حكايات عصرية

الأكل البايت

الأكل البايت :

كيف كان يعيش سيدنا وسيد ولد آدم ، محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، وكيف كانت حياته اليومية ، وهل نقتدي به أم نقلد الآخرين ؟!

لقد قال في حديث له :
” لتتبعن سنن الذين من قبلكم ، شبرًا بشبر ، وذراعًا بذراع ، حتى إذا دخلوا جحر ضب لدخلتموه ” ؛ أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

ها هي زوجه القريبة ، الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها ، تحكي عن حياته .
فعن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول : واللهِ يا ابْنَ أُخْتي ، إنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إلى الهِلَالِ ، ثُمَّ الهِلَالِ ، ثم الهِلَال : ثَلَاثَةَ أهِلَّةٍ في شَهْرَيْنِ ؛ وما أُوقِدَتْ في أبْيَاتِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَارٌ .
فَقُلتُ : يا خَالَةُ ، فما كانَ يُعِيشُكُمْ ؟ قَالَتْ : الأسْوَدَانِ : التَّمْرُ والمَاءُ ، إلَّا أنَّه قدْ كانَ لِرَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جِيرَانٌ مِنَ الأنْصَارِ ، وكَانَتْ لهمْ مَنَائِحُ ، وكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن ألْبَانِهِمْ ، فَيَسْقِينَا .
( متفق عليه ).

وكانت تقول : ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز شعير يومين متتاليين حتى قُبِض .
( متفق عليه ).

بأبي هو وأمي وروحي صلى الله عليه وسلم .

وإليكم حكايتنا التي يحكيها كاتب سوري ، يقول : عندما بلغ الترف بأهل العراق أنه كل ما ينزل على المائدة ، يرفع ما بقي من الطعام إلى الزبالة ؛ حتى اندثر عندهم مصطلح ( الأكل البايت ) ؛ فابتلاهم الله بالحصار عشر سنين حتى صاروا يأكلون الخبز أسود يابسًا ، ومات لهم مليونا طفل من الفقر والمرض !!

ولما صرت أرى في بلدتي دمشق وضواحيها الخبز في الحاويات بكثرة ، ورأيت امرأة فقيرة سقط منها رغيف خبز ، فتركته على اﻷرض ومضت ، ورأيت رجلًا يبعد ما سقط منه على الأرض بطرف قدمه !
بل إنني رأيت بعيني رجلًا يمسح حذاءه بقطع من الخبز الأبيض ويلمعها به ( مع شديد الأسف ) فاستشعرت أن غضب الله آتٍ لا محالة انتقامًا لعدم الحمد وتقدير النعم .
ووصل الهدر إلى مستويات مخيفة جدًّا في بلدي ، أيقنت بعدها أننا مقبلون على أيام سوداء سنشتهي فيها هذه الخبزات التي كنت أراها في الحاويات .

ندعوكم لقراءة : شكر النعمة وكفرها

يقول الكاتب :
رحم الله والدي العالم الجليل ، كان يأكل طعام اﻷمس البائت قبل طعام اليوم الطازج ، وكان يبلل الخبز اليابس بالماء ، ويأكل به ، وﻻ يرميه .
وكان أول من يشبع وآخر من يقوم عن المائدة ؛ فقد كان يلملم الفتات من أرز وفتات الخبز وغيرها ، وﻻ يسمح برميها أو مسحها مع تنظيف المائدة .
وإذا وجد في المطبخ صحنًا فيه بقايا طعام لأحد اﻷطفال لم يكمله ؛ لا يجد حرجًا في أكله .
ويغضب أشد الغضب إن رُمِيَ شيء من الطعام .
كان يحافظ على النعمة بقليلها وكثيرها ، ويحرص عليها ؛ فحفظته في حياته .
توفي رحمه الله وهو لا يشكو من أي مرض ؛ ﻻ ضغط ، وﻻ سكري ، ولا شرايين ، وﻻ روماتيزم ، وﻻ قلب ، وﻻ أي مرض مما يشكو منه أي إنسان جاوز الخمسين أو الستين ، فضلًا عن السبعين .
وكان يكثر من ترديد حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
” أحسنوا جوار نعم الله لا تنفروها ، فإذا ذهبت عن قوم لا تعود إليهم “ .. فأحسنوا جوار نعم الله .

قال الملك عز وجل :
” لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ “.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
« اخشوشنوا ؛ فإن النعم لا تدوم ».

ما دامت النعمة موجودة ، انتبهوا لأنفسكم ؛ وكرّموا نِعَمَ ربي ولا تهينوها ، يهينكم ويحل غضبه عليكم .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى