من رحيق كلامهم

من حكم الأعرج

من حكم الأعرج :

  • أبو حازم الأعرج هو :

سلمة بن دينار المديني المخزومي بالولاء ، وكنيته أبو حازم من موالي هذيل ، وقيل من موالي غفار .

وهو إمام ، قدوة ، عالم ، واعظ ، شيخ المدينة النبوية .

قال عنه ابن حجر : ثقة عابد .

وعند الذهبي فهو الإمام ، أحد الأعلام .

وقال عنه ابن خزيمة : ثقة ، لم يكن في زمانه مثله .

  • الحكمة أقرب إلى فيه :

قال عنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما رأيت أحدًا الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم .

  • هيا إلى الحكمة التي أنطقه الله بها :

روى ابن عيينة عنه قال : اشتدت مؤنة الدين والدنيا ، قيل : وكيف ؟ قال : أما الدين ، فلا تجد عليه أعوانًا ، وأما الدنيا ، فلا تمد يدك إلى شيء منها إلا وجدت فاجرًا قد سبقك إليه .

وقال عنه أيضًا : ليس للملوك صديق ، ولا للحسود راحة ، والنظر في العواقب تلقيح العقول .

روى عبيد الله بن عمر عن أبي حازم قال : لا تكون عالمًا حتى يكون فيك ثلاث خصال : لا تبغ على من فوقك ، ولا تحقر من دونك ، ولا تأخذ على علمك دنيا .

وروى يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم قال : ما أحببت أن يكون معك في الآخرة ، فاتركه اليوم .

وقال : انظر كل عمل كرهت الموت من أجله ، فاتركه ثم لا يضرك متى مت .

وقال : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة .

وقال : انظر الذي يصلحك فاعمل به ، وإن كان فسادًا للناس ، وانظر الذي يفسدك فدعه ، وإن كان صلاحًا للناس .

وعنه قال : شيئان إذا عملت بهما ، أصبت خير الدنيا والآخرة ، لا أطول عليك ، قيل ما هما ؟ قال : تحمل ما تكره إذا أحبه الله ، وتترك ما تحب إذا كرهه الله .

أبو حازم الأعرج – رحمه الله – يعاتب نفسه ؛ فيقول :” يا أعرج ! يُنادَى يوم القيامة : يا أهل خطيئة كذا وكذا ؛ فتقوم معهم .
ثم يُنادَى : يا أهل خطيئة كذا وكذا ؛ فتقوم معهم .
فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة.

وعن أبي حازم قال : اكتم حسناتك ، كما تكتم سيئاتك .

يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم قال : تجد الرجل يعمل بالمعاصي ، فإذا قيل له : أتحب الموت ؟ قال : لا .
وكيف وعندي ما عندي ؟ فيقال له : أفلا تترك ما تعمل ؟ فيقول : ما أريد تركه ، ولا أحب أن أموت حتى أتركه .

ابن عيينة ، عن أبي حازم قال : وجدت الدنيا شيئين : فشيئًا هو لي ، وشيئًا لغيري . فأما ما كان لغيري ، فلو طلبته بحيلة السماوات والأرض لم أصل إليه . فيمنع رزق غيري مني ، كما يمنع رزقي من غيري .

محمد بن مطرف ، حدثنا أبو حازم قال : لا يحسن عبد فيما بينه وبين الله ، إلا أحسن الله ما بينه وبين العباد . ولا يعور ما بينه وبين الله إلا عور فيما بينه وبين العباد .. لمصانعة وجه واحد أيسر من مصانعة الوجوه كلها .. إنك إذا صانعته مالت الوجوه كلها إليك ، وإذا استفسدت ما بينه ، شنئتك الوجوه كلها .

أبو الوليد الطيالسي عن ابن عيينة ، سمعت أبا حازم يقول : لا تعادين رجلًا ، ولا تناصبنه حتى تنظر إلى سريرته بينه وبين الله ، فإن يكن له سريرة حسنة ، فإن الله لم يكن ليخذله بعداوتك . وإن كانت له سريرة رديئة ، فقد كفاك مساوئه .
ولو أردت أن تعمل به أكثر من معاصي الله ، لم تقدر .

وروى يحيى بن محمد المدني ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قلت لأبي حازم : إني لأجد شيئًا يحزنني .. قال : وما هو يا ابن أخي؟ قلت : حبي للدنيا .

قال : اعلم أن هذا لشيء ما أعاتب نفسي على بعض شيء حببه الله إلي ؛ لأن الله قد حبب هذه الدنيا إلينا .
لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا : ألا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئًا من شيء يكرهه الله ، ولا أن نمنع شيئًا من شيء أحبه الله .
فإذا نحن فعلنا ذلك لم يضرنا حبنا إياها .

ضمرة بن ربيعة ، عن ثوابة بن رافع ، قال : قال أبو حازم : وما إبليس ؟ لقد عصي فما ضر ، ولقد أُطيع فما نفع .

وعنه : ما الدنيا ؟ ما مضى منها ، فحلم ، وما بقي منها ، فأماني .

وروى يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم قال : السيئ الخلق أشقى الناس به نفسه التي بين جنبيه ، هي منه في بلاء ثم زوجته ، ثم ولده ، حتى إنه ليدخل بيته ، وإنهم لفي سرور ، فيسمعون صوته فينفرون عنه ، فرقًا منه ، وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة ، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار ، حتى إن قطه ليفر منه !!

وقال : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة .

وقال : انظر الذي يصلحك فاعمل به ، وإن كان فسادًا للناس ، وانظر الذي يفسدك فدعه ، وإن كان صلاحًا للناس .

وقال : شيئان إذا عملت بهما ، أصبت خير الدنيا والآخرة ، لا أطول عليك ، قيل ما هما ؟ قال : تحمل ما تكره إذا أحبه الله ، وتترك ما تحب إذا كرهه الله .

وقال : نعمة الله فيما زوى عني من الدنيا ، أعظم من نعمته فيما أعطاني منها ، لأني رأيته أعطاها قومًا فهلكوا .

وروى محمد بن إسماعيل الصنعاني ، عن ابن عيينة ، قال أبو حازم لجلسائه ، وحلف لهم : لقد رضيت منكم أن يبقي أحدكم على دينه كما يبقي على نعله .

روى أبو نباتة المدني ، عن محمد بن مطرف ، قال : دخلنا على أبي حازم الأعرج ، لما حضره الموت ، فقلنا : كيف تجدك ؟ قال : أجدني بخير ، راجيًا لله ، حسن الظن به .
إنه -والله- ما يستوي من غدا أو راح يعمر عقد الآخرة لنفسه فيقدمها أمامه قبل أن ينزل به الموت حتى يقدم عليها ، فيقوم لها وتقوم له ، ومن غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره ، ويرجع إلى الآخرة لا حظ له فيها ولا نصيب .

( عن سير أعلام النبلاء / الإمام الذهبي رحمه الله تعالى ).

ندعوكم لقراءة : درر ابن تيمية

زر الذهاب إلى الأعلى