أإله مع الله
أإله مع الله :
– قال الشافعي رحمه الله :
ما شئتَ كان وإن لم أشأ … وما شئتُ إن لم تشأ لم يكنْ
خلقتَ العباد لما قد علمتَ … ففي العلم يجري الفتى والمُسِنْ
فمنهم شقيٌّ ومنهم سعيدٌ … ومنهم قبيحٌ ومنهم حسنْ
على ذا مَنَنْتَ وهذا خَذَلْتَ … وذاك أَعَنْتَ وذا لم تُعِنْ
– قال الله تبارك وتعالى في سورة النمل :
” قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (66) “.
– وفي التفسير :
عن تفسير الجلالين :
«قل» يا محمد «الحمد لله» على هلاك الكفار من الأمم الخالية «وسلام على عباده الذين اصطفى» هم «آلله» بتحقيق الهمزتين وإبدال الثانية ألفًا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه «خير» لمن يعبده «أمّا تشركون» بالتاء والياء أي أهل مكة به الآلهة خير لعابديها .
«أمَّن خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماءً فأنبتنا» فيه التفات من الغيبة إلى التكلم «به حدائق» جمع حديقة وهو البستان المحوط «ذات بهجةِ» حُسن «ما كان لكم أن تنبتوا شجرها» لعدم قدرتكم عليه «أإلهٌ» بتحقيق الهمزتين وتسهيل الثانية وإدخال ألف بينهما على الوجهين في مواضعه السبعة «مع الله» أعانه على ذلك أي ليس معه إله «بل هم قوم يعدلون» يشركون بالله غيره .
«أمَّن جعل الأرض قرارًا» لا تميد بأهلها «وجعل خلالها» فيما بينها «أنهارًا وجعل لها رواسي» جبالًا أثبت بها الأرض «وجعل بين البحرين حاجزًا» بين العذب والملح لا يختلط أحدهما بالآخر «أإلهٌ مع الله بل أكثرهم لا يعلمون» توحيده .
«أَمَّن يجيب المضطر» المكروب الذي مسه الضر «إذا دعاه ويكشف السوء» عنه وعن غيره «ويجعلكم خلفاء الأرض» الإضافة بمعنى في ، أي يخلف كل قرن القرن الذي قبله : «أَإِله مع الله قليلًا ما تذكَّرون» تتعظون بالفوقانية والتحتانية وفيه إدغام التاء في الذال وما زائدة لتقليل القليل .
«أمَّن يهديكم» يرشدكم إلى مقاصدكم «في ظلمات البر والبحر» بالنجوم ليلًا وبعلامات الأرض نهارًا «ومن يرسل الرياح بُشرًا بين يديْ رحمته» قدام المطر «أَإِله مع الله تعالى الله عما يشركون» به غيره .
«أمَّن يبدأ الخلق» في الأرحام من نطفة «ثم يعيده» بعد الموت وإن لم تعترفوا بالإعادة لقيام البراهين عليها «ومن يرزقكم من السماء» بالمطر «والأرض» بالنبات «أَإِله مع الله» أي لا يفعل شيئًا مما ذكر إلا الله ولا إله معه «قل» يا محمد «هاتوا برهانكم» حجتكم «إن كنتم صادقين» أن معي إلهًا فعل شيئًا مما ذكر ، وسألوه عن «قل لا يعلم من في السماوات والأرض» من الملائكة والناس «الغيب» أي ما غاب عنهم «إلا» لكن «الله» يعلمه «وما يشعرون» أي كفار مكة كغيرهم «أيان» وقت «يبعثون» وقت قيام الساعة .
«بل» بمعنى هل «أدرك» وزن أكرم ، وفي قراءة أخرى ادّارَكَ بتشديد الدال وأصله تدارك أبدلت التاء دالًا وأدغمت في الدال واجتلبت همزة الوصل أي بلغ ولحق أو تتابع وتلاحق «علمهم في الآخرة» أي بها حتى سألوا عن وقت مجيئها ليس الأمر كذلك «بل هم في شك منها بل هم منها عمون» من عمى القلب وهو أبلغ مما قبله والأصل عميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الميم بعد حذف كسرتها . (انتهى)
– ولله در القائل : كلما استكثرتَ معرفة عجائب المصنوعات ، كانت معرفتك بجلال الصانع أتم .
سبحانك بهرتنا آلاؤك ، وغاب عنا لألاؤك .