بشرى ورقة بن نوفل للنبي ﷺ :
( ٢١ ) الحلقة الحادية والعشرون من سيرة الحبيب ﷺ :
هيا إلى الصلاة والسلام على حبيبنا محمد ﷺ .
نكمل اليوم مع جبريل عليه السلام وسيدنا محمد ﷺ .
أخذت خديجة رضي الله عنها زوجها محمد صلى الله عليه وسلم وذهبت إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ، وقد كان ورقة رجلًا عجوزًا ، وقد كُفَّ بصره ( أي صار أعمى ) ، وكان نصرانيًا يقرأ الإنجيل ويكتب .
وقد عُرِف عن ” ورقة ” وبعض أصحابه أنهم يبحثون عن الحق دائمًا ، ويشغلهم التفكر في أمور الدين ، ويسألون طوائف من أهل الكتاب .
وعندما وصل محمد صلى الله عليه وسلم مع السيدة خديجة رضي الله عنها إلى ورقة بن نوفل ، طلبت منه السيدة خديجة رضي الله عنها أن يسمع من محمد ﷺ ما يَقُصُّه عليه ، وقد كان ورقة عالمًا بالإنجيل .
وكما نعلم فالإنجيل فيه بشارة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وفيه وصفه أيضًا ، وفيه وصف لأحداث ستقع لاحقًا .
بدأ محمد صلى الله عليه وسلم يحكي لورقة ، وورقة مُنصِتٌ إليه ، فلما انتهى من حديثه ﷺ قال ورقة :
( هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى ، يا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ، أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ ).
فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ” أوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ “.
فَقالَ ورَقَةُ : ( نَعَمْ ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ).
و” الناموس الأكبر ” هو جبريل عليه السلام .
و” جَذَعًا ” أي شابًّا ، وقصد بذلك أن يكون قويًا قادرًا على نصر النبي صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه عندما يخرجه قومه من مكة .
ولما أخبر ورقة النبي صلى الله عليه وسلم بأن قومه سيخرجونه استغرب لذلك النبي صلى الله عليه وسلم .
فما هي الجريمة التي ارتكبها الصادق الأمين الذي كان فيهم مرضيًا عنه ليخرجوه ؟
أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحق ، والحق ثقيل على الطغاة ، ولا يمكن أن يحتملوه بشكل من الأشكال .
سيخرج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم لأجل أن يصل دين الله لنا .
فماذا فعلنا نحن بعد أن وصل إلينا .
حاشاكم أن تضيعوا دين محمد ﷺ .
خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عند ورقة وبعدها بفترة قليلة مات ورقة ، ( وأُغلق بموته باب الشك حتى لا يأتي من كفار قريش من يدَّعي أن محمدًا ﷺ جاء بكلامه الذي بُعث به وتعلمه من ورقة ).
عندما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من عند ورقة ، فَتُرَ الوحي وانقطع نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم لفترة ، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى غار حراء يبكي وينتظر الوحي .
وقد كان لله حكمة بالغة في تأخير اللقاء بين جبريل عليه السلام ومحمد صلى الله عليه وسلم ، لعدة أسباب من بينها أن يهدأ النبي صلى الله عليه وسلم ، ويشتاق للوحي والرسالة والقرآن الكريم .
وحين جاء موعد اللقاء الثاني بين نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وبين جبريل عليه السلام ، حدث ما سنعرفه في الحلقة القادمة إن شاء اللّه .