من لطائف الكلام
من لطائف الكلام :
اخترنا لكم أيها الكرام ، نذرًا يسيرًا من لطائف الكلام ، يفهمه الخاصة وبعض العَوَام .
وملخص الكلام أيها الأصدقاء ؛ يتمحور حول خير الجزاء ، عند رب الأرض والسماء ، ومدح لسيد الأنبياء ، وشعر وشعراء ، وحب ودعاء ، وسعادة وشقاء ، ونبدأ بالسخاء .
– ما أعظم السخاء :
قال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : رأيت أبي عند موته ينظر ، قلت : يا أبت ، إلى أي شيءٍ تنظر ؟
قال : هذا مَلَك الموت قائم بحذائي يقول : إني بكل سخيٍّ رفيق .
بحذائي : بجانبي .
سخيّ : كريم جواد مِعطاء .
( طبقات الحنابلة ج 1 ص 179 ).
– الأبرار والفجار :
الأبرار في النعيم ؛ وإن اشتد بهم العيش وضاقت عليهم الدنيا ، والفجار في جحيم ؛ وإن اتسعت عليهم الدنيا .
– ما عند الله خير :
وَصَفَ الله حال الإنسان في الدنيا بـقوله : ﴿ لقد خلقنا الإنسان في كَبَد ﴾ ، بينما وصف حاله في الجنة بـقوله : ﴿ لا يمسّهم فيها نصب ﴾.
فاصبر على مشاق الدنيا صبرًا جميلًا لا سخط معه ولا جزع ، وما عند الله خير وأبقى .
– السلوان العظيم :
تهون الدُّنيا بمجرياتها حينما نعلم أنَّها معبرٌ لا دار قرار ، وميدان نضال وتنافس لا ميدان جزاء ، وأنَّ السُّلوان العظيم على عتبات الجنَّة ، حيث العافية والسلام والنعيم المُقيم ورؤية الأحباب بلا فواجع ولا انقطاع .
– الرزاق هو الله :
لله در الشاعر القائل :
توكلتُ في رزقي على اللهِ خالقي … وأيقنتُ بأنَّ اللهَ لاشك رازقي
وما يَكُ من رزقٍ فليس يفوتني … ولو كان في قاعِ البحارِ العوامقِ
سيأتي به اللهُ العظيمُ بفضلِهِ … ولو لم يكنْ مني اللسانُ بناطقِ
ففي أي شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرةً … وقد قَسَّم الرحمنُ رزقَ الخلائقِ
– عظيم هبات الله :
استيقظنا على عظيم هبات الله ؛ روح عادت ، ونعم زادت .. صباح أطل ، وأمن أظل .
فلك الحمد عدد كل شيء ، ولك الحمد ملء كل شيء .
– لا تحزن :
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :
لم يأتِ ( الحزن ) في القرآن إلا منهيًّا عنه ؛ كقوله تعالى : ” وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ” ، أو منفيًا كقوله : ” لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ “.
وسر ذلك أن ” الحزن ” لا مصلحة فيه للقلب ، وأحب شىء إلى الشيطان أن يحزن العبد المؤمن ؛ ليقطعه عن سيره ويوقفه عن سلوكه .
وقد استعاذ منه النبي ﷺ : ” اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ “.
لذا يقول ابن القيم :
الحزن يضعف القلب ، ويوهن العزم ويضر الإرادة ، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن .
لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله ، وثقوا بما عند الله ، وتوكلوا عليه ؛ وستجدون السعادة والرضا في كل حال .
- حُبٌّ .. ودعاء :
ربَّاه ، أحببنا رسولنا ﷺ ولم نره ، وصدّقنا به ولم نخالطه ، واشتقنا إليه ولم نصاحبه ، وقرأنا أحاديثه ولم نجالسه .
اللهم كما أكرمتنا بحبِّه ، وهديتنا لشرعه وشرّفتنا بأن كنا من أُمتّه .. احشرنا في زمرته ، واجمعنا تحت لوائه ، وارزقنا شفاعته ، وأوردنا حوضه ، وأسعدنا بلقائه في الفردوس من جنتك .
– نشتاق إلى رسولنا :
نردد مع هذا الشاعر المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، القائل :
يا زارعًا حبَّ النبي بقلبهِ … أسقيتَ زرعكَ بالصلاةِ عليهِ
هذا محمدٌ ما تشوَّق في الورى … أحدٌ كشوقِ المسلمين إليهِ
– السراج المنير :
كتب الأستاذ الكبير خالد محمد خالد عن نبينا صاحب الخلق العظيم :
هو في الجسم بشر ، وهو نور في البصيرة والبصر .
كان صادقًا مع ربه ، صادقًا مع نفسه ، صادقًا مع أهله ، صادقًا مع أصحابه ، صادقًا مع أعدائه ، صادقًا مع الناس جميعًا .
لو كان الصدق رجلًا لكان هو .
العدل شريعته ، والحب فطرته ، والسمو حرفته .
أي معلم كان ، وأي إنسان ؟
هذا المُترع عظمة ، وأمانة ، وسموًا .
أي إيمان ، وأي عزم ، وأي مضاء ؟! أي صدق ، وأي طهر ، وأي نقاء ؟! أي تواضع ، أي حب ، أي وفاء ؟!
أي تقديس للحق ؟! أي احترام للحياة ، وللأحياء ؟!
– السعادة :
السعادة لم ترد فى القرآن إلا مرتين :
اﻷولى : ” يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ “. (هود : 105)
الثانية : ” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا “. (هود : 108)
الأولى بَيَّنَت زمن السعادة وهو يوم القيامة ، الثانية بينت مكان السعادة وهو الجنة .
فلا جدوى من البحث عن شيء في غير مكانه ، ولا جدوى من انتظار شيء في غير أوانه .
– كلامٌ وكلام :
قال الإمام أبو حامد الغزالي :
الكلام الليِّن يُليِّن القلوب التي هي أقسى من الصخور ، والكلام الخشن يخشِّن القلوب التي هي أنعم من الحرير .
– الفردوس يا مؤمن :
كانَ الفضيل بن عيّاض يقولُ :
هاه ! .. تُريد أنْ تسكنَ الفِردوس ..
وتُجاوِر الرحمٰن في دارِه مع النبيِّين والصدِّيقين والشُهداء والصّالحين ؟
بأيِّ عملٍ عملتَه ؟
بأيِّ شهوةٍ تركتَها ؟
بأيِّ غيظٍ كتمتَه ؟
بأيِّ رحمٍ وصلتَها ؟
بأيِّ زلّةٍ لأخيك غفرتَها ؟
بأيِّ قريبٍ باعدتَه في ﷲ ؟
بأيِّ بعيدٍ قاربتَه في ﷲ ؟
– صديقان : قائم ونائم :
قالَ كعبُ الأحبار :
رُبَّ قائِمٍ مَشكورٌ لَهُ ، وَنائِمٍ مَغفورٌ لَهُ ..
وذلكَ أنَّ الرَّجُلَين يَتَحَابَّانِ فِي الله ، فَقَامَ أحَدُهُما يُصَلِّي فَرَضِيَ اللهُ صَلاتَهُ وَدُعاءَه ، فَلَم يَرُدَّ عليهِ من دُعائِهِ شيئًا ، فَذَكَرَ أخاهُ في دُعائِه مِنَ الليل ، فَقَال : يا ربُّ ، أخِي فُلان اغفِر لَه ؛ فَغَفَرَ اللهُ لَهُ وَهُوَ نائِم !
– ترك الذنوب :
قال يحيى بن معاذ رحمه الله :
لست آمركم بترك الدنيا ، آمركم بترك الذنوب ، ترك الدنيا فضيلة وترك الذنوب فريضة ، وأنتم إلى إقامة الفريضة أحْوج منكم إلى الحسنات والفضائل .
( صفة الصفوة 4/ 345 ).
– أطباء الأديان :
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله :
الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر أطباء الأديان ، الذين تشفى بهم القلوب المريضة ، وتهتدي بهم القلوب الضالة ، وترشد بهم القلوب الغاوية ، وتستقيم بهم القلوب الزائغة ، وهم أعلام الهدى ومصابيح الدجى .
( جامع المسائل / لابن تيمية ).
– جنة أو نار :
من أقوال الشيخ على الطنطاوي رحمه الله :
إن المُلك والغنى ، والمجد والجاه ، والفتنة والجمال ، كل أولئك أثواب تُلبَس وتُخلَع ، ولا يبقى للإنسان من دنياه إلا ما قَدَّمَ من عمل ، ينال به النعيم الخالد أو يَصلَى به النار الباقية .