حلية اللسان والبنان :
الأدب ، حلية اللسان والبنان ، فهو يزين بني الإنسان .
فمن الأدب أن تحفظ اللسان ؛ أنصت إلى قول الشافعي القائل :
احفظ لسانك أيها الإنسان … لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه … كانت تهاب لقاءه الأقران
– الأدب :
ذكر ابن فارس رحمه الله : أن الأدب دعاء الناس ، إذا دعوتهم إلى شيء .
وسُميت المأدبة : مأدبةً ؛ لأنه يُدعَى الناس فيها إلى الطعام .
والآدب ، هو الداعي .. وكذلك ، فإن الأدب أمرٌ قد أجمع على استحسانه .
وعرفًا : ما دعا الخلق إلى المحامد ومكارم الأخلاق وتهذيبها .
وذكر ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب الأدب ، من صحيح الإمام البخاري رحمه الله ، قال : الأدب استعمال ما يحمد قولًا وفعلًا .
وعَبَّر بعضهم عنه : بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق .
وقيل : الوقوف مع الأمور المستحسنة .. وقيل : هو تعظيم من فوقك ، والرفق بمن دونك .
والأدب كذلك مما ورد في تعريفه : حسن الأخلاق ، وفعل المكارم .
والأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس ، سُمِّي أدبًا ؛ لأنه يأدب الناس إلى المحامد ، ويدعوهم إليها .
وجاء في [ المصباح المنير ] عن الأدب : تعلم رياضة النفس ، ومحاسن الأخلاق .
وقيل : الأدب ملكة تعصم من قامت به عما يشينه .
وقال الإمام الجليل ابن القيم رحمه الله :
{ الأدب اجتماع خصال الخير في العبد ، ومنه المأدبة : الطعام الذي يجتمع عليه الناس }. (مدارج السالكين)
وسُمِّي الأدب أدبًا ؛ لأنه يأدب الناس ، يعني : يجمعهم إلى المحامد .
والأدب ، هو : الخصال الحميدة .
– مع الباحثين :
إذا حاولنا أن نبحث قليلًا في هذه الكلمة نفسها فسنجدها أوسع من أن يحيطها تفسير ؛ لأنها شاملة .
نستطيع القول بأن أكثر الباحثين حين يقومون بتحليل معنى الأدب فإنهم يرجعون إلى تتبع اللفظ ثم إلحاقه بالمعنى ، فلفظ الأدب في اللغة العربية من المأدبة ومنه الآدب ؛ أي الداعي إليها ، ومنه قول الشاعرالجاهلي طرفة بن العبد :
نحن في المشتاة ندعو الجفلى … لا ترى الآدب فينا ينتقر
– الأدب من ناحية المعنى :
أما من ناحية المعنى فنجد أن الأدب يعني عباب البحر ، ومنه أدب الغلام ( بفتح الدال ) يأدبه ( بكسرها ) أي ربَّاه وعلمه ، وكذلك هناك المأدبة والتي نطلق عليها في عرفنا وليمة أو ما يُصنع من طعام للضيوف والمدعوين .
أدَب – يأدِب : يربي ويعلم .
أدُب – يأدُب : تخلق بالخلق الكريم .
فالآدب يدعوك لطعامه ، والأديب يدعوك إلى أفكاره وعواطفه .
وكلاهما نجد أنهما يتحدان في قرابة المعاني المادية والنفسية الفياضة بالعطاء .
ومنه جاء المؤدب وهو الذي يخرج بالطفل من حالة الجهل إلى حالة العلم .
والخلاصة دون التعمق في مراحل تطور مفهوم الأدب ، فقد صار في ثقافتنا الحديثة أن معنى الأدب يُطلق إطلاقًا عامًا ؛ فيُراد به تراث الأمة المكتوب بلغتها ، وإما أن يكون محددًا ومخصصًا ، فيُرَاد به التعبير الفني شعرًا أو نثرًا عن فكرة أو عاطفة أو خيال .
وهذه الأشياء الثلاثة إنما هي ثمرة التجربة النفسية التي يحس بها الإنسان فيعبر عنها .
ولهذا قالوا أيضًا في تعريف الأدب : إنه صياغة فنية لتجربة بشرية .
ندعوكم لقراءة : علوم اللغة العربية
– الأدب علم :
الأدب هو علم يتعرف منه التفاهم عما في الضمائر بأدلة الألفاظ والكتابة، وموضوعه اللفظ والخط من جهة دلالتهما على المعاني ، ومنفعته إظهار ما في نفس الإنسان من المقاصد وإيصاله إلى شخص آخر من النوع الإنساني ، حاضرًا كان أو غائبًا ، وهو حلية اللسان والبنان ، وبه تميز ظاهر الإنسان على سائر أنواع الحيوان .
ولذلك من عري عنه لم يتم بغيره من الكمالات الإنسانية .
– المقاصد :
وتنحصر مقاصده في عشرة علوم وهي : علم اللغة وعلم التصريف وعلم المعاني وعلم البيان وعلم البديع وعلم العروض وعلم القوافي وعلم النحو وعلم قوانين الكتابة وعلم قوانين القراءة ، وذلك لأن نظره إما في اللفظ أو الخط ، والأول فإما في اللفظ المفرد أو المركب ، أو ما يعمهما .
وأما نظره في المفرد فاعتماده إما على السماع وهو اللغة أو على الحجة وهو التصريف ، وأما نظره في المركب فإما مطلقًا أو مختصًا بوزن ، والأول إن تعلق بخواص تراكيب الكلام وأحكامه الإسنادية فعلم المعاني ، وإلا فعلم البيان ، والمختص بالوزن فنظره إما في الصورة أو في المادة ، الثاني علم البديع ، والأول إن كان بمجرد الوزن فهو علم العروض ، وإلا فعلم القوافي ؛ وما يعم المفرد والمركب فهو علم النحو ، والثاني فإن تعلق بصور الحروف فهو علم قوانين الكتابة ، وإن تعلق بالعلامات فعلم قوانين القراءة .
وهذه العلوم لا تختص بالعربية بل توجد في سائر لغات الأمم الفاضلة من اليونان وغيرهم .
– المآخذ :
هذه العلوم في العربية لم تؤخذ عن العرب قاطبة بل عن الفصحاء البلغاء منهم ، وهم الذين لم يخالطوا غيرهم ، كهذيل وكنانة وبعض تميم وقيس عيلان ومن يضاهيهم من عرب الحجاز وأوساط نجد ؛ فأما الذين صابوا العجم في الأطراف فلم تعتبر لغاتهم وأحوالها في أصول هذه العلوم ، وهؤلاء كحمير وهمدان وخولان والأزد لمقاربتهم الحبشة والزنج ، وطيوغسان لمخالطتهم الروم بالشام ، وعبد القيس لمجاورتهم أهل الجزيرة وفارس ، ثم أتى ذوو العقول السليمة والأذهان المستقيمة ورتبوا أصولها وهذبوا فصولها حتى تقررت على غاية لا يمكن المزيد عليها .
الأدب العربي : هو مجموع الأعمال المكتوبة باللغة العربية ، ويشمل الأدب العربي النثر والشعر المكتوبين بالعربية ، وكذلك يشمل الأدب القصصي والرواية والمسرح والنقد. ازدهر الأدب العربي خلال العصر الذهبي للإسلام ، وظل نابضًا بالحياة حتى يومنا هذا .
– موضوع علم الأدب :
هو جمع الجيد من كلام العرب المنظوم والمنثور .
قال ابن خلدون في [ المقدمة ] :
{ فيجمعون لذلك من كلام العرب ما عساه تحصل به الملكة، من شعر عالي الطبقة، وسجع متساو في الإجادة، ومسائل من اللغة والنحو مبثوثة أثناء ذلك متفرقة يستقري منها الناظر في الغالب معظم قوانين العربية، مع ذكر بعض من أيام العرب يفهم به ما يقع في أشعارهم منها، وكذلك ذكر المهم من الأنساب الشهيرة والأخبار العامة، والمقصود بذلك كله أن لا يخفى على الناظر فيه شيء من كلام العرب وأساليبهم ومناحي بلاغتهم إذا تصفحه، لأنه لا تحصل الملكة من حفظه إلا بعد فهمه، فيحتاج إلى تقديم جميع ما يتوقف عليه فهمه }.