من هَدي الحبيب ﷺ

الرياضة في حياة النبي وصحبه

الرياضة في حياة النبي وصحبه :

ممارسة الرياضة مهمة جدًّا في حياة الإنسان ؛ فهي تساعد كثيرًا في تقوية البنيان .

وطبيعة ممارسة الرياضة تختلف من زمانٍ إلى زمان .

قال النبي العدنان :
« المؤمن القوي خيرٌ وأَحَبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كُلٍّ خير » ؛ ويعني : قوة الجسم وقوة الإيمان .

  • مع السنة المطهرة تحت هذا العنوان :

– المصارعة :

مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم لركانة رضي الله عنه قبل إسلامه :
روى أبو داود (4078) أن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم ، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم .
( حَسَّنَه الألباني في [ الإرواء ] : 5/329 ).

وستأتي تفاصيل أخرى في هذا الأمر في نهاية المقال ، إن شاء الله الكبير المتعال .

– سباق الجري :

مسابقته زوجته عائشة رضي الله عنها :
روى أبو داود (2578) ، وأحمد (26277) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلِ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : ” تَقَدَّمُوا ” ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي : ” تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ” ، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ ، فَسَكَتَ عَنِّي ، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : ” تَقَدَّمُوا ” ، فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ : ” تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ” ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ ، وَهُوَ يَقُولُ : ” هَذِهِ بِتِلْكَ “.
( صححه الألباني في [ صحيح أبي داود ] ).

– الرماية :

روى البخاري في صحيحه (3373) عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا ، ارْمُوا ، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلاَنٍ » ، قَالَ : فَأَمْسَكَ أَحَدُ الفَرِيقَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « مَا لَكُمْ لاَ تَرْمُونَ » ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَهُمْ ، قَالَ : « ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلِّكُمْ ».

ولا شك أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتمرنون على الفروسية وفنون القتال والجري ، وكانوا في الشدة وقوة البأس على الغاية .

وطبيعة مثل هذه الأمور تختلف من زمان إلى زمان ، ومن حال إلى حال .

– السباحة :

صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

« كُلُّ شَيْءٍ لَيْسَ مِنْ ذِكْرِ اللهِ فَهُوَ لَعِبٌ ، لَا يَكُونُ أَرْبَعَةٌ : مُلَاعَبَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ ، وَتَأْدِيبُ الرَّجُلِ فَرَسَهُ ، وَمَشْيُ الرَّجُلِ بَيْنَ الْغَرَضَيْنِ ، وَتَعَلُّمُ الرَّجُلِ السَّبَّاحَةَ ».

( رواه النسائي في [ السنن الكبرى ] : 8889 ، وصححه الألباني في [ الصحيحة ] : 315 ).

– المؤمن القوي :

روى مسلم (2664) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
« الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ».

وهذه القوة تشمل قوة الجسم وقوة الإيمان .

– الملك طالوت :

وقال الملك جل في علاه :
” وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ “. (البقرة : 247)

يقول العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

( وزاده بسطة في العلم والجسم ) ؛ أي : فضله عليكم بالعلم والجسم ؛ أي : بقوة الرأي والجسم اللذين بهما تتم أمور الملك ؛ لأنه إذا تم رأيه وقوي على تنفيذ ما يقتضيه الرأي المصيب ، حصل بذلك الكمال ، ومتى فاته واحد من الأمرين اختل عليه الأمر ، فلو كان قوي البدن مع ضعف الرأي ، حصل في الملك خرق وقهر ومخالفة للمشروع ، قوة على غير حكمة ، ولو كان عالمًا بالأمور وليس له قوة على تنفيذها لم يفده الرأي الذي لا ينفذه شيئًا .

وفي قوة البدن وصحته وسلامته عون للعبد على طاعة الله في الصلاة والصوم والحج والجهاد وغير ذلك ، وفي ضعفه ومرضه تأخر عن كثير من الطاعات .

