مستقيم ومائل :
في دنيا الناس ، هناك المستقيم ، وهناك المائل ، في كثير من المسائل ، وللشيطان حبائل ، وكثير من الوسائل .
فالمستقيم عظيم الشمائل ، كريم الفضائل .
أما الآخر فهو عن الحق مائل ، وفي الشر له دخائل ؛ وهو نَمَّامٌ جائل ، ولله در القائل :
{ لا تصدق كل ما يُقال عن الآخرين ، فالشخص قد يكون مستقيمًا ، لكن من يعكس صورته هو المائل }.
وصدق الشاعر القائل :
وبعض البشر كبعض الشجر … جميل القوام رديء الثمر
وفرز النفوس كفرز الصخور … ففيها النفيس وفيها الحجر
فالحذار الحذار ، والأخذ في الاعتبار ، ألا تقع فيما يغضب الجبار .
فما أعظم ما جاء به القرآن الكريم ، وكذلك السُّنَّة النبوية المطهرة ، فكم حذرانا من أهل السوء ؛ من أصحاب الأغراض والأمراض ، الذين يتمنون ويتفننون في خراب العلاقات الإنسانية بين الأفراد بعضهم البعض ، وبين الأسر والعائلات ، حتى في المجتمعات ، بل والشعوب والدول وقطع للعلاقات !!
وهم موجودون في كل زمان ومكان ، يتفننون في الإيقاع بين الناس .
وما الحرب العالمية الثانية منا ببعيد .
- المستقيم لؤلؤ نفيس :
هناك نوعٌ من البشر كاللؤلؤ النفيس : صحبتهم “شرف” ، ورفقتهم “ضمان” ، والتواصل معهم “حق” ، ونسيانهم “محال” ، والدعاء لهم “واجب”.
هم كحملة المسك ؛ إما أن يحذوك ، وإما أن تبتاع منهم ، وإما أن تجد منهم ريحًا طيبة .
هؤلاء هم أهل الاستقامة ، أهل العزة والكرامة ، أهل الفضل والابتسامة .
- في البيت الواحد :
يوجد -أحيانًا- الكريم واللئيم في البيت الواحد ، الصالح والطالح ، التقي والشقي ، وغير ذلك ممن هم على طرفي النقيض ، ويكون الأب واحدًا ، والأم واحدة ، والهداية إنما تكون من الله جل في علاه .
- النبي وعمه :
قال الله الهادي جل في علاه :
« إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ». (القصص : 56)
وفي التفسير للإمام ابن كثير :
يقول تعالى لرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه : إنك يا محمد ( إنك لا تهدي من أحببت ) أي : ليس إليك ذلك ، إنما عليك البلاغ ، والله يهدي من يشاء ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، كما قال تعالى : ( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ) [البقرة : 272] ، وقال : ( وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ) [يوسف : 103] .
وهذه الآية أخص من هذا كله ؛ فإنه قال : ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ) أي : هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية ، وقد ثبت في الصحيحين أنها نزلت في أبي طالب عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد كان يحوطه وينصره ، ويقوم في صفه ويحبه حبًّا [ شديدا ] طبعيًّا لا شرعيًّا ، فلما حضرته الوفاة وحان أجله ، دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإيمان والدخول في الإسلام ، فسبق القدر فيه ، واختطف من يده ، فاستمر على ما كان عليه من الكفر ، ولله الحكمة التامة .
- حامل المسك ونافخ الكير :
الجليس الصالح هو المستقيم على الجادة ، والجليس السوء هو المائل بزاوية حادة .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” إِنَّمَا مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالحِ والجَلِيسِ السّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِير ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً “. (متفق عليه)
- والجن مسلمٌ وقاسط :
قال الله الملك الحق على لسانهم :
« وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا *
وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا ». (الجن : 14-17)