صلاة الفجر
صلاة الفجر :
الصلاة صلة بين العبد وربه الكبير المتعال ، وما أروع ما قال ، نبينا المفضال ، صلى الله عليه وعلى الصحب والآل : ” أرحنا بها يا بلال “.
علموها للأجيال ؛ حتى ينصلح بها الحال ، بإذن الملك ذي الجلال .
قال الله تعالى : ” إِنَّ ٱلصَّلَـٰوةَ كَانَتْ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ كِتَـٰبًا مَّوْقُوتًا “. (النساء : 103)
تكررت الصلاة في القرآن الكريم 99 مرة ، وفُرضت في الملأ الأعلى ؛ وذلك لعظم قدرها عند الملك عز وجل .
أما عن صلاة الفجر أو الصبح ، وكلاهما صحيح ؛ كما قال العلماء ، فَحَدِّث ولاحرج ، فسُنَّتُها خيرٌ من الدنيا وما فيها ، وصلاتها في جماعة تجعلك في ذمة الله ، وقرآن الفجر مشهود ، ومن حافظ عليها وعلى صلاة العصر دخل الجنة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” من صلى البردين دخل الجنة “. (رواه البخاري : 574 ، ومسلم : 215)
” البردان ” الصبح والعصر .
وروى مسلم في صحيحه عن أبي زهير عمارة بن رُوَيبَة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” لن يلج النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ” ؛ يعني الصبح والعصر .
الصلاة خيرٌ من النوم : لا يقولها المؤذن إلا في الأذان للفجر ؛ لأن النوم استجابة لنداء النفس ، والصلاة استجابة لنداء خالق النفس تبارك اسمه وتعالى جده ولا إله غيره .
والفجر : بداية هادئة ، وأذان يسكن الروح والوجدان ، ودعاء يُرفَع لرب الأكوان .
صلاة الفجر تنير وجهك ، وتصلح دربك ، وتيسر عملك ، وتجعلك في ذمة الله .
صلاة الفجر هي أحد أسباب راحة البال والسعادة .
فهنيئًا لقلوب استيقظت قبل الفجر ، وأيقظت أحبتنا ، وسجدت لربها فجرًا .
– من فضائل صلاة الصبح مع الجماعة :
نجملها ، ثم نفصلها ؛ فأنت في ذمة الله ، وتنجو من النار بإذن الله ، وهي سبب لدخولك الجنة ، وتشهدها الملائكة ، والنور التام يوم القيامة ، ويُكتَب لك قيام ليلة ، وبراءة من النفاق ، وأعلاها رؤية الله تعالى يوم القيامة .
وإليكم التفاصيل :
- هو في ذمة الله :
مصداقًا لما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جندب بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” من صلى الصبح فهو في ذمة الله ، فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء ، فإن من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم “.
- نجاة للعبد من النار :
روى مسلم في صحيحه من حديث عمارة بن رويبة قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : ” لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس ، وقبل غروبها ” ؛ يعني الفجر والعصر .
- سبب لدخول الجنة :
روى البخاري ومسلم من حديث أبي موسى الأشعري : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” من صلى البردين دخل الجنة “.
- تشهدها الملائكة :
قال تعالى : ” إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا “. (الإسراء : 78)
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون “.
- النور التام يوم القيامة :
روى ابن ماجه في سننه من حديث سهل بن سعد الساعدي : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” بَشِّر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة “.
- يُكتب له قيام ليلة :
روى مسلم من حديث عثمان بن عفان : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله “.
- الأمن من النفاق :
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا “.
وروى مسلم في صحيحه من حديث عبدالله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال : ” ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق ، معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يتهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف “.
من أجل ذلك ؛ قال ابن عمر رضي الله عنهما : ” كنا إذا فقدنا الإنسان في العشاء وفي الفجر ، أسأنا به الظن “.
- ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها :
روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة -رضي الله عنها- : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها “.
فإذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها ، فكيف إذن بصلاة الفريضة ؟!
- رؤية الله -عز وجل- :
روى البخاري ومسلم من حديث جرير البجلي -رضي الله عنه- قال : ” كنا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلة -يعني البدر- فقال : إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته ، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا ، ثم قرأ : (﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا )﴾ “.
- طِيب العيش والنشاط :
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ” يُعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ، يضرب مكان كل عقدة : عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة ، فإن توضأ انحلت عقدة ، فإن صلى انحلت عقده كلها ، فأصبح نشيطًا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان “.
– والعكس بالعكس :
وعلى عكس ما سبق ، فإن المتكاسل عن صلاة الصبح في جماعة يصبح خبيث النفس كسلان ، كما ذكر النبي العدنان صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق .
وقد وردت نصوص كثيرة فيها التحذير الشديد لمن يتهاون في صلاة الفجر ؛ فمن ذلك :
ما رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود ، قال : ذكر للنبي -صلى الله عليه وسلم- رجل نام ليله حتى أصبح ، قال : ” ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه ، أو قال : في أذنه “.
– صلاة الفجر وصلاة الصبح :
قال العلامة ابن باز رحمه الله تعالى :
صلاة الصبح هي صلاة الفجر ، فليس هناك فرق ؛ صلاة الصبح هي صلاة الفجر ، ليس هناك صلاتان ، صلاة الفجر هي صلاة الصبح ؛ وهي ركعتان فريضة بإجماع المسلمين بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس ركعتان ، والأفضل أن تؤدى بغلس قبل الإسفار الكامل ، يؤديها الرجل في الجماعة إلا المريض الذي لا يستطيع يصليها في بيته ، والمرأة كذلك تصليها في البيت قبل الشمس ، ولا يجوز تأخيرها إلى بعد طلوع الشمس ، بل يجب أن تُؤدَى قبل طلوع الشمس والأفضل في أول الوقت ، في وقت الغلس مع بيان الفجر واتضاح الفجر وانشقاقه ، يقال لها : صلاة الفجر ويقال لها : صلاة الصبح .. ويجب على المسلم أن يعتني بها ويحافظ عليها في وقتها ولا يجوز تأخيرها إلى طلوع الشمس كما يفعل بعض الناس ، يؤخرها حتى يقوم للعمل هذا منكر عظيم ، وهو كفر عند جمع من أهل العلم ، نسأل الله العافية .
فالواجب الحذر ، وأن يُحَافَظ عليها في وقتها الرجل والمرأة جميعًا .
ويشرع أن يؤدي قبلها ركعتين سنة راتبة قبلها ركعتين سنة راتبة ، كان النبي ﷺ يفعلها ويحافظ عليها عليه الصلاة والسلام ، تقول عائشة رضي الله عنها : لم يكن النبي ﷺ على شيء من النوافل أشد تعهدًا منه على ركعتي الفجر ، وكان يقول ﷺ : ” ركعتا الفجر خير من الدنيا وما عليها “.
فينبغي المحافظة عليها ، سنة الفجر ركعتين خفيفتين ؛ يقرأ فيهما بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون في الأولى ، وفي الثانية الفاتحة وقل هو الله أحد ، هذا هو الأفضل ، أو يقرأ بآية البقرة : ” قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ … [البقرة : 136] الآية ، في الأولى ، وفي الثانية آية آل عمران : ” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ … [آل عمران : 64] إلى آخرها ، فعل النبي هذا وهذا عليه الصلاة والسلام ، وإن قرأ بغير ذلك فلا بأس ، إن قرأ مع الفاتحة بغير ذلك فلا حرج ، لكن كونه يقرأ بما قرأ به النبي ﷺ هذا أفضل ، ويقرأ بهاتين السورتين أيضًا في سنة المغرب بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون في الأولى وقل هو الله أحد في الثانية ، ويقرأ بهما أيضًا في ركعتي الطواف ، كل هذا فعله النبي عليه الصلاة والسلام ، يقرأ بهاتين السورتين بعد الفاتحة في سنة الفجر وسنة المغرب وسنة الطواف ، وإن قرأ في بعض الأحيان في سنة الفجر بآية ثانية في البقرة : ” قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا … [البقرة : 136] وبآية آل عمران في الثانية وهي قوله سبحانه : ” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ … [آل عمران : 64] ، فهذا أيضًا سنة فعله النبي ﷺ وإن قرأ في هذه الركعات بغير ذلك فلا حرج ؛ لقوله تعالى : ” فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَه “. [المزمل : 20]