حب الصحابة للنبي ﷺ :
( ٢ ) الحلقة الثانية من سيرة الحبيب ﷺ :
فلنبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
نتعرف في هذه الحلقة على جانب بسيط من حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم .
لقد كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه أشد الناس حبًّا للنبي صلى الله عليه وسلم .
لما هاجر سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم ، قابل في الصحراء راعي غنم يتجه بغنمه نحو الصخرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في ظلها .. فطلب سيدنا أبو بكر رضي الله عنه من الراعي أن يحلب له لبن شاة ليسقي النبي صلى الله عليه وسلم ، فحلب له كُثبة من لبن فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : ” اشْرَبْ يا رَسولَ الله ” .. يقول سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه : ” فَشَرِبَ حتَّى رَضِيتُ “.
شرب النبي صلى الله عليه وسلم ، فارتوى الصديق رضي الله عنه .
وكان رضي الله عنه شديد الحب للنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه كان يمرض لمرضه ويسعد لسعادته ، فما أصدقه من حب .
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يخدم نفسه ، ولكن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يحبون مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم معظم أوقاتهم ويتسابقون لخدمته .
ويحكي لنا سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه :
أنَّ رَجُلًا مِن أهْلِ البَادِيَةِ أتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ : يا رَسولَ اللهِ ، مَتَى السَّاعَةُ قَائِمَةٌ ؟ قالَ : ” ويْلَكَ ، وما أعْدَدْتَ لَهَا؟ ” ، قالَ : ما أعْدَدْتُ لَهَا إلَّا أنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ ، قالَ : ” إنَّكَ مع مَن أحْبَبْتَ “.
حقًا هكذا يكون الحب الصادق .. والمرء مع من أَحَبّ يوم القيامة .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
” لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ “.
وتحكي لنا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه :
جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فقال : يا رسول الله ، إنَّك لَأحبُّ إليَّ من نفسي ، وإنَّك لأحبُّ إليَّ من ولدي ، وإنِّي لأكونُ في البيت فأذكُرُك فما أصبِر حتَّى آتيَ فأنظُرَ إليك ، وإذا ذكرتُ موتي وموتَك عرفتُ أنَّك إذا دخلْتَ الجنَّة رُفِعْتَ مع النَّبيِّين ، وأنِّي إذا دخلتُ الجنَّة خَشِيتُ ألَّا أَراك ، فلم يرُدَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم شيئًا حتَّى نزل عليه جبريلُ بهذه الآية : ” وَمَن یُطِعِ ٱللهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ مَعَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللهُ عَلَیۡهِم “.
سبحان الله ..
ما أشدَّ حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم !
ومن الصحابة الذين شَرُفوا بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم ربيعة بن كعب الأسلميِّ رضي الله عنه .
يقول ربيعة رضي الله عنه :
كُنْتُ أبِيتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فأتَيْتُهُ بوَضُوئِهِ وحَاجَتِهِ ، فَقالَ لِي : ” سَلْ “.
فَقُلتُ : أسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ في الجَنَّةِ .
قالَ : ” أوْ غيرَ ذلكَ؟ “.
قُلتُ : هو ذَاكَ .
قالَ : ” فأعِنِّي علَى نَفْسِكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ “.
تأملوا معي يا إخوتي هذه الأمنية الغالية واجعلنها أملًا تعشن لأجله .
لم يطلب سيدنا ربيعة مالًا ولا سلطانًا وإنما طمع في مرافقة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجنة .
اللهمَّ إنا نسألك حبًا صادقًا لنبيك واتباعًا لسنته ومرافقته في الجنة .
وإلى الحلقة القادمة بإذن الله تعالى .