لا يضيع أجر المحسنين :
قال الله تبارك وتعالى :
” وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ “. (هود : 115)
- الوسيط : يقول الدكتور محمد سيد طنطاوي رحمه الله :
« وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ».
أي : واصبر أيها الرسول الكريم أنت ومن معك من المؤمنين على مشاق التكاليف التي كلفكم الله -تعالى- بها ، فإنه -سبحانه- لا يضيع أجر من أحسن عملا ، بل يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب .
- قال الآلوسى رحمه الله :
ومن البلاغة القرآنية أن الأوامر بأفعال الخير أفردت للنبي صلى الله عليه وسلم وإن كانت عامة في المعنى ، والمناهي جمعت للأمة ، للدلالة على عظم منزلة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم .
- مع الطبري :
يقول الإمام أبو جعفر الطبري رحمه الله تعالى :
يقول تعالى ذكره : واصبر ، يا محمد ، على ما تلقى من مشركي قومك من الأذى في الله والمكروه ، رجاءَ جزيل ثواب الله على ذلك ، فإن الله لا يضيع ثوابَ عمل من أحسن فأطاع الله واتبع أمره ، فيذهب به ، بل يوَفّره أحوجَ ما يكون إليه .
– إذا أحسنت :
إذا أحسنت لمن أحسن إليك ؛
فأنت البر الوفي .
وإذا أحسنت لمن لم يحسن إليك ؛
فأنت الكريم الخفي .
وإذا أحسنت لمن أساء إليك ؛
فأنت المؤمن الصفي .
ثق أن أجرك محفوظ ، وثوابك مضمون ، والحافظ هو الله ربّ العالمين .
– رأي مختلف للقرطبي :
للإمام القرطبي رحمه الله رأي غير ما قاله المفسرون السابقون ، تعالوا لنرى ما قال الإمام :
قوله تعالى : واصبر أي على الصلاة ؛ كقوله : وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها .
وقيل : المعنى واصبر يا محمد على ما تلقى من الأذى .
فإن الله لا يضيع أجر المحسنين يعني المصلين .
– المحسنون :
وفي سؤال عمن هم المحسنون ، أجاب فضيلة العالم العلامة ابن باز رحمه الله تعالى بقوله :
يقول الله تعالى : ” وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ” (البقرة : 195) ، ويقول جل وعلا : ” إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ” (النحل : 128) ، فالإحسان : هو أداء الواجبات وترك المحرمات والاجتهاد في أنواع الخير ، زيادة على ذلك من الصدقة على الفقير ومواساة المحتاج ، والإعانة على الخير ، وعيادة المريض ، الشفاعة في حق المظلوم ونصره ، ردع الظالم ، تشميت العاطس ، رد السلام ، البداءة بالسلام ، الأمر بالمعروف ، النهي عن المنكر ، الدعوة إلى الله ، تعليم الناس الخير .
هكذا أهل الإحسان هم الذين يؤدون الواجبات وينتهون عن المحرمات ، ومع ذلك يجتهدون في وجوه الخير ، وأعمال الخير الذي لا تجب عليهم يجتهدون فيها حتى يستوفوا منها الخير الكثير كما في الحديث ؛ يقول ﷺ لما سُئل عن الإحسان قال :
” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك “.
فالمحسن يعبد الله كأنه يراه كأنه يشاهده ، فإن لم يستحق هذه الدرجة عمل على أن الله يراقبه ، وأن الله تعالى يطلع على أعماله وهو يستحضر هذه المشاهدة ، يستحضرها حتى يكون ذلك أشجع له على فعل الخيرات ، والمسارعة إلى الطاعات ، والكف عن المحرمات ، والعناية بالواجبات ؛ هكذا المحسن ، يحرص على كل خير من واجب ومستحب ويتباعد عن كل شر وعن كل ما ينبغي تركه ولو كان غير محرم .
ويقول الدكتور محمد راتب النابلسي : المحسن هو مَن أحسن في عقيدته ، وأحسن في استقامته ، وأحسن في عمله ، هؤلاء هم المحسنون .