صحابيات مبشرات بالجنة :
- قال الله تعالى في محكم التنزيل :
” إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا “. (الأحزاب : 35)
- تفسير السعدي لهذه الآية الكريمة :
لما ذكر تعالى ثواب زوجات الرسول صلى اللّه عليه وسلم ، وعقابهن ( لو قدر عدم الامتثال ) وأنه ليس مثلهن أحد من النساء ، ذكر بقية النساء غيرهن .
ولما كان حكمهن والرجال واحدًا ، جعل الحكم مشتركًا ، فقال : إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وهذا في الشرائع الظاهرة ، إذا كانوا قائمين بها .
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وهذا في الأمور الباطنة ، من عقائد القلب وأعماله .
وَالْقَانِتِينَ أي : المطيعين للّه ولرسوله وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ في مقالهم وفعالهم وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ على الشدائد والمصائب وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ في جميع أحوالهم ،خصوصًا في عباداتهم ، خصوصًا في صلواتهم ، وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ فرضًا ونفلاً وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ شمل ذلك ، الفرض والنفل .
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ عن الزنا ومقدماته ، وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا أي : في أكثر الأوقات ، خصوصًا أوقات الأوراد المقيدة ، كالصباح والمساء ، وأدبار الصلوات المكتوبات وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ أي : لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة ، والمناقب الجليلة ، التي هي ، ما بين اعتقادات ، وأعمال قلوب ، وأعمال جوارح ، وأقوال لسان ، ونفع متعد وقاصر ، وما بين أفعال الخير ، وترك الشر ، الذي من قام بهن ، فقد قام بالدين كله ، ظاهره وباطنه ، بالإسلام والإيمان والإحسان .
فجازاهم على عملهم بِالْمَغْفِرَةً لذنوبهم ، لأن الحسنات يذهبن السيئات .
وَأَجْرًا عَظِيمًا لا يقدر قدره ، إلا الذي أعطاه ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، نسأل اللّه أن يجعلنا منهم .
– ومن المُبَشَّرَات بالجنة :
السيدات الفضليات ، الطاهرات ، العفيفات ، الشريفات ، الكريمات :
خديجة وابنتها فاطمة الزهراء ، وعائشة ، وحفصة ، وفاطمة بنت أسد ، وسمية ، وأم زُفُر ، وأم رومان ، وأم حرام بنت ملحان ، وأم سليم .
1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها :
أمنا خديجة رضي الله عنها وأرضاها من أكبر المبشرات بالجنة وهي على ظهر الأرض ؛ فعَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ قُلْتُ لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَشَّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ بَشَّرَهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ .
[ رواه مسلم ].
القَصَب : الْمُرَاد بِهِ لُؤْلُؤَة مُجَوَّفَة وَاسِعَة كَالْقَصْرِ الْمَنِيف .
- فضلها :
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” خير نساء العالمين مَرْيَم بِنْت عمران ، وآسية بِنْت مزاحم ، وخديجة بِنْت خويلد ، وفاطِمَة بِنْت مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم “.
[ المعجم الكبير للطبراني ].
وحسْبُها أنها أول من آمن بالله ورسوله على الإطلاق .
2- فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم :
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :
” فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ “.
[ البخاري ].
- فضلها :
كانت فاطِمَة تُكنى أم أبيها ، وكانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
تزوجها عليّ رضي الله عنه ، وانقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا منها .
عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ :
” إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قِيلَ : يَا أَهْلَ الْجَمْعِ ، غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ حَتَّى تَمُرَّ فَاطِمَةُ بنتُ مُحَمَّدٍ فَتَمُرُّ وَعَلَيْهَا رَيْطَتَانِ خَضْرَاوَانِ أَوْ حَمْرَاوَانِ”.
[ المعجم الكبير للطبراني ].
وعن المِسور بن مَخْرَمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر :
” فاطمة بضعةٌ مني ، يريبني ما أرابها ، ويؤذيني ما آذاها “.
[ البخاري ].
3- عائشة رضي الله عنها :
عن عائشة رضي الله عنها أَنَّ جِبْرِيلَ جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : ” إِنَّ هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ “.
[ رواه الترمذي ].
وأمنا : هى عائشة بِنْت أبي بكر الصديق ، الصديقة بِنْت الصديق أم المؤمنين ، زوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأشهر نسائه ، وأمها أم رومان ابنة عامر بن عُوَيمر الكنانية .
- فضلها :
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” فضْلُ عائشة على النِّساء كفضل الثَّريدِ على سائر الطّعام “.
[ رواه البخاري ].
وكان مسروق إذا روى عنها يقول : حدَّثتني الصديقة بِنْت الصديق ، البريئة المُبرأة .
4- حفصة بنت عمر رضي الله عنهما :
أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها ، وبنت الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ، ودليل تبشيرها بالجنة :
عَنْ عَمَّارِ بن يَاسِرٍ ، قَالَ : أَرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُطَلِّقَ حَفْصَةَ ، فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَقَالَ : ” لا تُطَلِّقْهَا ، فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ “.
[ المعجم الكبير للطبراني ، والمستدرك للحاكم ].
- فضلها :
كانت حفصة من السابقات إلى الإسلام ، ومن المهاجرات ، وممن شهد بدرًا ؛ وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة وكانت صَوَّامَة قَوَّامَة .
5- فاطمة بنت أسد رضي اللّه عنها :
هي أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ودليل تبشيرها بالجنة :
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد ، كَفَّنَهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قميصه وصلى عليها ، وكَبَّر عليها سبعين تكبيرة ، ونزل في قبرها ، فجعل يومي في نواحي القبر ، كأنه يوسعه ويسوي عليها .
وخرج من قبرها وعيناه تذرفان ، وقال :
” إن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة ، وأخبرني جبريل عليه السلام أن الله تعالى أمر سبعين ألفًا من الملائكة يصلون عليها “.
[ المستدرك للحاكم ].
- نسبها وفضلها:
هي فاطمة بنت أسد بن هاشم زوج أبى طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأم علىّ وأم إخوته طالب وعقيل وجعفر ، كانت من المهاجرات الأُوَل ، وهي أول هاشمية ولدت هاشميًّا .
وعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ ، قَالَ : لَمَّا مَاتَتْ فَاطِمَةُ بنتُ أَسَدِ دَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ عِنْدَ رَأْسِهَا ، فَقَالَ : ” رَحِمَكِ اللَّهُ يَا أُمِّي ، كُنْتِ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي “.
[ المعجم الكبير للطبراني ].
6- سمية أم عمار رضي الله عنها :
هي سمية بنت خياط ، أول شهيدة في الإسلام ، بشرها وأهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فعَنْ عُثْمَانَ بن عَفَّانَ رضي الله عنه ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لأَبِي عَمَّارٍ ، وَأُمِّ عَمَّارٍ : ” اصْبِرُوا آلَ يَاسِرٍ مَوْعِدُكُمُ الْجَنَّةُ “.
[ رواه الحاكم في مستدركه ، والطبراني في الكبير ].
- فضلها :
كانت من السابقين إلى الإسلام ، قيل : كانت سابع سبعة في الإسلام .
وكانت رضي الله عنها ممن يُعذَّب في الله عز وجل أشد العذاب .
ورُوي أن أبا جهل طعنها في قُبُلها بحربة فقتلها ، فهي أول شهيدة في الإسلام .
[ أسد الغابة ].
7- أم زُفُر رضي الله عنها :
تعالوا لنتعرف على هذه الصحابية التي بشَّرها سيد الخلق بالجنة :
عن عَطَاءُ قَالَ : قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى .. قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ ؛ أَتَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ :
” إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ ” ، فَقَالَتْ : أَصْبِرُ .
فَقَالَتْ : إِنِّي أُتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّف ، فَدَعَا لَهَا .
وعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ . [رواه البخاري]
8- أم رومان رضي الله عنها :
قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” مَن أحب أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان “.
[ رواه الحاكم في المستدرك ].
هي أم رومان بِنْت عامر الكنانية ، امْرَأَة أبي بكر الصديق ، وهي أم عائشة وعَبْد الرَّحْمَن .
- فضلها:
كانت من أول من أسلم ؛ وقد تُوفيت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة سنة ست من الهجرة ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبرها ، واستغفر لها .
[ أُسد الغابة ].
9- أم حرام بِنْت ملحان رضي الله عنها :
وهي خالة أنس بن مالك رضي الله عنه .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ .. فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ .. قَالَتْ : فَقُلْتُ : وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ : ” نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ أَوْ مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ ” ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ .. قَالَ : ” أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلِينَ “.
فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ .
[ البخاري ].
- فضلها :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمها ويزورها في بيتها ، ويقيل عندها ، وأخبرها أنها شهيدة .
10- أم سليم بنت ملحان رضي الله عنها :
وهي أم أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :
” دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً فَقُلْتُ : مَنْ هَذَا ؟ قَالُوا : هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ “.
[ رواه مسلم ].
- نسبها وفضلها :
هي سهلة بنت ملحان ؛ يُقال لها الغميصاء والرميساء .
خطبها أبو طلحة ، فقالت له : أفلا تستحي تعَبْد خشبة ؟!
إني لا أريد منك صداقًا غير الإسلام .
فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن مُحَمَّدًا رسول الله .. فقالت : يا أنس ، زوّج أبا طلحة ؛ فتزوّجها .
لم تجد هذه الفاضلة إلا فلذة كبدها أنس ؛ ليكون خادمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وملازمًا له طوال حياته .
وكانت تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ أُسْد الغابة ].