قيم إيمانية وتربوية

قيمة الكلمة 3

قيمة الكلمة :

الكلمة الطيبة صدقة تزيد لك في الحسنات ، وغيرها -والعياذ بالله- تُثَقِّل ميزان السيئات .

هناك كلمة ترفعك في الجنة درجات ، وأخرى تهوي بصاحبها في النار دركات .

فاستغفروا ربكم فيما فات ، وقولوا للناس حُسْنًا فيما هو آت .

بعض الناس كمفانيح الذهب ، يفتحون قلوب الناس بحسن كلامهم ، وروعة حكمتهم .

  • نصيحة غالية :

قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله :

القلوب أوعية ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها ؛ فليحفظ كل إنسان مفتاح سره .

  • أكبر دليل :

أكبر دليل على خطورة الكلمة أن الإنسان يدخل دين الله تعالى ؛ وهو الإسلام بكلمة ، ويخرج من دائرته مع سعتها بكلمة ، ويبني بيتًا وأسرة بكلمة ، ويهدم بناء بيت ويفرّق جمع أسرة بكلمة ، ويعانق الإنسان الجنة بكلمة ، ويسقط في حضيض النار بكلمة !

احذروا ، واسمعوا وعوا .. الكلمة سلاح ذو حدين ؛ فقد تكون مفتاحًا للخير ، مغلاقًا للشر ، وقد تكون عكس ذلك ، فرُبَّ كلمة طيبة تفتح بابًا للرزق ، أو تمسح دمعة محزون ، أو تسعد قلب مكلوم ، أو تصلح بين متخاصمين ، فتأخذ بيد هؤلاء إلى طريق الخير والسعادة .. ورُبَّ كلمـة أخرى يرسلها إنسان أهوج مغرور وغير مسؤول تسبب الخراب والدمار ، وتثير حروبًا طاحنة ويبوء بإثمها في الآخرة .

فاللسان ليس له عظام ، ولكنه يقتل ، إنه رصاصٌ قاتل !!

  • الهداية بكلمة :

قال الله تعالى لنبيه ومصطفاه :
” إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ “. (القصص : 56)

فكم من كفار أسلموا بسبب كلمة ؛ منهم :
يوسف أستيس ، ويوسف إسلام ، ومحمد علي كلاي ، وجاري ميلر ، ولورين بوث ، وكرنكو ، وآرثر أليسون ، وكيث مور ، وروجيه باسكييه ، وفنساي مونتاي ، والبحار الأمريكي كوفو ، وغيرهم وغيرهم ، في كل زمان ومكان .

وكم من عصاة عتاة اهتدوا ؛ والسبب كلمة ، منهم : الفضيل بن عياض ، وغيره كثير .

ندعوكم لقراءة : آيات غيرت حيوات

  • قرآنٌ وسُنَّة :

قال الله تعالي : ” مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ “.

وقال سبحانه : ” سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا “.

وكذلك جاء في السنة الكثير من النصوص التي تبين خطورة الكلام ، فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه والنسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلي الله عليه وسل- يقول :
” إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب “.

وروى الترمزي وابن ماجه والحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يقول :
” إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يري بها بأسًا ، يهوي بها سبعين خريفًا في النار “.

انظر إلي هذين الحديثين لتعرف مصيبة الكلمة التي تخرج من فيك وأنت ” ما تتبين فيها ” ، وأنت ” لا تلقي لها بالًا ” ، وأنت ” لا ترى بها بأسًا “.

ثلاث روايات تدل علي أن الإنسان قد يتلفظ بالكلمة التي لا يفكر فيها ، وتكون النتيجة : ” يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ” ، ” يهوي بها سبعين خريفًا في النار “.

  • آفتان عظيمتان :

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :

{ ففي اللسان آفتان عظيمتان : إن خلص الإنسان من أحدهما لم يخلص من الأخري وهما : آفة الكلام وآفة السكوت ، وقد يكون كل منهما أعظم من الأخري في وقتها ، فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله مراء مداهن إذا لم يخف علي نفسه ، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله ، وأكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته ، فهم بين هذين النوعين ، وأهل الوسط هم أهل الصراط المستقيم .. كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة }.

