همم وقمم

أعلام أفذاذ

يَزخَرُ التاريخ بأسماء أعلام عَلا أصحابُها قمم المجد والفَخَار بما قدموه من ابتكارات واختراعات وجهود في مناحي الحياة المختلفة أنارت الدنيا ، وقامت بفضلها حضاراتٌ وأممٌ كانت تكابد ظلمات الجهل ، وتَسبح في غياهب الأباطيل والأساطير ، وتعج بمظاهر البدائية والتخلف .

لم يصل هؤلاء الأعلامُ إلى ما وصلوا إليه من نجاحاتٍ إلا بعدما عبروا جسورًا من الفشل ، ولولا همَمُهُمُ العاليةُ ، ومثابرتُهُم الحثيثة ما وصلوا إلى تلك القمم ، وما أَسدَوا للبشرية تلك الإنجازاتِ العظيمةِ التي آلَت بها إلى تَقُدُّم وَرُقيٍّ عز أن تبلغهما دونَهَا .

ولم تقتصر تلك الإنجازات على جانبٍ من جوانب الحياة ، وإنما نجد تلك الإنجازات في شَتَّى العلوم كالطبِّ ، والفلكِ ، والفيزياءِ ، والرياضيَّات ، وعُلُوم الطبيعةِ ، وغيرها من العُلُوم والفنون ؛ وفي كل مجالٍ تجدُ من برع فيه ، وقدم له ما يخدُمُهُ ويرقى به .

ولمَّا كان العلمُ وسيلةً في أيدي البشر جميعًا على اختلافِ مواطنهم وجِنسيَّاتهم ودياناتهم ، لم يأت النجاحُ من منبع واحد أو أصل واحدٍ ، وإنما جاء من المجتهدين المخلصين للعلم ، الباذلين أرواحًا وأعمارًا في سبيله بصرف النظر عن انتماءَاتِهم وأَوصَافهم الاجتماعيَّة ؛ وكذلك أفادت البشرية كُلُّها من تلك الجهود المخلِصَة ، مهملةً في ذلك السمات الاجتماعية لِمُقَدِّمها .

لم يكن الأعلامُ من قدَّمُوا للبشريَّة إنجازاتٍ واختراعاتٍ مذهلةٍ فحسبُ ، وإنما هناك نوعٌ آخر منهم  ، ولكنهم أعلامٌ من طراز فريد جدًّا ، قدموا للبشرية ما لم يُقدِّمهُ نُظَرَاؤُهُم من المخترعين والعلماء ، قدموا للبشرية رقيًّا وأخلاقًا وسلوكًا ومعاملات عجزت عن وصفها الأقلام والمدائح ، وأَسدَوا إليها مِنهَاجَ حياةٍ يسير عليه من ابتغى الرِّفعة والسُّؤدُدَ والعزة والكرامة ، وعلى رأس هؤلاء الأفذاذِ الأفاضلِ خَيرُ من وَطِئَت الأرضَ قدماهُ ، النبيُّ محمدٌ – صلى الله عليه وسلم – ، ويليه كلُّ أنبياء الله ورُسُلِهِ من لَدُن آدَمَ – عليه السلام – إلى البشيرِ النَّذيرِ محمدِ بنِ عبدالله ، ثم تَبِعَهُم في ذلك صحابةُ النبيِّ الكرام رضي الله عنهم جميعًا .

هؤلاء الأفاضل قدموا للبشرية قيمًا يَعجزُ عن مكافأتها ذَوُو المكارم في عصرنا هذا ، فما أَرَى العَالَمَ إلا وقد نَهَلَ من شجاعةِ نوحٍ ، وطاعةِ إبراهيمَ ، وصدقِ إسماعيلَ ، وحلمِ يعقوبَ ، وعِفَّةِ يوسفَ ، وفَصَاحَةِ صالحٍ ، وصبر أيوب ، وحكمة لقمان ، وفهم سليمان ، وقوة موسى ، وفصاحة هارون ، وبِرِّ يحيى ، ووَرَعِ عيسى ، وطهارةِ مريم ، وعدل عمر ، وحياءِ عثمانَ ، وصِدقِ أبي بكر ، وإخلاصِ عليٍّ ، وعلم الخَضِرِ ، وشمائل خِتَام الأنبياءِ محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – .

وانطلاقًا من هذا المنهج ، كان لزامًا علينا أن نُلقي الضَّوءَ على بعضٍ من هؤلاء الأعلام الأَفذَاذِ الذين عَطَّروا صَفَحَات التاريخ بأسمائهم على مرِّ العصور والأزمان ، عَلَّنَا نُوَفِّيهم بعضًا من حقهم إن استَطَعنَا .

ندعوكم لقراءة : الذكي الألمعي

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى