الأرزاق شتى
الأرزاق شتى :
لله در الشاعر القائل :
عجبت للدنيا ورغبة أهلها … والرزق فيما بينها مقسومُ
والأحمق المقسوم أعجب ما أرى … من أهلها والعاقلُ المحرومُ
ثم انقضى عجبي لعلمي أنه … رزقٌ موافٍ وقته معلوم
الصحة رزق ، والزوجة الصالحة رزق ، والأولاد رزق ، والستر رزق ، والعافية رزق ، وبرك بوالديك رزق ، واستقامتك رزق ، والصحبة الطيبة رزق ، والمال رزق ، فالأرزاق شتى ، والله هو الرزاق العليم .
قال حكيم : ربما يكون رزقك أنك سليم معافى من أي مرض ، أو تكون في سـتر من الله لكل أخطائك ، أو تكون في لطـف منه سبحانه وتعالي فينقـذك في آخر لحظة ، أو تكون في محبة يضعها لك في قلوب عباده ، أو في عائلة دافـئة ، أو في راحة البال والسكينة .
الأرزاق شـتــى ، فلا تحصرها في الماديات فقـط .
- بارك لي في رزقي :
كان أحد الصالحين يدعو ؛ فيقول : اللهم بارك لي في رزقي .
فسأله أحدهم : لِمَ لَمْ تقل اللهم ارزقني ؟
قال : إن الله ضمن الرزق لكل حيّ من خلقه ، ولكني أسأله البركة في الرزق ؛ فهي جُندٌ خفيٌّ من جنود الله ، إذا حلّت في المال أكثرته ، وفي الولد أصلحته ، وفي القلب أسعدته .
فالأرزاق بيد الله وحده ، سبحانه وبحمده ، ولا يمكن لأي كائن على وجه الأرض أن يمنع رزقك ، سيأتيك حتمًا ، فهو القائل ، عز من قائل : ” وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ “. (الذاريات : 22)
قال ابن كثير رحمه الله : قال الله تعالى : ( وفي السماء رزقكم ) يعني : المطر ، ( وما توعدون ) يعني : الجنة .
قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد .
وقال سفيان الثوري : قرأ واصل الأحدب هذه الآية : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) فقال : ألا إني أرى رزقي في السماء ، وأنا أطلبه في الأرض ؟ فدخل خربة فمكث [ فيها ] ثلاثًا لا يصيب شيئًا ، فلما أن كان في اليوم الثالث إذا هو بدوخلة من رطب ، وكان له أخ أحسن نية منه ، فدخل معه فصارتا دوخلتين ، فلم يزل ذلك دأبهما حتى فرق الموت بينهما .
ويقول الدكتور محمد سيد طنطاوي في الوسيط : الآية الكريمة وإن كانت تلفت الأنظار إلى أسباب الرزق وإلى مباشرة هذه الأسباب ، إلا أنها تذكر المؤمن بأن يكون اعتماده على خالق الأسباب ، وأن يراقبه ويطيعه في السر والعلن ؛ لأنه سبحانه هو صاحب الخلق والأمر .
- الرزق مقسوم :
قال الشافعي رحمه الله :
توكّلتُ في رزقي على اللهِ خالِقي … وأيقنتُ أنّ اللهَ لا شكَّ رازِقي
وما يَكُ مِن رزقي فليس يفوتُني … ولو كان في قعرِ البحارِ الغَوامِقِ
سيأتي به اللهُ العظيمُ بفضلِه … ولو لم يكن مني اللسانُ بناطقِ
ففي أيِّ شيءٍ تذهبُ النفسُ حسرةً؟ … وقد قَسَّم الرحمنُ رزقَ الخلائقِ
- لا يؤخذ بالمنازعة :
اطمئن يا عبدالله ؛ فالرزق لا يُؤخذ بالمنازعة ، بل يسوقه الملك جل في علاه ، من أوسع أبواب اللطف والرضا وتيسير الأسباب .
سبحانه .. سبحانه .
ندعوكم لقراءة : قالوا عن القناعة
- حمدك لله تبارك وتعالى رزقٌ كبير :
لله در الشاعر القائل :
لك الحمدُ كلَّ الحمد يا بارئَ الورى … ويا رازقَ المخلوق يا واسعَ الكَرمْ
لك الحمدُ بالإسلام دينًا شرعتَهُ … فأحيا من الأخلاق ما رَمَّ وانهدم
لك الحمدُ بالقرآن دستور أمةٍ … به اصْطُفِيَت عمّا سواها من الأمم
لك الحمدُ بالمختارِ أحمدَ مرسلًا … أتانا بنور الحق يمحو دُجَى الظُلَم
لك الحمدُ أنْ عافيتنا وكفيتَنا … وأوليتنا -يا ربُّ- مِن سائر النِّعم
فاللهم ارزقنا حبك ، وحب من يحبك ، وحب كل عمل صالح يقربنا إلى حبك .
- رزق الله واسع :
رزق الله عز وجل واسع ومبسوط ليس له حدود ، وبيده وحده مفاتيح الرزق ؛ يقول تعالى : ” إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ “. (الذاريات : 58)
وقد اقتضت حكمته البالغة في دنيا الناس أن يوزع الأرزاق ؛ والأرزاق شتى ، يوزعها على عباده بحسب حاجتهم وقدرة تحمُّلهم له ، ولذلك جعل الله الحكيم الخبير ، هذا غنيًّا وهذا فقيرًا ، وآخر بين هذا وذاك ؛ لعلمه سبحانه وتعالى أن من أغناه لا يصلح له الفقر ؛ لأنه لو أفقره لفسد عليه دينه ، وخسِر الدنيا والآخرة ، وكذلك من أفقره لا يصلح له الغنى ؛ لأنه لو أغناه لفسد عليه دينه وخسِر الدنيا والآخرة .
سبحانه من إله .
اللهم جلَّت قدرتك ، وتعالَت حكمتك ، وتبارك اسمُك ، وتَعالى جَدُّك ، وَلا إِله غيرك .
اللهمّ ارزقنا رزقًا يزيدنا لك شكرًا ، وإليك فاقةً وَفقرًا ، وبك عمن سواك غِنى .
- الرزق لا ينبغي ادخاره :
قال الأديب والمفكر البرازيلي العالمي ” باولو كويلو ” :
{ الرزق لا ينبغي ادخاره ، بل التنعم به .. ولا يوجد بنك يمكن أن نودع به النعم التي يمن الله بها علينا ، وإذا لم نعشها ، فقد نفقدها للأبد .. ولكل يوم معجزته ، ويجب أن نقبل نعمة اليوم لكي نبدع فيما لدينا ، وحين نفعل ذلك بإخلاص ودون شعور بالذنب ، سيرزقنا غدًا نعمة جديدة }.
- من غير حيلة :
لا عجب مطلقًا من أمر الله ، لا يُسأَل عما يفعل ، وهم يُسأَلون ، ونحن نُسأل ، يقول أبو جعفر الكاتب :
قد يُرزَق المرء من غير حيلةٍ صدرتْ … ويُصرَف الرزق عن ذي الحيلة الداهي
ما مسني من غِنى يومًا ولا عدم … إلا قولي عليه : الحمدُ للهِ