– رياضة المشي :

وصفوا مشية النبي صلى الله عليه وسلم بالتقلع ، فقالوا :
” إذا مشى تقلع ” ؛ والتقلع هو الارتفاع عن الأرض ؛ كحال الذي ينحط من الصبب .

وهي مشية أولي العزم والهمة والشجاعة ، وهي أعدل المشيات وأروحها للأعضاء ، وأبعدها من مشية الهوج ؛ لأن بها وقارًا من غير تكبر ولا تماوت ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان كأنما ينحط من صبب وكأنما الأرض تُطوى له ، صلى الله عليه وسلم .

وحين اعتمر رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعد صلح الحديبية بعام ، رآهم كفار قريش يطوفون بالكعبة ، فقالوا : سيطوف اليوم بالكعبة قومٌ أنهكتهم حُمَّى يثرب .

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم مشجعًا أصحابه على إظهار القوة :

« رحم الله امرأ أراهم من نفسه قوة » ، واضطبع بردائه (أي أدخل الرداء من تحت إبطه الأيمن ، بحيث يبدي منكبه وعضده الأيمن) ، وكشف عن عضده الأيمن ، وقد فعل مثله شباب المسلمين في طوافهم حول الكعبة ؛ ليرهبوا الكفار والمشركين بأجسامهم القوية وعضلاتهم المفتولة .

والمعروف أن العضد الأيمن هو الأقوى في غالب الأحوال لدى الإنسان ؛ لأنه أكثر استخدامًا من العضد الأيسر .

ولعل هذا يفسر كشف العضد الأيمن ، كما أن التيمن كان من شيم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .

– ثلاث وقائع :

ولقد أورد الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ثلاث وقائع تدل على قوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي :

  • ذهب من مكة إلى الطائف ماشيًا على قدميه ، ولم يكن الطرق ممهدًا كما هو الآن .
    ومعروف عنه أنه يقع في منطقة كلها جبال وهضاب ؛ ومعنى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد تسلق هذه الجبال في مسيرته تلك .
  • مشى الرسول صلى الله عليه وسلم هو ، وعلي بن أبي طالب ، وعبدالله بن رواحة رضي الله عنهما ، ولم تكن هناك أي وسيلة نقل ، فكانوا يتبادلون السير والركوب نظرًا لوجود راحلة واحدة فقط ، فكان اثنان يمشيان والآخر يركب .
    أصر علي وعبدالله على ركوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه رفض رفضًا قاطعًا أن يستمر في الركوب ، وقال : ” إنكما لستما بأقدر مني على المشي ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر ” ، ومشى المسافة المقررة .
  • وفي غزوة الخندق كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحفر مع أصحابه ، وعندما اعترضتهم صخرة ضخمة عجزوا عن ضربها وتفتيتها ، لجأوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فجاء إليها وضربها بمعوله ففتتها .

– دين القوة :

لقد حفلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته العطرة بالمواقف ، والوقائع ، والأحداث ، والأقوال ، وكلها تشهد بمكانة الرياضة والنشاط البدني في الإسلام .

فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قويًّا يحب القوة ولا عجب ، فالإسلام دين قوة وغلبة ، فضلًا عن كونه شريعة ودستور حياة.

يقول الشيخ إبراهيم البرك : إن هذا الدين العظيم بقرآنه الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، لم يترك أمرًا من أمور الدين والدنيا إلا ونبهنا إلى أوجه الخير فيه لنتبعها ، كما نبهنا إلى أوجه الضر فيه لنتجنبها ، ومن ضمن ذلك الرياضة .

ويذكر الشيخ ناصر الشتري أن كتب السنة والحديث قد امتلأت بالحث على الفروسية ، والتوصية بها ، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يحضر المنافسات ، وكان يكافئ المتفوقين فيها ، وكان يسمح للآخرين بمكافأة المتبارين بصورة خاصة تشجيعًا واستحبابًا .

ولقد أجمع الفقهاء العلماء من السلف الصالح على أن ما صح من أقوال ، وأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم مما نقله الثقاة عبر القرون إنما هو من السنة الشرعية الشريفة .

ندعوكم لقراءة : البسمة في حياة النبي

– القوة الرمي :

وفي صحيح مسلم عن عقبة قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
« وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ؛ ألا إن القوة الرمي ، وكررها ثلاث مرات ».

وهكذا فسر لنا الرسول صلى الله عليه وسلم المقصود بالقوة سواء في حديثه الذي رواه الإمام مسلم :
” المؤمن القوي ” ، أو في الآية الكريمة ” وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ … “.

– رياضات مُباحة :

ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله ، أن شيل الأثقال عمل مباح كالصراع ( المصارعة ) ، ومسابقة الأقدام ( الجري ) ؛ فقد مَرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم بقوم يربعون حجرًا ليعرفوا الأشد منهم ، فلم ينكر عليهم ذلك .

وهكذا أقر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا التباري الشريف في ( الربع ) ؛ وهي رياضة قديمة ، ولم ينكرها ؛ فهي تنمي القوة وبعض صفات اللياقة البدنية ، كما سابق الرسول صلى الله عليه وسلم بين الخيل ؛ ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال :
سابق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل ، فأرسلت التي ضمرت منها وأمدها الحيفاء إلى ثنية الوداع ، والتي لم تضمر أمدها من ثنية الوداع حوالي ستة أو سبعة أميال ، والمسافة بين ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل واحد .

وفي مجمع الزوائد عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وراهن .

وهذا كله يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن موقفه من السباق مجرد السماح به ، وإنما الحض عليه ، بل وتكريمه للفائز .

ورد في الجامع الصغير للإمام السيوطي رحمه الله تعالى :
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

« لا سبق إلا في خف ، أو حافر ، أو نصل ».

وقد فسره ابن القيم على معنيين ، الأول أنه لا تّعطَي المكافأة إلا عن هذه المسابقات الثلاث ، أو أنه لا يجوز المسابقة على غيرها بعوض ( رهان ) ويميل ابن القيم إلى المعنى الثاني .

وفي سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية .

وفسر ابن القيم القرح على أنها جمع قارح ، وهو الجواد الذي دخل عامه الخامس .

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة تسمى الغضباء ، وكانت لا تُسبَق ، فسبقها أعرابي ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم :
« حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه ».
( رواه البخاري ).

– الرمي مرة أخرى :

وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرمي بالقوس والسهم ، وأكد على تعلمها أشد التأكيد ؛ كما ذكرنا آنفًا .. قال ابن القيم عنها أنها أجل هذه الأنواع على الإطلاق وأفضلها ؛ يقصد أفضل أنواع الرياضة .

وجاء في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

« من تعلم الرمي ثم تركه فليس منا ».

– أربع خصال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
« كل شيء ليس من ذكر الله فهو لهو إلا أربع خصال : مشى الرجل بين الغرضين ، وتأديبه فرسه ، وملاعبته أهله ، وتعلمه السباحة».
( صححه الألباني ).

والمشي بين الغرضين يقصد به التحرك ما بين هدفي الرمي بالقوس ، وتأديب الفرس بمعنى تدريبه وتعليمه .

وفي هذا الحديث يشير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اللهو ( الترويح ) الحلال الذي يؤجر عليه المسلم .

وقد فسر ابن القيم رحمه الله تعالى هذا الحديث بأنه لو لم يكن في النصال إلا أنه يزيل الهم ، ويدفع الغم عن القلب ، لكان ذلك كافيًا في فضله ، وقد جَرَّب ذلك أهله .

وفي ذلك إشارة واضحة للقيم الترويحية للرياضة ، والتي يتصور البعض أنها جُعلت للمنافسة فقط .

– الرياضة والجهاد :

ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين بعض المناشط الرياضية وبين الجهاد لإدراكه أهمية الإعداد البدني والمهاري في المعارك الإسلامية التي تُخاض بقصد الجهاد في سبيل الله ، فقد أكد أشد التأكيد على تلك الرياضات التي تخدم أهداف الجهاد ومقوماته كالرمي بالقوس والنبل ، وركوب الخيل ، وأوضح ثواب ذلك للمسلم ، بل أوضح كذلك عقاب من يترك هذه الرياضات وما تؤول إليه أحواله إن فعل .