فاللسان عضو خطير لا يمل ولا يسأم من الكلام بالباطل ، فعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ” أكثر خطايا ابن آدم من اللسان ” ، وفي رواية : ” في لسانه ” ، رواه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني في صحيح الجامع .

اتقوا الله عباد الله فى كل كلمة تخرج من ألسنتكم فبا لكلمة ترتفع الدرجات ، وبها أيضًا تنزل إلى الدركات .

حفظ الله ألسنتنا جميعًا ، وأخرج منها كل طيب يقربنا من رضوان الله عز وجل .

ندعوكم لقراءة : خطورة الكلمة

  • صحيح البخاري :

تم هذا الإنجاز الكبير ؛ والسبب كلمة !

لقد كان الباعث علي تصنيف هذا الديوان العظيم أن الإمام البخاري كان جالسًا عند أستاذه إسحاق بن راهويه فسمعه يقول :
{ لو جمعتم كتابًا مختصرًا لصحيح سنة رسول الله … }.

قال البخاري : فوقع ذلك في قلبي ؛ فأخذت في جمع الجامع الصحيح .

والبخاري هو امام المحدثين أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري .

وُلد في مدينة بخارى سنة 194 هـ. وصحيح البخاري جمعه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ، وسماه مؤلفه :

[ الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله وسننه وأيامه ] ، وخرجه من ستمائة ألف حديث ، وتعب في تنقيحه وتهذيبه والتحري في صحته ، حتى كان لا يضع فيه حديثًا إلا اغتسل وصلى ركعتين يستخير الله في وضعه ، ولم يضع فيه مسندًا إلا ما صح عن رسول الله ﷺ بالسند المتصل الذي توفر في رجاله العدالة والضبط .

وأكمل تأليفه في ستة عشر عامًا ، ثم عرضه على الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم ، فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة .

وقد تلقاه العلماء بالقبول في كل عصر ، فقد قال الحافظ الذهبي :

{ هو أجل كتب الإسلام ، وأفضلها بعد كتاب الله }.

عدد أحاديثه بالمكرر (7397) سبعة وتسعون وثلاثمائة وسبعة آلاف حديث ، وبحذف المكرر يبلغ (2602) اثنان وستمائة وألفا حديث ، كما حرر ذلك الحافظ ابن حجر .

  • حرب الكلمة :

يقول الدكتور محمد حسان في محاضرة له :

نشهد الآن حرب الكلمة بكل أشكالها وصورها ، مقروءة ومسموعة ، ومرئية ، بل ومرسومة .

وإن ترك الألسنة تُلقي التهم جُزافًا دون بينة أو دليل ، يترك المجال فسيحًا لكل من شاء أن يقول ما شاء في أي وقت شاء ، ثم يمضي آمنًا مطمئنًا ليصبح نجمًا تلفزيونيًا بارعًا تصور صوره ، وتترجم كلماته !

ومن أروع ما سمعت لأحد الخطباء ، قوله من فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم :

من مقتضيات القول الثمين ؛ النقد الباني الأمين عبر وسائل الإعلام التي زاحمت الأقطار وغزت الأفكار ؛ فالنقد المسطور أو المسموع لا بد أن يكون من ذي مُكنةٍ واقتدار .

فلا يطلق الكلام في الرموز والمجتمعات والمؤسسات والهيئات حممًا حارقة ونصالًا خارقة ، وقنابل مدمرة ، ورصاصات مدوية ، وخناجر مسمومة ، وألغامًا محمومة ، كيف ؟
وما أفحش حكيم ، ولا أوحش كريم .

والنقد المسف عن كمد ؛ لا يخفى زيفه وإن طال الأمد ذلكم -يا رعاكم الله- ، وأن لا يذاع في الأمة من الكلام إلا ما هذبته بصائر الأفكار ، وألا ينشر إلا ما نقحته عقول النظار ؛ ليكون مدرجةً للرقي والكمال ، ومنةً لحفظ الهوية والخصوصية دون إمحال ؛ لاسيما في النوازل والقضايا الكبرى الجلال .

ولله در الشاعر القائل :

تكلَّمْ وسدِّدْ ما اسْتطعتَ فإِنَّما … كلامُكَ حيٌّ والسُّكُوتُ جَمَادُ

فإنْ لم تجدْ قَوْلا سديدًا تقُـوله … فصمتُكَ عنْ غيرِ السَّدَادِ سَداَدُ

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى