الإمام أبو ثور :
القليل منا من سمع أو قرأ عن الإمام المجتهد الثقة ، مفتي العراق ، أبي ثور الكلبي البغدادي ؛ وها أنذا أحيلك إلى كتاب [ سير أعلام النبلاء ] للعالم العلامة شمس الدين الذهبي -رحمه الله تعالى- ؛ لتقترب من أحد علماء المسلمين المتميزين :
كتب عنه الذهبي :
إبراهيم بن خالد ، الإمام الحافظ الحجة المجتهد ، مفتي العراق أبو ثور ، الكلبي البغدادي الفقيه ، ويكنى أيضًا أبا عبدالله .
وُلِد في حدود سنة سبعين ومائة .
وسمع من : سفيان بن عيينة ، وعبيدة بن حميد ، وأبي معاوية الضرير ، ووكيع بن الجراح ، وابن علية ، ويزيد بن هارون ، ومعاذ بن معاذ ، وروح بن عبادة ، وأبي قطن ، وأبي عبدالله الشافعي ، وطبقتهم .
حدث عنه : أبو داود ، وابن ماجه . وقيل : إن مسلمًا روى عنه في مقدمة [ صحيحه ] ، وإنما روى عن إبراهيم بن خالد اليشكري ، وهو آخر إن شاء الله .
وروى عنه أيضًا : قاسم بن زكريا المطرز ، وأحمد بن الحسن الصوفي ، وأبو القاسم البغوي ، ومحمد بن إسحاق السراج ، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري ، وخلق سواهم .. وجمع وصنَّف .
قال أبو بكر الأعين : سألت أحمد بن حنبل عنه ، فقال : أعرفه بالسُّنَّة منذ خمسين سنة ، وهو عندي في مسلاخ ، سفيان الثوري .
وقال النسائي : ثقة مأمون ، أحد الفقهاء .
وقال أبو حاتم بن حبان : كان أحد أئمة الدنيا فقهًا وعلمًا وورعًا وفضلًا .
صنَّف الكتب ، وفرَّع على السنن ، وذب عنها ، رحمه الله تعالى .
ذكره الخطيب ، وأثنى عليه ، وقال : تُوفي في صفر سنة أربعين ومائتين .
قلت : عاش سبعين سنة أو أكثر .
قرأت على عمر بن عبد المنعم ، عن أبي اليمن زيد بن الحسن ( ح ) وأنبأنا عبد الرحمن بن محمد الفقيه وجماعة ، قالوا : أخبرنا أبو اليمن ، وأبو حفص المعلم ( ح ) ، وأخبرنا المقداد بن أبي القاسم إجازة ، أخبرنا عبد العزيز بن الأخضر ( ح ) ، وأنبأنا يحيى بن أبي منصور الحنبلي ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، وعبد العزيز بن منينا ، قالوا أربعتهم : أخبرنا محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي في الرابعة ، أخبرنا عبدالله بن إبراهيم بن ماسي ، حدثنا إبراهيم بن موسى الجوزي ، حدثنا أبو ثور الكلبي ، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن حميد ، عن بكر بن عبدالله ، عن أبي رافع ، عن أبي هريرة ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقيه في طريق من طرق المدينة ، وهو جنب ، فانسل ، فذهب ، فاغتسل ، ففقده رسول الله ، فلما جاء ، قال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قال : يا رسول الله ، لقيتني وأنا جنب ، فكرهت أن أجالسك ، قال : ” إن المؤمن ، لا ينجس ”.
( صحيح ، تفرد به حميد الطويل ، أخرجه أصحاب الكتب الستة من طريق ابن علية ، وجماعة عنه ).
وقد كان أحمد يكره تدوين المسائل ، ويحض على كتابة الأثر ، فقال عبد الرحمن بن خاقان : سألت أحمد بن حنبل عن أبي ثور ، فقال : لم يبلغني عنه إلا خير ، إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيرونه في كتبهم .
وقيل : سئل أحمد عن مسألة ، فقال للسائل : سل غيرنا ، سل الفقهاء سل أبا ثور .
وقال بدر بن مجاهد : قال لي سليمان الشاذكوني : اكتب رأي الشافعي ، واخرج إلى أبي ثور ، ولا يفوتنك بنفسه .
قال الخطيب : كان أبو ثور يتفقه أولًا بالرأي ، ويذهب إلى قول العراقيين ، حتى قَدِم الشافعي ، فاختلف إليه ، ورجع عن الرأي إلى الحديث .
وقال أبو حاتم يتكلم بالرأي ، فيخطئ ويصيب ، ليس محله محل المسمعين في الحديث .
قلت : بل هو حجة بلا تردد .
مات في صفر سنة أربعين ومائتين .