الإمام السهيلي

الإمام السهيلي :

هو عبد الرحمن بن عبدالله بن أحمد الخثعمي السهيلي ، والسهيلي نسبةً إلى بلدته ( سهيل ) وهي قريبةٌ من ( مالقة ).

ذكَر الذهبي أنَّ البلدة سُمِّيتْ بذلك ؛ لأنَّه لا يُرَى ( سهيل ) النجم المعروف في جميع بلاد الأندلس إلا من جبلٍ مطلٍّ على هذه البلدة .

تلقَّى العلم في بلَدِه ، وحَفِظ القُرآن ومتونَ العلم المختلفة ، وقد نشأ في أسرة علمٍ وفضل ؛ فأبوه خطيبٌ وعالم ، وجدُّه كذلك خطيبٌ وعالم ، وخالُه محمد بن خير صاحب الفهرست الشهير كذلك عالم ، كما ذكَر ذلك الحافظُ العراقيُّ في كتابه [ الباعث الحثيث ].

لَمَّا بلغ الإمام السهيلي السابعة عشرة من عمره فقَدَ بصَرَه ، وما زال يجدُّ في طلبه العلم حتى أصبح عالمًا جليلًا في العربية والقراءات والنحو والتفسير والحديث والفقه والأصول والتاريخ ، وكان شاعرًا مُجِيدًا مُكثِرًا .

كان السهيلي يعيشُ في بلده عيشة ضِيق ، ولكنَّه كان عفيفَ النفس ، يتبلَّغ بالكَفاف إلى أنْ طلَبَه سُلطان مُرَّاكش ، فذهب إليه فأكرَمَه ونال عنده حظوةً ، وأقامَ فيها نحو ثلاث سنين ، وصنَّف فيها عددًا من كتبه ومات فيها .

ولي قضاءَ الجماعة فحمدتْ سِيرته ، وكان سكن إشبيلية مدَّة .

من أساتذته أبو بكر بن العربي القاضي المشهور ، وابن الطراوة وعنه أخَذ العربيَّة .

ومن تلامذته أبو الحجاج بن الشيخ ، والحافظ أبو محمد القرطبي ، وأبو الحسن بن السراج .

تُوفِّي بمُرَّاكش سنة 581 هـ ، رحمه الله رحمةً واسعة .

ندعوكم لقراءة : الإمام أبو ثور

[ الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام ] ، و [ مسألة السر في عور الدجال ] ، و [ التعريف والإعلام فيما أبهم في القُرآن من الأسماء والأعلام ] ، و [ مسألة رؤية الله والنبي في المنام ].

و [ شرح كتاب الجمل ] ( ولم يتمَّه ) ، وكتاب الجمل للزجاجي عبد الرحمن بن إسحاق المتوفَّى سنة 339 هـ ، وقد ذكَر إسماعيل باشا في كتابه [ هدية العارفين ] عددًا آخَر من كتبه .

ومن شِعره هذه الأبيات التي قالها عندما مَرَّ ببلدته سهيل بعدما خرَّبَها الأعداء وقتلوا أهله وأقاربه الذين كانوا فيها ، وكان هو غائبًا عنها ، فوقف وقال :

يَا دَارُ أَيْنَ البِيضُ وَالآرَامُ … أَمْ أَيْنَ جِيرَانٌ عَلَيَّ كِرَامُ

رَابَ المُحِبَّ مِنَ المَنَازِلِ أَنَّهُ … حَيَّا فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ سَلاَمُ

لَمَّا أَجَابَنِيَ الصَّدَى عَنْهُمْ وَلَمْ … يَلِجِ المَسَامِعَ لِلْحَبِيبِ كَلاَمُ

طَارَحْتُ وُرْقَ حَمَامِهَا مُتَرَنِّمًا … بِمَقَالِ صَبٍّ وَالدُّمُوعُ سِجَامُ

يَا دَارُ مَا فَعَلَتْ بِكِ الأَيَّامُ … ضَامَتْكِ وَالأَيَّامُ لَيْسَ تُضَامُ

يا مَنْ يَرى ما في الضمير ويسمعُ … أنت المُعَدُّ لكل ما يُتوقعُ

يا مَنْ يُرجّى للشدائد كلها … يا منْ إليه المشتكى والمفزعُ

يا مَنْ خزائن رزقه في قول كنْ … امننْ فإن الخير عندك أجمعُ

ما لي سوى فقري إليك وسيلة … فبالافتقار إليك ربي أضرعُ

ما لي سوى قرعي لبابك حيلة … فلئن رددت فأي باب أقرعُ

ومن الذي أدعو وأهتفُ باسمه … إن كان فضلك عن فقيرك يُمنعُ

حاشا لمجدك أن تقنّط عاصيًا … الفضلُ أجزلُ والمواهبُ أوسعُ

Exit mobile version