حديث وراو :
الحديث هو للمعلم صلى الله عليه وسلم ..
وراويه هو النعمان بن بشير رضي الله عنهما .
قال النعمان : قال رسول الله ﷺ :
” إنَّ ممَّا تذكرونَ من جلالِ اللهِ التسبيحَ والتهليلَ والتحميدَ ينعطِفْنَ حولَ العرشِ لهنَّ دويٌّ كدويِّ النحلِ تُذكِّرُ بصاحبِها أمَا يُحبُّ أحدُكم أن يكونَ له أو لا يزالَ له من يُذكرُ به “. (صححه الألباني)
ذِكْرُ اللهِ تعالى بقلْبٍ خاشعٍ له فضْلٌ كَبيرٌ ، وقد حَثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تَرطيبِ الألْسِنةِ بذِكْرِ اللهِ ، وتَعميرِ القُلوبِ به .
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ رضِيَ اللهُ عنهما ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال : ” إنَّ ممَّا تذكُرونَ مِن جَلالِ اللهِ ” ، أي : تَعظيمِه ، ” التَّسبيحَ ” وهو قولُ : سُبحانَ اللهِ ، وما شابَه ذلك ، ” والتَّهليلَ ” وهو قولُ : لا إلهَ إلَّا اللهُ ، ” والتَّحميدَ ” وهو قولُ : الحمدُ للهِ ، ” يَنْعَطِفْنَ حَولَ العرْشِ ” أي : هؤلاء الكلماتُ والجُمَلُ الأربعُ يَمِلْنَ ويَدُرْنَ حولَه ، والمُرادُ طَوافُهنَّ حَولَ العرشِ ، ” ولهنَّ دَوِيٌّ كدَوِيِّ النَّحلِ ” ، أي : صَوتٌ يُشْبِهُ صَوتَ النَّحلِ ؛ مِن كثرةِ تَكرارِ هذه الكلماتِ وتَرديدِها، ” تُذَكِّرُ بصاحبِها ” ، أي : تذكُرُ أنَّ قائلَها فلانٌ ، في المَقامِ الأعلى ، وفي هذا أعظَمُ حَضٍّ على الذِّكْرِ بهذه الألفاظِ ، ” أَمَا يُحِبُّ أحدُكم أنْ يكونَ له -أو لا يزالَ له- مَن يُذَكِّرُ به ” أي : عندَ اللهِ وحَولَ عرْشِه .
وهذا مِن الحَثِّ على الاستكثارِ مِن هذا الذِّكْرِ؛ فالتَّسبيحُ : تنزيهٌ للهِ عن كلِّ ما لا يليقُ به ، والتَّحميدُ : إثباتٌ لأنواعِ الكمالِ للهِ في أسمائِه وصِفاتِه وأفعالِه ، والتَّهليلُ : إخلاصٌ وتوحيدٌ للهِ وبَراءةٌ مِن الشِّركِ ، والتَّكبيرُ : إثباتٌ لعَظَمَةِ اللهِ ، وأنَّه لا شيءَ أكبَرُ منه ؛ فاشتمَلَتْ هذه الجملُ على جُملةِ أنواعِ الذِّكْرِ مِن التَّنزيهِ والتَّحميدِ والتَّوحيدِ والتَّمجيدِ ، ودِلالتُها على جميعِ المَطالِبِ الإلهيَّةِ إجمالًا .. ولهذه الكلماتِ فَضائلُ عَظيمةٌ أُخرَى ، ومِن ذلك : أنَّهنَّ مُكفِّراتٌ للذُّنوبِ ، وأنَّهنَّ غَرْسُ الجنَّةِ تُغْرَسُ لقائلِها .
وفي الحديثِ : الحَثُّ على ذِكْرِ اللهِ بهذه الكلماتِ .
وفيه : بيانُ فضْلِ الذِّكْرِ .
( النعمان بن بشير )
قال الإمام الذهبي في كتابه الجامع الماتع ” سير أعلام النبلاء ” :
ابن سعد بن ثعلبة ، الأمير العالم ، صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن صاحبه ، أبو عبد الله . ويقال : أبو محمد ، الأنصاري الخزرجي ، ابن أخت عبد الله بن رواحة .
مسنده مائة وأربعة عشر حديثًا .. اتفقا له على خمسة ، وانفرد البخاري بحديث ، ومسلم بأربعة .
شهد أبوه بدرًا .
وولد النعمان سنة اثنتين وسمع من النبي -صلى الله عليه وسلم- وعُدَّ من الصحابة الصبيان باتفاق .
حدث عنه : ابنه محمد ، والشعبي ، وحميد بن عبد الرحمن الزهري ، وأبو سلام ممطور ، وسماك بن حرب ، وسالم بن أبي الجعد ، وأبو قلابة ، وأبو إسحاق السبيعي ، ومولاه حبيب بن سالم ، وعدة .
وكان من أمراء معاوية ، فولاه الكوفة مدة ، ثم ولي قضاء دمشق بعد فضالة ثم ولي إمرة حمص .
قال البخاري : وُلِد عام الهجرة .
قيل : وفد أعشى همدان على النعمان وهو أمير حمص ، فصعد المنبر ، فقال : يا أهل حمص -وهم في الديوان عشرون ألفًا- هذا ابن عمكم من أهل العراق والشرف جاء يسترفدكم ، فما ترون ؟ قالوا : أصلح الله الأمير ، احتكم له ، فأبى عليهم .. قالوا : فإنا قد حكمنا له على أنفسنا بدينارين دينارين .. قال : فعجلها له من بيت المال أربعين ألف دينار .
قال سماك بن حرب : كان النعمان بن بشير -والله- من أخطب من سمعت .
قيل : إن النعمان لما دعا أهل حمص إلى بيعة ابن الزبير ذبحوه .
وقيل : قُتل بقرية بيرين قتله خالد بن خلي بعد وقعة مرج راهط في آخر سنة أربع وستين -رضي الله عنه- .