صغار ولكنهم رجال :
صغارٌ في السن ، كبارٌ في الأفعال ، عقلاء في الأقوال ، وفي المعارك هم أبطال ، كأمثال الجبال ، هم رجال وأي رجال .
هيا لنتعرف على بعض الأحوال ، وهذا على سبيل المثال ، وليس على وجه الإجمال :
– ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻭﻗﺎﺹ :
17 ﺳﻨﺔ ، ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺭﻣﻰ ﺑﺴﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺘﺔ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺸﻮﺭﻯ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﺎئلًا : ” ﻫﺬﺍ ﺧﺎﻟﻲ ﻓﻠﻴُﺮﻧﻲ اﻣﺮﺅ ﺧﺎﻟﻪ “.
– ﻃﻠﺤﺔ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﻠﻪ :
16 ﺳﻨﺔ ، ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻓﻲ ﺍلإﺳﻼﻡ ، ﻭﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺃُﺣﺪ ﺑﺎﻳﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺣﻤﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﻭﺍﺗّﻘﻰ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻨﺒﻞ ﺑﻴﺪﻩ ﺣﺘﻰ ﺷﻠَّﺖ ﻳﺪﻩ ﻭﻭﻗﺎﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ .
– ﺍﻟﺰﺑﻴﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ :
15 ﺳﻨﺔ ، ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺳﻞّ ﺳﻴﻔﻪ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﻫﻮ ﺣﻮﺍﺭﻱّ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ، وابن عمته صفية رضي الله عنها .
– ﺍﻷﺭﻗﻢ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﺍﻷﺭﻗﻢ :
16 ﺳﻨﺔ ، ﺟﻌﻞ ﺑﻴﺘﻪ ﻣﻘﺮًﺍ ﻟﻠﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة ، ولم يخشَ أحدًا إلا الله .
– ﺃﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ :
18 ﺳﻨﺔ ، ﻗﺎﺩ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻊ ﻭﺟﻮﺩ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﺄﺑﻲ ﺑﻜﺮ ﻭﻋﻤﺮ ﻟﻴﻮﺍﺟﻪ ﺃﻋﻈﻢ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻷﺭﺽ ﺣﻴﻨﻬﺎ .
– ﺯﻳﺪ ﺑﻦ ﺛﺎﺑﺖ :
13 ﺳﻨﺔ ، ﺃﺻﺒﺢ ﻛﺎﺗﺐ ﺍﻟﻮﺣﻲ ﻭﺗﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﻴﺮﻳﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻓﻲ 17 ﻟﻴﻠﺔ ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺗﺮﺟﻤﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ .
ﺣﻔﻆ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﺎﻫﻢ ﻓﻲ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ .
– ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻛﻠﺜﻮﻡ :
15 ﺳﻨﺔ ، ﺳﺎﺩ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﺗﻐﻠﺐ ﻭﻗﺪ ﻗﻴﻞ ﻋﻨﻬﺎ : ﻟﻮﻻ ﻧﺰﻭﻝ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻷﻛﻞ ﺑﻨﻮ ﺗﻐﻠﺐ ﺍﻟﻨﺎﺱ .
– ﻣﻌﺎﺫ ومعاذ :
معاذ بن عمرو بن الجموح 13 ﺳﻨﺔ ، ﻭمعاﺫ ﺑﻦ ﻋﻔﺮﺍﺀ 14 ﺳﻨﺔ ، ﻗﺘﻼ ﺃﺑﺎ ﺟﻬﻞ ﻓﻲ ﻏﺰﻭﺓ ﺑﺪﺭ ، ﻭﻛﺎﻥ أبو جهل ﻗﺎﺋﺪًﺍ ﻟﻠﻤﺸﺮﻛﻴﻦ ﺣﻴﻨﻬﺎ .
وقيل كان معوذ بن عفراء معهما .
– ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻔﺎﺗﺢ :
22 ﺳﻨﺔ ، ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻘﺴﻄﻨﻄﻴﻨﻴﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﻴﺰﻧﻄﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻌﺼﺖ ﻋﻠﻰ ﻛﺒﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ ﺣﻴﻨﻬﺎ .
لم يكن السّن عائقًا للتأثير وصناعة الحياة في يوم من الأيام ، فكم من صغار – كما ذكرنا – فعلوا ما أبهر الكبار ، وكم من أُناس في سِن المراهقة – الوافدة علينا – ، وأقلّ من ذلك ، قد أبدعوا في مجالات شتّى ، بل وقادوا الكبار وتقدّموا عليهم ونالوا احترامهم وتقديرهم .
أثنى الله عز وجل على يحيى بن زكريا – عليهما السلام – وقال فيه :
” يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيًّا “. (مريم : 12)
وقال الصبيان ذات مرة ليحيى عليه السلام : اذهب بنا نلعب ، فقال : ما للعب خُلقنا .
وكان الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل مَن أسلم بعد السيدة خديجة رضي الله عنها .. يقول ابن إسحاق : أوّل ذَكَر آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم معه وصدّقه : علي ابن أبي طالب ، وهو ابن عشر سنين .
وقد ولّى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عتاب بن أسيد أميرًا على مكة وكان عمره حين ولاّه عمر نيفًا وعشرين سنة .
ولماّ قدِمَ وفد ثقيف على عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ولّى عليهم عثمان بن أبي العاص – رضي الله عنه – وأمره بإمامتهم ، وكان أصغر الوفد سنًّا .
– المُعَاذان مرة أخري :
وهذا تفصيل لما حدث من البطلين المُعاذين اللذين قتلا أبا جهل فرعون هذه الأمة :
ففي الصحيحين عن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنه – قال : إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما ، فتمنّيت أن أكون بين أضلُع منهما فغمزني أحدهما فقال : يا عم ، أتعرف أبا جهل ؟ قلت : نعم ، وما حاجتك؟
قال : أُخبرت أنه يسبّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، والذي نفسي بيده إن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منّا ، فعجبتُ لذلك ، فغمزني الآخر فقال مثلها .
قال عبد الرحمن بن عوف : فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل وهو يجول في الناس فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما ، قال : فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه ، ثم انصرفا إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فأخبراه فقال : ” أيّكما قتله ؟” ، فقال كل منهما : أنا قتلته ، فقال : ” هل مسحتما سيفيكما ؟” ، قالا : لا ، فنظر في السيفين فقال : ” كلاكما قتله ” ، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو ( والآخر هو معاذ بن عفراء ).
– العبادلة :
العبادلة لقب أُطلق على أربعة من الصحابة رضوان الله عليهم ، وهم عبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن الزبير ، وعبدالله بن عمرو بن العاص ، رضي الله عنهم وعن آبائهم وعن الصحابة أجمعين .
ولم يُعرفوا بهذا اللقب إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولم يتم تسمية كل صحابي يبدأ اسمه بعبدالله من العبادلة ، فهناك عدد من الصحابة الكبار لم يتم تصنيفهم من العبادلة ، قد يكون أهمهم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، الصحابي الذي كان أول من جهر بالقرآن في مكة المكرمة .
واختيار العبادلة الأربعة لم يكن فقط لأنهم صحابة يحملون اسم عبدالله ، وإنما لأسباب أخرى جعلتهم يلقبون بالعبادلة ، وبحسب أقوال الفقهاء فإن السبب الأول والأهم في اختيار العبادلة ، كان في سن هؤلاء الصحابة ، مقارنة بالصحابة الآخرين الذين كانوا يحملون نفس الاسم .
العبادلة كانوا من صغار الصحابة ، أي أنهم جمعوا الكثير من العلم ، وفي مدة زمنية صغيرة ، ولكونهم صغارًا ، فقد عاشوا حياة أطول من الكثير من الصحابة ، وتأخر وفاتهم جعلهم من آخر أصحاب الرسول الذين ينقلون العلم للجيل الجديد ، وآخر من يعمل على حل المسائل الفقهية .
– عبد الرحمن الداخل :
هرب بمفرده من دمشق إلى أخواله في إفريقيا ، ثم دخل وحيدًا معتزًا بدينه ، شاهرًا سيف الحق .
دخل يطلب إعادة إحياء دولة الإسلام ، وقد ذلَّلَ الله له الصعاب ، وهيا له الأسباب ، وأذن له بما أراد أن يكون ، وكان عمره آنذاك 24 سنة فقط ، وقد قضى على العشرات من الثورات وحده .
– عبد الرحمن الناصر :
كان عصره هو العصر الذهبي في حكم الأندلس ؛ حيث رفض كل بني أمية أن يستلموا الحكم لعلمهم المسبق أن الدولة ستقع لا محالة ، إلا أن عبد الرحمن الناصر الذي كان عمره آنذاك 21 سنة .
كان واثقًا بربه ، رافعًا رأسه ، ناظرًا إلى حلمهِ بعين القوة والثبات والإرادة ، وقد قضى فيها على الاضطرابات وقام بنهضة علمية منقطعة النظير ؛ لتصبح أقوى الدول في عصره حتى تودد إليه قادة أوروبا .
– ولنا كلمة :
رجاءً ، لا تسمعوا لعبارات تتردد كثيرًا في أوساطنا العربية والإسلامية ، لم تكن موجودة أيام العزة والكرامة والمجد والسؤدد للإسلام ، ومن هذه المقولات المُخَذِّلات :
- دعه إنه صغير .
- اتركه لا تحمله المسؤولية الآن .
- لا تزوجوه ؛ فهو مازال صغيرًا .
وهلم جرا .
تُرى ، هل هو العمر الزمني الذي اتفق عليه البشر هو المقياس أم ماذا ؟!
وكيف يستقيم وقد خبرنا أناسًا تعدوا الخمسين وقد فشلوا فشلًا ذريعًا في تحمل أية مسؤولية !!
والإنسان بأصغريه : قلبه ولسانه ؛ فإن وهبك مولاك قلبًا حافظًا ، ولسانًا لافظًا ، فقد تميزت على من هو أكبر منك ، إن كان غير ذلك .
اللهم علِّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علمًا .