لغة الضاد

إبداع شعري

إبداع شعري :

قصيدة الإمام عبد الرحمن بن عبدالله السهيلي صاحب [ الروض الأنف ] ؛ هي من الشعر الإلهي الرائع المؤثر : هذه العينيَّة الجميلة التي تفيضُ بالحب والصفاء ، والضراعة والدعاء ، والتودد إلى رب الأرض والسماء ، والعُذوبة والصدق والوفاء ، واستِدرار العَطف والرجاء ، يقول فيها :

يَا مَنْ يَرَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيَسْمَعُ … أَنْتَ المُعَدُّ لِكُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ

يَا مَنْ يُرَجَّى لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا … يَا مَنْ إِلَيْهِ المُشْتَكَى وَالمَفْزَعُ

يَا مَنْ خَزَائِنُ رِزْقِهِ فِي قَوْلِ (كُنْ) … امْنُنْ فَإِنَّ الخَيْرَ عِنْدَكَ أَجْمَعُ

مَا لِي سِوَى فَقْرِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ … فَبِالاِفْتِقَارِ إِلَيْكَ فَقْرِي أَدْفَعُ

مَا لِي سِوَى قَرْعِي لِبَابِكَ حِيلَةٌ … فَلَئِنْ رُدِدْتُ فَأَيَّ بَابٍ أَقْرَعُ

وَمَنِ الَّذِي أَدْعُو وَأَهْتِفُ بِاسْمِهِ … إِنْ كَانَ فَضْلُكَ عَنْ فَقِيرِكَ يُمْنَعُ

حَاشَا لِفَضْلِكَ أَنْ يُقَنِّطَ عَاصِيًا … الْفَضْلُ أَجْزَلُ وَالمَوَاهِبُ أَوْسَعُ

والإمام السهيلي ، هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبدالله بن أحمد الخثعمي السُّهيليّ الأندلسي المالكي الضرير تُوفي سنة 805 هـ .

  • اهتمام الشعراء بالقصيدة :

حَظيتْ هذه القصيدة باهتمامِ الشعراء ، فقام كثيرٌ منهم بتخميسها وتشطيرها ، حتى وصلَ عددُ تخميساتِها إلي أحدَ عشَر تخميسًا ، ومن أجملِ هذه التخميسات ، تخميسُ الشّهاب المنصوريّ ، أبي العباس أحمد بن محمد بن علي السلمي ، وُلد بالمنصورة بمصر وتُوفي بالقاهرة سنة 887 هـ .

والتخميسُ هو أنْ يضيفَ شاعرٌ ما ثلاثةَ أشطُرٍ من كلامه إلي بيتٍ لشاعر آخر ، فيكون مجموع أشطر البيت خمسة ، وهذا هو التخميس .

ندعوكم لقراءة : فن التخميس

  • انظر وتدبر :

يا مَنْ يجود بما يشاء ويمنعُ

يا مَنْ إليهِ في النَّوائب يُفزعُ

يا مَنْ به شملُ المآرب يجمعُ

( يا مَنْ يرى ما في الضَّمير ويَسمعُ … أنتَ المُعَدُّ لكلِّ ما يُتوقَّعُ )

يا مُنزلَ البركات فاتحَ قفلِها

يا مُبدلًا صعبَ الأمور بسهلِها

يا ربِّ كم عُقدٍ مننتَ بحلِّها

( يا مَنْ يُرجّى للشّدائد كلِّها … يا مَنْ إليه المشتكى والمفزعُ )

يا مَنْ به ظنُّ البريَّة قد حسُنْ

يسِّرْ لنا مِن أمرنا ما لم يهُنْ

ومن المواهب هَبْ لنا ما لم يكنْ

( يا مَنْ خزائن علمهِ في قول: كُنْ … امننْ فإنَّ الخيرَ عندك أجمعُ )

أحمالُ إجرامي عليَّ ثقيلةٌ

عزَّتْ وسائلُ بالفلاح كفيلةٌ

والباقياتُ الصَّالحاتُ قليلةٌ

( ما لي سوى فقري إليكَ وسيلةٌ … فبالافتقار إليكَ فقري أدفعُ )

يا مَنْ أياديه لديَّ جزيلةٌ

للقلبِ آمالٌ لديك طويلةٌ

أرجو مقاصدَ منك وهْيَ جليةٌ

( ما لي سوى قرعي لبابك حيلةٌ … ولئن رددتَ فأيَّ بابٍ أقرعُ )

يا منعمًا قد فاضَ طافحُ يمِّه

بالعبد أرحمُ مِن أبيه وأمِّه

مَنْ ذا دعاك فلم يفزْ بمهمِّه؟

( ومَن الَّذي أدعو وأهتفُ باسمه … إنْ كان فضلك عن فقيرِك يُمنعُ )

ضيَّعتُ أيامي ، عهودَك ناسيا

وبما عصيتُك صار قلبي قاسيا

أسفًا على التَّفريط جئتُك آسيا

( حاشا لمجدِك أنْ تقنِّطَ عاصيا … الفضلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ )

ما زلتُ في عُمْري لنفسي ظالِما

ولها على ما تشتهيه مُسالِما

والآن تبتُ عساي أنجو سالِما

( بالذُّلِّ قد وافيتُ بابَك عالما … أنَّ التَّذلُّلَ عند بابِك يَنفعُ )

وفررتُ نحوك تائبًا مُتبتِّلا

ومُهلِّلًا ومُحسبِلًا ومُسبْحلا

وبك استعنتُ على العبادة مُقبلا

( وجعلتُ معتمدي عليك توكُّلا … وبسطتُ كفّي سائلًا أتضرَّعُ )

طه علومَ اللَّوح قد ورَّثتَهُ

وعلى الهداية للرَّشاد حثثتَهُ

وحديثه للعالمين بثثتَهُ

( فبحقِّ مَنْ أحببتَه وبعثتَه … وأجبتَ دعوةَ مَنْ به يَتشفَّعُ )

وبحقِّ مَنْ للدِّين كان مروِّجا

وبنوره كشفَ الغياهبَ والدُّجى

وبجاه مَنْ للخطب كان مُفرِّجا

( اجعلْ لنا مِن كلِّ ضيقٍ مَخرجا … والطفْ بنا يا مَنْ إليه المَرجعُ )

ناجيتُ ربِّي راجيًا لنوالهِ

متوسِّلًا بجلالهِ وجمالهِ

وخليلهِ المحمودِ كلُّ خلالهِ

( ثمَّ الصَّلاة على النّبيِّ وآله … خير الخلائق شافعٌ ومشفَّعُ )

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى