العجب العجاب

الأرض تكفي ساكنيها

الأرض تكفي ساكنيها :

أرض الله واسعة تكفي قاطنيها ، ولكن تصرف البعض طمعٌ نابتٌ فيها ، يتحكم في ثرواتها وأراضيها ، وفي كنوزها ومبانيها ، والهادمون كثير في نواحيها ، والقوي في الأرض ينثني تيها ، يريد في دنياه ترفيها ، وفتنة النفس أعيت من يداويها .

بينما الأنبياء نُزِّهُوا عن الأغراض تنزيها ، والمؤمنون يوجهون أنفسهم نحو الله توجيها .

يقول حافظ إبراهيم عن الفاروق عمر رضي الله عنه :

يا من صدفت عن الدنيا وزينتها … فلم يَغُرَّك من دنياك مُغرِيها
جوع الخليفة -والدنيا بقبضته- … في الزهد منزلةٌ سبحان موليها

ونكرر مع شاعر النيل ، حافظ إبراهيم قوله :

لعل في أمة الإسلام نابتةً … تجلو لحاضرها مرآة ماضيها

  • الاستخراب الأوربي :

أدى الاستعمار الأوربي البغيض إلى نهب خيرات الوطن العربي ، وتقسيمه إلى دول مختلفة المساحة ، وكانت خطته الجهنمية : ” فَرِّق تَسُد “ ؛ ليحصل على ما يريد .

فتح الاستعمار محاكم التفتيش في الأندلس ، وقتل العلماء المسلمين .

وقتلت فرنسا وحدها 400 عالم من علماء المسلمين سنة 1917 ، وكذلك فعلت بريطانيا ، وما فعله الأمريكان في العراق ليس ببعيد ، وكذلك في أفغانستان ، وكذا فعل الروس ومازالوا يفعلون الأفاعيل في سوريا وغيرها .

وهذا ديدنهم في كل زمان ؛ فالاحتلال يستولي على أراضي الغير ، ولا ضير ، وذلك لمدة زمنية طويلة ، ويفرض هيمنته على موارد الدولة المحتلة ؛ كما تفعل إسرائيل في فلسطين العربية المحتلة ، ويساعدها الغرب ، وخصوصًا أمريكا .

والاحتلال البغيض تمثل في : البرتغال ، أسبانيا ، بريطانيا ، فرنسا ، هولندا ، ألمانيا ، بلجيكا ، إيطاليا ، وغيرها من دول الغرب الظالمة .

وفي العصر الحديث هناك نهب لمقدرات الدول بشكل عصري .

ولله الأمر من قبل ومن بعد .

لقد كان ومازال استخرابًا بكل المقاييس ؛ فلقد نهب البلاد ، وأذل العباد ، وعاث في الأرض الفساد .

وهذا غيضٌ من فيض هذا الجشع الذي تميز به كل ظالم مستبد يريد الخير لنفسه فحسب .

  • المال مال الله :

من الناس مَنْ يغريه المال وهم كُثُر ، ومنهم من لا يأبه به وهم قليل ؛ والصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه من النوع الثاني ، فكأني أسمعه يقول : ” اللهم إني أعوذ بك من شتات القلب ” ، قالوا : وما شتات القلب يا أبا الدرداء ؟
قال : ” أن يكون لي في كل وادٍ مال “.

يقول أصحاب النوع الأول على لسان شاعرهم :

المال زين ومن قلت دراهمه … حي كمن مات إلا أنه صنم
لما رأيت أخلائي وخالصتي … والكل مستتر عني ومحتشم
أبدوا جفاءً وإعراضًا فقلت لهم … أذنبت ذنبًا فقالوا ذنبك العدم
فصاحة حسان وخط ابن مقلة … وحكمة لقمان وزهد ابن أدهم
إذا اجتمعت في المرءِ والمرءُ مفلسٌ … ونودي عليه لا يُباع بدرهم
إذا كنت في حاجة مرسلًا … وأنت بها كلف مغرم
فأرسل حكيمًا ولا توصه … وذاك الحكيم هو الدرهم

وحسان ؛ هو حسان بن ثابت رضي الله عنه ، شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم .
وابن مقلة ؛ هو أبو علي محمد بن علي بن الحسين بن مقلة الشيرازي .. خطاط ووزير عباسي ، وكاتب ، وشاعر .
كان من أشهر خطاطي العصر العباسي ، وأول من وضع أسسًا مكتوبة للخط العربي .
يٌعتقد بأنه مخترع خط الثلث .

ندعوكم لقراءة : قالوا عن القناعة

  • آتوهم من مال الله :

قال الله تبارك وتعالى :
” وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ “. (النور : 33)

فَالمَالُ إِذًا مَالُ اللهِ ، وَالمَالِكُ الحَقِيقِيُّ لَهُ هُوَ اللهُ ، وَأَمَّا وُجُودُهُ بِأَيدِي النَّاسِ وَمُلكُهُم لَهُ ، فَإِنَّمَا كُلُّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ وَدَائِعَ وَأَمَانَاتٍ استُخلِفُوا فِيهَا ، لا لِيَتَصَرَّفُوا فِيهَا تَصَرُّفًا مُطلَقًا وَحَسبَمَا يَتَشَهَّونَ ، وَلَكِنْ لِيَنتَفِعُوا بها وَيَستَعمِلُوهَا وِفقَ مَا شُرِعَ لهم ، بِالكَسبِ الحَلالِ وَالاستِثمَارِ الحَلالِ ، ثم الإِنفَاقِ الرَّشِيدِ وَإِعطَاءِ كُلِّ ذَي حَقٍّ حَقَّهُ ، وُصُولًا إِلى تَحقِيقِ مَصلَحَتِهِم وَمَصلَحَةِ مُجتَمَعَاتِهِم ، وَبُلُوغًا لِسَعَادَتِهِم وَسَعَادَةِ مَن حَولَهُم ، قَالَ تَعَالى : ” آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ “. (الحديد : 7)

  • الزكاة فرض :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” بُنِيَ الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا “.
( متفق عليه ).

فلو دفع كل مسلم زكاة ماله ؛ ما بقي على وجه الأرض مسلم واحد فقير !!

  • قارون نموذجًا :

النموذج الواضح في جمع المال وكنزه هو قارون الذي حكى الله قصته في قرآن يُتلَى إلى يوم القيامة ؛ ليكون عبرة لمن يعتبر .

قال الله سبحانه وتعالى :
” إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَومِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيهِم وَآتَينَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصبَةِ أُولي القُوَّةِ إِذ قَالَ لَهُ قَومُهُ لا تَفرَحْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ * وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنيَا وَأَحسِنْ كَمَا أَحسَنَ اللهُ إِلَيكَ وَلا تَبغِ الفَسَادَ في الأَرضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ المُفسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلمٍ عِندِي أَوَلم يَعلَمْ أَنَّ اللهَ قَد أَهلَكَ مِن قَبلِهِ مِنَ القُرُونِ مَن هُوَ أَشَدُّ مِنهُ قُوَّةً وَأَكثَرُ جَمعًا وَلا يُسأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المُجرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَومِهِ في زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيتَ لَنَا مِثلَ مَا أُوتيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوَابُ اللهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوا مَكَانَهُ بِالأَمسِ يَقُولُونَ وَيكَأَنَّ اللهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَيَقدِرُ لَولا أَن مَنَّ اللهُ عَلَينَا لَخَسَفَ بِنَا وَيكَأَنَّهُ لا يُفلِحُ الكَافِرُونَ. تِلكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأَرضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ “. (القصص : 67-83)

  • الحَذَر الحَذَر :

فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنَ الانهِمَاكِ في جَمعِ المَالِ وَنِسيَانِ ذِكرِ اللهِ ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ خَسَارَةٌ وَوَبَالٌ ؛ ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلهِكُم أَموَالُكُم وَلا أَولادُكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَمَن يَفعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ “.

  • أثرياء وفقراء : لله در الكاتب المتميز رشاد أبو داود القائل :

الرغيف قمر الفقراء ، والليل عتمة مضيئة للأثرياء ، حالكة لكل من ليس في سمائه قمر .
ثمة من يسرق الأقمار يخبئها في خزانة من حديد ، وثمة من يحرق حقول القمح بالأسلحة المحرمة دوليًّا .
نعم ثمة أسلحة مباحة دوليًّا ، لكأن الإنسان أباح قتل الإنسان .
لم تعد الحروب بين الخير والشر ، بل بين الين والروبل والدولار واليورو ، والصراع ليس على لقمة خبز ، بل على أطنان من جنون العظمة والتيجان المذهبة ، فيما الكل يدرك أن نهايته كومة عظام في مقبرة ، وتاجه قطعة معدن في متحف قد لا تجد من يشتريها .

الأرض تكفي ساكنيها لكن لم يعد عليها حب يكفي ويفي بحاجة الإنسان ليتمتع بشروق الشمس ومغيبها ، ولا بغصن ينبت على شجرة هرمة فيواصل بصمت عطاء الشجر للبشر ، تفاح وبرتقال ومانجو وتين وزيتون ، وغير ذلك من خيرات الله على أرضه .

  • مقاصد الأموال :

مجموع الآيات في القرآن الكريم التي تنص على مقاصد للأموال حوالي (76) آية ، تشتمل على (14) مقصدًا .

  • الغبطة في اثنتين :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” لا حسدَ إلا في اثنتينِ : رجلٌ آتاه اللهُ مالًا فهو ينفقُ منه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ ، ورجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ فهو يقومُ به آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ “.
( متفق عليه ).

زر الذهاب إلى الأعلى