائل : ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ “. (الزمر : 53)

قال العلامة السعدي رحمه الله :
{ فيا لها من بشارة ترتاحُ لها قلوبُ المؤمنين المحسنين ظنَّهم بمن لا يتعاظمُه ذنبٌ ، ولا يبخلُ بمغفرته ورحمته على عباده المتوجِّهين إليه في طلب العفوِ ، الملتجئين له في مغفرةِ ذنوبهم }.

اللهم اغفر لنا ذنوبنا ، وكَفِّر عنا سيئاتنا ، وتوفنا مع الأبرار إنك أنت الغفور الرحيم .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى