لسانك .. حصانك
قالوا عن اللسان :
بعض الناس كمفاتيح الذهب ، يفتحون كل قلب بحسن كلامهم ، وروعة حكمتهم ، وكرم أخلاقهم ..
فالأخلاق هي الروح التي لا تموت بعد الرحيل ..
ومن هؤلاء الأماجد : الأنبياء والرسل ، والصحابة والتابعون ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
كلمة من ذهب :
قال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله تعالى : القلوب أوعية ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها .. فليحفظ كل إنسان مفتاح سره .
– اللسان ليس له عظام لكنه يقتل .
– اللسان رصاص قاتل .
– اللسان سلاح ذو حدين .
– قال سقراط : خلق الله للإنسان لسانًا واحدًا ، وأذنين ؛ لكي يسمع أكثر مما يتكلم .
– ومن الحكم العربية : من الخير أن تزل قدم الإنسان بدلًا من لسانه .
– قال حكيم : إن لم تملك لسانك ؛ تندم .
– ومن كلام العرب : أشد الناس بلاءً وأكثرهم عناءً ، من له لسان مطلق ، وقلب مطبق ، فهو لا يستطيع أن يسكت ولا يحسن أن يتكلم.
– قال كاتون : رأس الحكمة عقل اللسان .
– وقالوا : في اللسان يختبئ تنين لا يسفح الدم ولكنه مع ذلك يقتل .
– وهذه حكمة سويسرية تقول : اللسان المدجن عصفور نادر .
– يقول اللسان للجوارح كل صباح وكل مساء : كيف أنتُن ؟ فيقلن : بخير إن تركتنا .
– ومن كلام العرب : قال الرأس للسان : ما دمت أنت جاري ؛ فلن أعرف الراحة في حياتي .
– اللسان سيف قاطع لا يُؤمَن حده ، والكلام سهم نافذ لا يُؤمَن رده .
– وقال الإسكندر المقدوني : أعطوني لسان خطيب واحد ، وخذوا مني ألف مقاتل .
– مقتل الرجل بين فكيه . ( مثل عربي )
– سلامة الإنسان من حفظ اللسان . ( مثل عربي )
– في اللسان هلاك الإنسان . ( مثل هندي )
– وقال ميخائيل نعيمة : نهش الأسنان ولا نهش اللسان .
– وهذا ابن مسعود رضي الله عنه ، يقول : ما من شيء أولى بطول سجن من لسان .
– قال ريشيليو : ويل للرأس من اللسان .
– وقال فولتير : إننا نتحدث دائمًا أحاديث سوء حين لا يكون لدينا شيء نقوله .
– وقال ديدرو : حذاري أن يسبق لسانك تفكيرك .
– وهذا مثل إنجليزي يقول : أشد السموم فتكًا ، سِمُّ اللسان .
– وهذا مثل فارسي يقول : للسيف حدان ، وللسان مئة حد .
– قال لقمان الحكيم : لا شيء أطيب من اللسان إذا طاب ، ولا أخبث منه إذا خبث .
– ولله در الشاعر القائل :
احذرْ لسانك أيّها الإنسانُ … لا يلدغنّك إنّه ثعبانُ
– وصدق القائل : اللسان سبعٌ ضار ، وثعبانٌ ينهش ، ونارٌ تلتهب .
– وهذا شاعر لبيب يقول :
لسانك لا تذكُرْ به عورة امرئ … فكلّك عوراتٌ ولِلنّاس ألسُنُ
– ولله در الحكيم القائل : رحم الله مسلمًا حبس لسانه عن الكذب ، وقيّده عن الغيبة ، ومنعه من اللّغو ، وحبسه عن الحرام .
– وكان أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وهو من هو ، يأخذ بلسانه ويبكي ، ويقول : هذا أوردَني الموارد .
– وابن عباس رضي الله عنهما يقول للسانه : يا لسان ! قل خيرًا تغنمْ ، أو اسكت عن شرٍّ تسلَمْ .
– ومن أجمل ما قرأت : رُبّ كلمةٍ هوى بها صاحبُها في النار على وجهه ، أطلقها بلا عنان ، وسرّحها بلا زِمام ، وأرسلها بلا خِطام .
– ومن أمراض اللسان أكثر من عشرة أمراض ، إذا لم يُتحكّم فيه ..
فمن عيوبه : الكذب ، والغيبة ، والنميمة ، والبذاءة ، والسبّ ، والفحش ، والزور ، واللّعن ، والسخرية ، والاستهزاء ، وغيرها .
” وهديناه النجدين “.
– فإن اللسان طريقٌ للخير ، وسبيلٌ للشر ، فيكون في الخير مَن ذكر اللهَ به ، واستغفار وحمد ، وتسبّيح وشكر وتوبة ، ويكون في شر مَن هتك الأعراض ، وجرح به الحرمات ، وثَلَم به القِيَم .
– قال ميخائيل نعيمة : إنّها الثرثرة تخلق المشكلات ، إنّه اللسان يثير النعرات ، فلو كان للناس أن يلجموا ألسنتهم عن الكلام لما كان بينهم خصام ؛ فلألجم لساني .
– وهذا ابن الجوزي رحمه الله يقول : رب كلمة جرى بها اللسان ، هلك بها الإنسان .
– وقال سيحموند فرويد : الحقيقة تظهر مع زلات اللسان .
– وقال جول سيمون : إن تعلم الدروس وحفظ القواعد أو المختصرات عن ظهر قلب ، ثم تردادها وتقليدها جيدًا يشكل ثقافة مسلية ، وفيها نجد كل جهد هو عبارة عن إيمان واعتقاد بمعصومية الأستاذ ، وهي لا تؤدي بالنهاية إلا إلى خفض مستوانا وجعلنا عاجرين .
– وقال الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- : احرص على حفظ القلوب من الأذى ، فرجوعها بعد تنافر يصعب ؛ إن القلوب إذا تنافر ودها ، شبه الزجاجة كسرها لا يشغب .
– وهذا لقمان يعظ ابنه قائلًا له : يا بني إذا افتخرت الناس بحسن كلامهم ، فافتخر أنت بحسن صمتك .
– قال الحسن البصري : اللسان أمير البدن ، فإذا جنى على الأعضاء شيئًا جنت ، وإذا عفا عفت .
– وما أجمل كلام الشافعي الذكي الألمعي :
ضحكتُ فقالوا ألا تحتشم ؟ … بكيتُ فقالوا ألا تبتسم ؟
بسمتُ فقالوا يرائي بها … عبستُ فقالوا بدا ما كتم
صَمَتُّ فقالوا كليل اللِسان … نطقتُ فقالوا كثير الكلم
حلمتُ فقالوا صنيع الجبان … ولو كان مقتدرًا لانتقم
بسلتُ فقالوا لطيشٌ به … وما كان مجترئًا لو حكم
فأيقنتُ أني مهما أرد رضا … الناس لا بد من أن أُذم
– حتى هتلر يدلو بدلوه ، فقد قال : اللسان الطويل دلالة على اليد القصيرة .
– أما العقاد العبقري وصاحب العبقريات ؛ فيقول : إذا عجز القلب عن احتواء الصدق ، عجز اللسان عن قول الحق .
– علي رأي المثل : لسانك حصانك ، إن صنته صانك ، وإن خنته خانك .
من أعظم الأمثال المعبرة عن اللسان ، فكن دائمًا حريصًا علي ما تقوم به ؛ لأن اللسان أحيانًا يكون أوجع من الرصاص !
ففى القلب أحيانًا تكون الرصاصة طلقة رحمة تدخل القلب فيموت ولا يشعر بشيء بعد ذلك ، ولكن اللسان طلقات وطعنات لا تجعل القلب يموت ، وإنما تجعله يتعذب ويتوجع من قساوة الكلمات المطلقة منه ؛ فكن حريصًا أخي العزيز فى ما تقول دائمًا ، واجعل كلمة الله وأسماءه علي لسانك دائمًا ، واجعل ذكر الله هو قائد لسانك فى كل وقت وكل حين ؛ ليكون لسانك نظيفًا وطاهرًا وغير مسموم ؛ لأنه سيشهد عليك يوم القيامة .
– لله در الشافعي القائل :
احفظ لسانك أيها الإنسان … لا يلدغنك إنه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه … كانت تهاب لقاءه الأقران
– وهذا صالح عبد القدوس يقول :
زن الكلام إذا نطقت ولا تكن … ثرثارة في كل واد تخطب
واحفظ لسانك واحترز من لفظه … فالمرء يسلم باللسان ويعطب
– والمعصوم صلى الله عليه وسلم يقول : ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت “. (متفق عليه)
– قال الربيع بن خثيم -رحمه الله- : أقلوا الكلام ، إلا بتسع : تسبيح ، وتكبير ، وتهليل ، وتحميد ، وسؤالك الخير ، وتعوذك من الشر ، وأمرك بالمعروف ، ونهيك عن المنكر ، وقراءة القرآن . (حلية الأولياء)
– كيف قُتل المتنبي ؟
بيت الشعر هذا الخاص بأبي الطيب المتنبي الذي يقول :
الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني … وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ
كان سببًا في مقتله ؛ أي كان قتيل لسانه !
وُلد أحمد بن الحسين بن الحسن المنحجي المشهور ( بأبي الطيب المتنبي ) عام 915م بالكوفة ، وكان من أعظم شعراء العرب ، وأكثرهم تمكنًا من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها ، كما كانت له مكانة سامية لم يحظ بها شعراء عصره ، ولُقِّب بأنه نادرة زمانه ، وأعجوبة عصره .
سمع المتنبي عن ( سيف الدولة الحمداني ) وحبه للعلم والعلماء والشعر والشعراء ؛ فذهب إليه وطلب منه أن يمدحه ، فأُعجب سيف الدولة بشعره ، وبدأ في هذا التوقيت علاقة وطيدة بينهما ، وكتب المُتنبي العديد من أبيات الشعر التي يمدح فيها سيف الدولة ، ولهذه القصائد مكانة رفيعة للمتنبي عند سيف الدولة .
ومع مرور الوقت ، أوقع أعداء المتنبي بينه وبين سيف الدولة ، ومع اضطراب الأحداث وتوتر العلاقة بينهما في هذه الفترة ، غادر المُتنبي إلى مصر طمعًا في ولاية من ( كافور الإخشيدي ) ، وقام المتنبي بمدحه على الرغم من أن المتنبي لم يكن يحبه ، فكان مدحه غير صاف ، لكن الإخشيدي انتبه إليه ولم يُقَرِّبه منه ولم يعطه أي شيء ؛ مما جعل المُتنبي يهجو الإخشيدي ويهجو مصر بعد ذلك .
ثم هاجر المتنبي إلى بغداد مع مجموعة من طلابه ومحبيه ، وكان معه خادمه وابنه ، وأثناء سيرهم قابلهم رجلٌ يُدعى ( فاتك بن أبي جهل الأسدي ) يرافقه مجموعة من رجاله ، وهذا الرجل سبق أن هجاه المتنبي ، فعندما رآه المتنبي فرّ هاربًا ، وعندما أوشك على الفرار ، قال له غلامه : { لا يتحدّث الناس عنك بالفرار وأنت القائل : الخَيْلُ وَاللّيْلُ وَالبَيْداءُ تَعرِفُني وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَمُ } .. فردّ عليه المتنبي قائلًا : { قتلتني قتلك الله } ، ثم عاد وقاتل الرجل الذي كان قد هجاه حتى قُتل على يد هاجيه عام 965م .
– سُئل المعلم صلى الله عليه وسلم : أي المسلمين أفضل ؟
قال : ” من سلم المسلمون من لسانه ويده “. (متفق عليه)