قوافل العتقاء
قوافل العتقاء :
رمضان موسم عظيم ، فيه الصفاء ، فيه النقاء ، فيه السخاء ، فيه البر بالفقراء ، فيه كثيرٌ من العتقاء ؛ واسألوا العلماء .
من وُفق فيه إلى الخير فهو المُوَفَّق ، ومن حُرم فيه البر فهو المحروم ؛ لأنه فرط في غفران الذنوب والعتق من النار ، فما أكثر العتقاء في كل ليلة من ليالي رمضان ، فرمضان فرصة ثمينة لا تُعوض .
يقول العلماء : إن دخول شهر رمضان على المسلمين دخول الغوث في دينهم ودنياهم ، فأبواب الفرج تتفتح ، فينبغي أن يكون وما فيه من نفحات ربانية ، سبيل الصلاح والإصلاح .
والعتق يعني النجاة من النار والفوز بالجنة ، وهذا قال تعالى : ” فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ “. (آل عمران : 185)
فرمضان فرصة عظيمة لعتق رقابنا من النار ؛ وذلك بفعل الخيرات ، وترك المنكرات ، والتزود بالطاعات .
– أروا الله من أنفسكم خيرًا :
أكثروا من قراءة القرآن ، وذكر الرحمن ، والاجتهاد في الميدان ؛ ميدان الطاعة لتفوزوا بالرضوان ، والعتق من النيران .
فالواجب على المؤمن أن يجتهد في أداء ما فرض الله عليه ، وأن يحذر ما حرمه ، وأن تكون عنايته في رمضان أكثر وأعظم ، كما يشرع له الاجتهاد في أعمال الخير من الصدقات وعيادة المريض واتباع الجنائز وصلة الرحم ، والذكر والتسبيح والتهليل والاستغفار والدعاء ، إلى غير هذا من وجوه الخير ، يرجو ثواب الله ويخشى عقابه .. الأمر الأسمى غاية الفوز .
– أحاديث صحيحة :
روى الإمام أحمد في المسند وابن ماجه في سننه والطبراني في الكبير عن أبي أمامة وجابر-رضي الله عنهما- وصححه الأناؤوط والألباني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة “. (قال الألباني : حسن صحيح)
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صُفدت الشياطين ومردة الجن ، وغُلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب ، وفُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة “. (رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني)
– أحاديث ضعيفة وموضوعة :
وأما الأحاديث الضعيفة والموضوعة الواردة في ذلك ، فمنها :
1- ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه ، وإذا نظر الله إلى عبد لم يعذبه أبدًا ، ولله في كل يوم ألف ألف عتيق من النار ، فإذا كانت ليلة تسع وعشرين أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر كله ) .. وهو حديث موضوع .. انظر : ” ضعيف الترغيب ” (591) و ” السلسلة الضعيفة ” (5468) .
2- ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الجنة لتبخر وتزين من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان ، فإذا كانت أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة .. قال : ولله عز وجل في كل يوم من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار ، فإذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره … ) .. وهو حديث موضوع .. انظر : ” ضعيف الترغيب ” (594) .
3- وعن الحسن -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله عز وجل في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار ، فإذا كان آخر ليلة أعتق الله بعدد من مضى ) .. وهو حديث ضعيف .. انظر : ” ضعيف الترغيب ” (598) .
– المزيد لمن يريد :
أدخلكم الله رمضان بقلوب تستحق رضاه ، وأخرجكم منه بصحائف ملأى بعطاياه .
صوموا محتسبين ، وقوموا محتسبين ، وتذكروا :
أن الله أكرم من أن يعقد لكم سوق عطاء ثم يخرجكم منه فارغين ، أو أن يفتح لكم أبواب جناته ولا يريد سكناكم فيها ؛ فتقربوا ، وتوددوا ، وتعبدوا ، وتذللوا ، فواللهِ لو أسمَعَنا الله صوت نداء أسماء المعتوقين من النار كل يوم وليلة ما نامت لنا عين !!
فلنتبادل الدعاء ، وليملأ قلوبنا الرجاء ، فإن ربًّا كريمًا كَرَبِّنا أرحم والله مِنَّا بِنَا .
رمضانكم رحمة وفرج ومغفرة بإذن الله ؛ فقد هبت رياح الجنان ، ودنت عطايا الرحمن ، وقوافل العتقاء تسير في أمان .
أسأل الله أن يضم اسمي وأسماءكم ووالدينا وأهلينا في قوافل العتقاء لديه .
وأسأله جل في علاه أن نلتقي تحت عرش ربي سُجّدًا بصحبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وجميع الأحبة ، فذاك المُبتغى.