الأديب العبقري هو أَدِيبٌ كَبِير ، وشاعِر ، وفَيلَسُوف ، وسِياسِي ، ومُؤرِّخ ، وصَحَفي ، وراهِبُ في مِحْرابِ الأدَب .. ذاعَ صِيتُه فمَلَأَ الدُّنْيا بأَدبِه ، ومثَّلَ حَالةً فَرِيدةً في الأدَبِ العَرَبيِّ الحَدِيث ، ووصَلَ فِيهِ إِلى مَرْتَبةٍ فَرِيدَة .
وُلِدَ أديبنا الفذ بمُحافَظةِ أسوان عامَ ١٨٨٩م ، وكانَ والِدُه مُوظَّفًا بَسِيطًا بإِدارَةِ السِّجِلَّات .. اكتَفَى العبقري بحُصُولِه عَلى الشَّهادَةِ الابتِدائيَّة ، غيْرَ أنَّهُ عَكَفَ عَلى القِراءَةِ وثقَّفَ نفْسَه بنفْسِه ؛ حيثُ حَوَتْ مَكْتبتُه أَكثرَ مِن ثَلاثِينَ ألْفَ كِتاب ..
عمِلَ الأديب الكبير بالعَديدِ مِنَ الوَظائفِ الحُكومِيَّة ، ولكِنَّهُ كانَ يَبغُضُ العمَلَ الحُكوميَّ ويَراهُ سِجْنًا لأَدبِه ؛ لِذا لمْ يَستمِرَّ طَوِيلًا فِي أيِّ وَظِيفةٍ الْتحَقَ بِها .. اتَّجَهَ للعَملِ الصَّحَفي ؛ فعَمِلَ بجَرِيدةِ «الدُّسْتُور» ، كَما أَصْدَرَ جَرِيدةَ «الضِّياء» ، وكتَبَ في أَشْهَرِ الصُّحفِ والمَجلَّاتِ آنَذَاك .
وَهَبَ حَياتَه للأَدَب ؛ فلَمْ يَتزوَّج ، ولكِنَّهُ عاشَ قِصَصَ حُبٍّ خلَّدَ اثنتَيْنِ مِنْها في رِوايَتِه «سارة» .
كُرِّمَ كَثيرًا ؛ فنالَ عُضْويَّةَ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بالقاهِرة ، وكانَ عُضْوًا مُراسِلًا ﻟ «مَجْمَع اللُّغَةِ العَرَبيَّة» بدمشق ومَثِيلِه ببَغداد ، ومُنِحَ «جائِزةَ الدَّوْلةِ التَّقْدِيريَّةِ فِي الآدَاب» ، غيْرَ أنَّهُ رفَضَ تَسلُّمَها ، كَمَا رفَضَ «الدُّكْتُوراه الفَخْريَّةَ» مِن جامِعةِ القاهِرة .
كان مِغْوارًا خاضَ العَدِيدَ مِنَ المَعارِك ؛ ففِي الأَدَبِ اصْطدَمَ بكِبارِ الشُّعَراءِ والأُدَباء ، ودارَتْ مَعْركةٌ حامِيةُ الوَطِيسِ بَيْنَه وبَيْنَ أَمِيرِ الشُّعَراءِ «أحمد شوقي» فِي كِتابِه «الدِّيوان فِي الأَدَبِ والنَّقْد» .. كَما أسَّسَ «مَدْرسةَ الدِّيوانِ» معَ «عبد القادر المازني» و«عبد الرحمن شكري» ؛ حيثُ دَعا إِلى تَجْديدِ الخَيالِ والصُّورةِ الشِّعْريَّةِ والْتِزامِ الوَحْدَةِ العُضْويَّةِ فِي البِناءِ الشِّعْري .. كَما هاجَمَ الكَثِيرَ مِنَ الأُدَباءِ والشُّعَراء ، مِثلَ «مصطفى صادق الرافعي» .. وكانَتْ لَهُ كذلِكَ مَعارِكُ فِكْريَّةٌ معَ «طه حسين» و«زكي مبارك» و«مصطفى جواد» و«بِنْت الشَّاطِئ» .
شارَكَ بقوَّةٍ فِي مُعْترَكِ الحَياةِ السِّياسيَّة ؛ فانْضَمَّ لحِزبِ الوَفْد، ودافَعَ ببَسَالةٍ عَنْ «سعد زغلول» ، ولكِنَّه اسْتَقالَ مِنَ الحِزْبِ عامَ ١٩٣٣م إثْرَ خِلافٍ معَ «مصطفى النحَّاس» .. وهاجَمَ المَلِكَ أثْناءَ إِعْدادِ الدُّسْتُور ؛ فسُجِنَ تِسْعةَ أَشْهُر ، كَما اعْترَضَ عَلى مُعاهَدةِ ١٩٣٦م .. حارَبَ كذلِكَ الاسْتِبدادَ والحُكْمَ المُطْلقَ والفاشِيَّةَ والنَّازيَّة .
تَعدَّدَتْ كُتُبُه حتَّى تَعَدَّتِ المِائة ، ومِنْ أَشْهرِها العَبْقريَّات ، بالإِضافةِ إِلى العَدِيدِ مِنَ المَقالاتِ الَّتي يَصعُبُ حَصْرُها ، ولَه قِصَّةٌ وَحِيدَة، هيَ «سارة» .
أدعوكم لقراءة قصة تأليف كتابه عبقرية محمد : دفاعٌ عن النبي ( صلى الله عليه وسلم )
تُوفِّيَ عامَ ١٩٦٤م تارِكًا مِيراثًا ضَخْمًا ، ومِنْبرًا شاغِرًا لمَنْ يَخْلُفه .