وبذلك ربط الرسول صلى الله عليه وسلم بين الرياضة وأهداف الدولة ، ولم نعرف في تاريخ المجتمعات البشرية عبر العصور المختلفة أن التربية البدنية والرياضية قد نجحت وازدهرت بمعزل عن أهداف مجتمعها ، وهكذا نجحت الرياضة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ونالت هذه المكانة المرموقة بين سائر النظم الاجتماعية وأنماط الثقافة في الدولة الإسلامية الأولى .

ولقد سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل ودعا إلى ركوبها والتمرس عليها وطالب بتعهدها ورعايتها ، فهي سلاح المسلم في الجهاد ومركبته التي يكر ويفر ويناور ويحاور بها .

ذكر أبو داود في الجهاد ، والنسائي في الخيل ، من حديث أبي وهب الجشمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

« الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها مُعانون عليها ، فامسحوا بنواصيها ، وادعوا لها بالبركة، وقلدوها ، ولا تقلدوها الأوتار ».

وجاء في البخاري ، وأحمد ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
« من احتبس فرسًا في سبيل الله ، إيمانًا بالله ، وتصديقًا بوعده ، فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة ».
( رواه البخاري ).

– المسارعة إلى المصارعة :

ذكر السيوطي في رسالته [ المسارعة إلى المصارعة ] ما أخرجه البيهقي في [ الدلائل ] ما ذكره ركانة بن عبد يزيد -وكان أشد الناس- ، قال : كنت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم في غنيمة لأبي طالب نرعاها في أول ما رأى إذ قال لي ذات يوم :
« هل لك أن تصارعني؟ » ، قلت له أنت ؟ ، قال : « أنا » ، فقلت على ماذا ؟ قال : « على شاة من الغنم » ، فصارعته فصرعني ، فأخذ مني شاة ، ثم قال : « هل لك في الثانية » ، قلت : نعم ، فصارعته فصرعني ، وأخذ مني شاة ، فجعلت أتلفت هل يراني إنسان ، فقال : مالك ، قلت : لا يراني بعض الرعاة فيجترئون علي ، وأنا في قوى من أشهدهم ، قال : « هل لك في الصراع الثالثة ولك شاة » ، قلت : نعم ، فصارعته فصرعني ، فأخذ شاة ، فقعدت كئيبًا حزينًا ، فقال : « مالك؟ » قلت : إني راجع إلى عبد يزيد وقد أعطيت ثلاثًا من نعاجه ، والثاني أني كنت أظن أني أشد قريش ، فقال : « هل لك في الرابعة؟ » ، فقلت : لا بعد ثلاث ، فقال : « أما قولك في الغنم فإني أردها عليك » ، فردها علي ، فلم يلبث أن ظهر أمره ، فأتيته فأسلمت ، فكان مما هداني الله أني علمت أنه لم يصرعني يومئذ بقوته ، ولم يصرعني يومئذ إلا بقوة غيره .

ويتضح لنا جليًّا من خلال حديث ركانة رضي الله عنه ، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد التزم بأخلاق المسلم عند انتصاره ، فردّ إليه غنمه في سماحة وعن طيب خاطر ؛ وهو ما يطلقون عليه في الرياضة المعاصرة ( الروح الرياضية ) ، أو اللعب النظيف .

كالغَيثِ ذِكْرُكَ يا حَبيبي لمْ يَزَلْ … يَسْقي القلوبَ مَحَبَّةً ونَعِيما

‏يا سَيّدَ الثَّقلينِ حُزْتَ مَكانةً … ومقامَ عِزٍّ في النُّفوسِ عَظِيما

‏يا مَنْ سَلَكْتُمْ نَهْجهُ وَسَبِيلهُ … صَلُّوا عَليهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى