من رحيق كلامهم

يا بني

يا بني :

وصايا الآباء لأبنائهم كثيرة ومتنوعة على مدار التاريخ الإنساني ، وقد اخترنا بعضها ، ونبدأ بلقمان .

أشهر من قال : « يا بُنَيّ » : هو لقمان الحكيم ، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ، وهو ينصح ابنه واعظًا إياه ، ألا يشرك بالله ، وأن يراقب سيده ومولاه ، جل في علاه .

وأن يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، ويصبر على المصاب ، وهي أمور صعاب ، ولكنها ترضي رب الأرباب .

وعلَّمه آداب معاملة الناس ، بالكياسة والإحساس ؛ فنهاه عن احتقارهم ، والتعالي عليهم ، وعلَّمه الاعتدال في كل حال ، وطالبه بالقصد في المشي ؛ بعدم السرعة أو الفوت ، وخفض الصوت ؛ فإن أنكر الأصوات صوت الحمير ، وهذا لعمري جَدُّ خطير .

الآيات المتضمنة لوصايا لقمان :

« وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّـهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ». (لقمان : 13-19)

  • وصية ذي الإصبع العدواني ، الذي كان من حكماء العرب ، ومن أقواله الخالدة وصيته لابنه أُسيد قبل موته :

{ يا بني إن أباك قد فني وهو حي وعاش حتى سئم العيش ، وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته ، فاحفظ عني :
أَلِنْ جانبك لقومك يحبوك ، وتواضع لهم يرفعوك ، وابسط لهم وجهك يطيعوك ، ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك ، وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم ؛ يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم ، واسمح بمالك ، واحمِ حريمك ، وأعزز جارك ، وأعن من استعان بك وأكرم ضيفك ، وأسرع النهضة في الصريخ ، فوالله إن لك أجلًا لا يعدوك ، وصن وجهك عن مسألة أحدٍ شيئًا ، فبذلك يتم سؤددك }.

  • لما حضرت العباس بن المطلب رضي الله عنه الوفاة ، بعث إلى ابنه عبدالله ، فقال له :

{ يا بني ، إني موصيك بحب الله عز وجل ، وحب طاعته ، وخوف الله وخوف معصيته ، فإنك إذا أحببت الله وطاعته ، نفعك كل أحد ، وإذا خفت الله ومعصيته ، لم تضر أحدًا ، وإذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك }.
( فضائل الصحابة للإمام أحمد ).

  • قال حكيم لابنه :

{ يا بني ، عز المال للذهاب والزوال ، وعز السلطان يوم لك ويوم عليك ، وعز الحسب للخمول والدثور ، وأما عز الأدب فعز راتب رابط لا يزول بزوال المال ، ولا يتحول بتحول السلطان ، ولا ينقص على طول الزمان .
يا بني ، عظَّمَتِ الملوكُ أباك وهو أحد رعيتها ، وعبدتِ الرعيةُ ملوكها ؛ فَشَتَّانَ ما بين عابد ومعبود .
يا بني ، لولا أدبُ أبيك لكان للملوك بمنزلة الإبل النقالة والعبيد الحمالة }.
( التذكرة الحمدونية : 2 /97 رقم 193 ).

  • وصية أب مُحب :

لله در الشاعر القائل :
كونُوا جميعًا يا بَنِيَّ إِذا اعتَرى … خَطْبٌ ولا تتفرقُوا آحادَا
تأبَى القِداحُ إِذا اجتمعْنَ تكسُّرًا … وإِذا افترقْنَ تكسَّرتْ أفرادَا

ندعوكم لقراءة : أولادنا ثمار قلوبنا

  • أشد الناس حسرة :

قال حكيم لابنه :
{ يا بني ، إن أشد الناس حسرة يوم القيامة رجلٌ كسب مالًا من غير حِلِّه فأدخله النار ، وأورثه مَن عَمِل فيه بطاعة الله فأدخله الجنة }.
( العقد ).

  • اتق الله ما استطعت :

قال حكيم لابنه :
{ يا بني ، إني مُوصِيك بوصية ، فإن لم تحفظ وصيتي عني لم تحفظها عن غيري .
اتقِ الله ما استطعت ، وإن قدرت أن تكون اليوم خيرًا منك أمسِ ، وغدًا خيرًا منك اليوم ؛ فافعل .
وإياك والطمعَ ؛ فإنه فقرٌ حاضر .
وعليك باليأس ؛ فإنك لن تيأس من شيء قط إلا أغناك الله عنه .
وإياك وما يُعتذَر منه ؛ فإنك لن تعتذر من خيرٍ أبدًا .
وإذا عثر عاثر فاحمد الله ألا تكون هو .
يا بني ، خذ الخير من أهله ، ودع الشر لأهله ، وإذا قمت إلى صلاتك فَصَلِّ صلاةَ مُوَدِّعٍ وأنت ترى ألا تصلي بعدها }.
( العقد ).

  • من أدب الدنيا والدين :

قال بعض الحكماء لابنه :
{ يا بني ، لا تكن على أحد كَلًّا ؛ فإنك تزداد ذُلًّا ، واضرب في الأرض عَوْدًا وبَدءًا .
ولا تأسف لمالٍ كان فذهب ، ولا تَعْجِزْ عن الطلب لِوَصَبٍ ولا نَصَب }.
( أدب الدنيا والدين ).

  • كما بدأنا بلقمان ، نختم به :

يا بني ! لا تُرسلْ رسولك جاهلًا ، فإن لم تجد حكيمًا فكن رسولَ نفسك .

يا بني ! إياك والكذبَ ؛ فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يقلي صاحبه .

يا بني ! احضر الجنائز ولا تحضر العرس؛ فإنَّ الجنائزَ تذكرك الآخرة والعرسَ تشهيك الدنيا .

يا بني ! لا تأكل شبعًا على شبع ، فإنك إن تلقه للكلب خير من أن تأكله .

يا بني ! لا تكن حلوًا فتُبلَع ، ولا مرًّا فتُلفَظ .

يا بني ! إني حملت الحجارة ، والحديد ، وكل شيء ثقيل ، فلم أحمل شيئًا هو أثقل من جار السوء .

يا بني ! إني ذقت المر ، فلم أذق شيئًا هو أمر من الفقر .

يا بني ! إن الدنيا بحرٌ عميق ، قد غرق فيها ناس كثير ، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، وحشوها إيمان بالله ، وشراعها التوكل على الله ؛ لعلك تنجو ، ولا أراك ناجيًا .

يا بني ! اتخذ طاعة الله تجارة ؛ تأتك الأرباح من غير بضاعة .

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى